من كل فج عميق.. تستضيف الأراضى المقدسة حجاج بيت الله الحرام.. الذين يسر لهم الواحد الأحد.. أداء فريضة الحج فى أيام معدودات.. رحلة روحانية يولد خلالها الإنسان من جديد.. ويكتشف الآفاق الطبية التى قد تكون غائبة عنا.. فى المكان الذى نسكن ونعمل فيه.
فى هذا المؤتمر الإسلامى العظيم.. يلتقى هؤلاء الطيبون.. يتعارفون.. ويدعون ويكبرون.. واستعادة ما شهده هذا المكان العظيم من أحداث وعلامات على مر التاريخ.. ويتبادلون مشاعر الود.. ويترجمون للعالم الهدف الكبير.. «المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص.. يساندون بعضهم بعضا.. كالجسد الواحد إذا شكا منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالشكوى».
وفى موسم الحج.. تظهر الصورة الحقيقية للأمة الإسلامية.. تضامنها وترابطها.. أهدافها المشتركة.. والغالية.. رسالة متجددة إلى العالم.. وبعد هذه الأيام المعدودات يعودون لأوطانهم كأشخاص آخرين.. يمضون فى الطريق المستقيم.
إنهم رجال تجتمع لديهم خصال الإنسانية السمحة ومكارم الأخلاق وبلادنا مليئة بالحكماء ينشرون الوعى فى كل الأرجاء.. وملهمون لكل الأجيال برؤيتهم السديدة والإيمان بالوطن.. قدموا إلى المشاعر المقدسة.. محملين بالوصايا من الأهل والأقارب.. وتنطلق حناجرهم وقلوبهم بالتكبير والدعاء وذكر الله.. يوم عرفة العظيم.
وأقولها بكل صدق وأمانة.. تصادف ونعيش تحت مظلة عواصف وأزمات.. ولكن كلها.. حلها ميسور.. وعلى الإنسان ألا يتعجل الأمور.. فكن صبوراً.. وما تريده اليوم تستطيع الوصول له.. فانشر زهور الحب فى الطرقات لتنعم برضا رب الأرض والسماوات.
احمدوا الله كثيراً.. بكرة وأصيلا.. على نعمه الكثيرة.. والأوقات المباركة تهب على القلوب المؤمنة.. وعلينا استثمار عبيرها ودروسها للارتقاء بالنفس والاقتراب بالقلوب والأفئدة من رب العالمين.
وأعظم الأيام يوم عرفة.. يوم المغفرة والعتق من النار والعودة إلى الطريق الصحيح.. وعلينا جميعاً ألا نضيع هذه الفرصة المباركة والاهتمام بالتعاون مع الآخرين.. مما يتجسد فى علاقات حسنة وأخلاق فاضلة.. دعا إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فى قوله: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق».
وفى النهاية.. حج مبرور وذنب مغفور لمن تيسر لهم أداء الفريضة.. وكل الأمنيات أن يكون للباقين نصيب فى الأعوام القادمة.. بإذن الله.. ويارب.. أيام سعيدة عليكم جميعاً.. اللهم آمين.