خلال شهرٍ واحد، تلقيتُ خمس رسائل مختلفة من مرضى السرطان أو ذويهم، جميعهم يشتركون فى طلبٍ واحد، «ساعدونا فى توفير العلاج».
قد يبدو الطلب بسيطًا لمن لم يعايش تفاصيل المعاناة، لكنه فى الحقيقة يحمل فى طياته دموع أمهات، وخوف آباء، ونظرات أطفال لا يفهمون لماذا تتساقط الأجساد أمام أعينهم، هذا الطلب يحمل نداء خلفه أرواح أنهكها الانتظار، وجيوب أفرغها المرض.
الجميع يؤكد أن الدولة، مشكورة، توفر جزءًا من العلاج، سواء عبر نفقة الدولة أو التأمين الصحي- لكن المشكلة تبدأ عند الوصول إلى الأدوية التى تخرج عن بروتوكولات العلاج المعتمدة، هذه الأدوية، تكون عبًا ثقيلًا تعجز معظم الأسر عن توفيرها، خصوصًا أن بعضها يتجاوز ثمنها 50 ألف جنيه، ولا تكفى سوى أسبوعين فقط.
ولأننا نؤمن بأن الدولة لا تتأخر عن أبنائها، نتمنى أن تمتد مظلة الدعم لتشمل هذه العلاجات الموجوده خارج البروتوكول، ولو بشكل استثنائى أو محدود لحالات حرجة، فكل لحظة تمر على مريض سرطان دون علاج هى لحظة تهديد مباشر للحياة.
نعلم أن هناك مؤسسات عظيمة تبذل جهدًا مشكورًا فى هذا المجال، مثل بيت الزكاة والصدقات المصرى وجمعية مرسال، التى تساهم فى توفير العلاجات مرتفعة التكلفة، وهناك حالات بالفعل من قراء «الجمهورية معاك» حصلوا على علاج غالى الثمن منهما، لكن رغم جهودهم، فإن هناك عوائق حقيقية؛ من مستندات يصعب على الأسر توفيرها فى الوقت المناسب، إلى جانب قوائم انتظار طويلة لا ترحم التوقيت الحرج لحالة مريض.
لهذا، نناشد كل من يستطيع، الدولة، رجال الأعمال، المجتمع المدني، الجمعيات، وحتى الأفراد أصحاب القلوب الرحيمة… أن يجعلوا من دعم مرضى السرطان أولوية.
ورغم كل هذه التحديات، لا نفقد الأمل، لأننا نعيش فى وطن اعتاد أن يمد يده فى الأوقات الصعبة-
ولأن عرض المشكلة وحده لا يكفي، دعونا نطرح بعض الحلول الواقعية التى يمكن أن تصنع فارقًا حقيقيًا:
1- توسيع بروتوكولات العلاج على نفقة الدولة والتأمين الصحي.
2- تخصيص صندوق طوارئ لعلاج مرضى السرطان من الأدوية خارج البروتوكول
يتم تمويله عبر الدولة ومساهمات رجال الأعمال والمؤسسات الخيرية، ويكون سريع الاستجابة لحالات الطارئة أصحاب الخطورة العالية.
3- إطلاق منصة إلكترونية موحدة لتسجيل حالات مرضى السرطان المحتاجين للعلاج المكلف، وتكون تابعة للدولة، وتُنسق تلقائيًا بين وزارة الصحة، وبيت الزكاة، والجمعيات الخيرية، لتقليل تكرار الطلبات وتسريع الاستجابة-
4- تحفيز شركات الأدوية العالمية والمحلية عبر الإعفاءات أو الشراكات لتوفير العلاج مجانًا أو بأسعار رمزية تحت مسمى «برامج الوصول الإنسانى للدواء».
5- تشجيع التبرع الشهرى المنتظم للأفراد.
من خلال تطبيقات مضمونة وآمنة، بحيث يمكن لكل مواطن أن يشارك بجنيه واحد يوميًا فى علاج مريض سرطان.
لا أحد يملك وحده حل الأزمة، لكن كلٌّ منا يمكن أن يكون جزءًا من الحل.
الدولة، المؤسسات، المجتمع، وحتى الأفراد العاديون.
دعونا نؤمن أن الدواء لا يجب أن يكون حلمًا بعيدًا، وأن الرحمة تحتاج فقط لإرادة.