يتابع العالم باهتمام بالغ، على مدار الساعة، تطورات المشهد فى الشرق الأوسط بعد العمليات العسكرية الإيرانية الأخيرة ضد إسرائيل وتداعياتها على استقرار وأمن المنطقة وانعكاسها على القضايا والصراعات المشتعلة بمختلف الجبهات بدءا من سوريا والعراق ومرورا بالأوضاع فى الأراضى الفلسطينية المحتلة.
«الجمهوريه الأسبوعي» يرصد للقارئ من خلال هذه التصريحات الخاصة للخبراء والمحللين السياسيين حول مستجدات الأوضاع والمنتظر حدوثه خلال الفترة القادمة.
فى البدايه أكد د.محمد مجاهد الزيات مستشار المركز المصرى للفكر والدراسات الإستراتيجية أن نتائج ما حدث بين الجبهتين الإسرائيلية والإيرانية لم تكن متوقعة، حيث أظهرت الأحداث الأخيرة ضعف الموقف الداخلى لإسرائيل.
وقال الزيات: «على الرغم من أن الضربة الإيرانية لم تسفر عن نتائج حاسمة أو كبيرة إلا أنها نجحت فى توحيد المجتمع الإسرائيلى خلف نتنياهو، الذى أراد استدراج إيران لهذه الاشتباكات المتبادلة ليكون هناك ما يستدعى الوقوف خلف الحكومة الإسرائيلية لمواجهته».
وتابع مستشار المركز المصرى للفكر والدراسات الإستراتيجية: «كان هناك حديث قوى عن ضرورة إجراء انتخابات مبكرة فى إسرائيل إلا أن الأحداث الأخيرة أحدثت حالة من التماسك لضرورة مواجهة الخطر الإيرانى وهو ما جاء فى صالح نتنياهو وحكومته».
وأضاف: «ما حدث من الجانب الإيرانى سيوحد أيضا الموقف الدولى خلف نتنياهو، كما أنه سيخفف من الضغوط على إسرائيل فيما يتعلق باقتحام رفح، وأن نتنياهو ينتظر حسم الموقف بين إسرائيل وإيران ليقتحم رفح ويحقق أهدافه».
وأردف: «الأحداث الأخيرة ستؤثر بشكل كبير ومباشر على منطقة الشرق الأوسط، وسيظهر ذلك فى ارتفاع أسعار البترول، وتأثر مضايق التجارة الدولية وخاصة السفن التى تمر عبر البحر الأحمر».
وعن الموقف الدولى تجاه حل الدولتين أكد الزيات أن جميع من يقر بحق الشعب الفلسطينى فى أن يعيش فى أراضيه هو مجرد تصريحات للاستهلاك الداخلى لاستيعاب المواقف الشعبية ضد الحكومات، وأنه لا جديد يحدث تجاه اتخاذ خطوات حقيقية فى هذا الإطار.
ومن جانبه قال السفير محمد العرابي، رئيس المجلس المصرى للشئون الخارجية، إن ما حدث بين إسرائيل وإيران يعتبر أول اشتباك بين دولة الاحتلال ودولة غير عربية، وهو ما يجعل إيران طرفا فى الخلاف العربى الإسرائيلي، حتى لو لم تحدث الضربات الإيرانية أى نتائج حقيقية على الأرض.
وأضاف العرابي: «يمكننا القول إن التأثير الحقيقى الذى أحدثته الضربات الإيرانية الأخيرة على إسرائيل هو تأثير كبير معنويا فى الداخل الإسرائيلى ولدى القيادة فى دولة الاحتلال».
وتابع: «يجب أن يعلم الجميع أن هذا التصعيد محسوم وله محدداته، ولا أرى له تطورات أكثر من ذلك فى المرحلة الحالية على الأقل فيما يخص باقى منطقة الشرق الأوسط، ولكن بالنسبة لتأثيره على القضية الفلسطينية يمكن أن يكون دافعا أكبر لحكومة إسرائيل لاقتحام رفح الفترة المقبلة».
وأشار رئيس المجلس المصرى للشئون الخارجية، إلى أن إسرائيل استفادت كثيرا من الهجمة الإيرانية، حيث أنها استطاعت أن تعيد زخم التأييد الغربى لها، بعدما كانت تقف دول الغرب أمام المجازر والانتهاكات التى تمارسها قوات الاحتلال على الأراضى الفلسطينية.
وفى السياق نفسه، أكد الدكتور طارق فهمى رئيس وحده الدراسات بالمركز القومى لدراسات الشرق الأوسط أن السيناريو القادم مرتبط بالموقف الإسرائيلى وليس الجانب الإيرانى والواضح ان الجانب الإسرائيلى سوف يستأنف عمليات الرد وهناك حديث يدور الآن داخل الأروقة الإسرائيلية حول المواقع المرجحة والأماكن المختارة وأسلوب الرد لكنه استبعد تنفيذ عمليات داخل العمق الإيرانى أو أماكن التماس معتبراً أنه من غير المؤكد أيضا ان تكون عملية الرد شاملة ومباشرة.
وقال فهمى إن السيناريو الأوقع هو العودة إلى حرب الظل بين إيران وإسرائيل وأحداث الاضطرابات الداخلية واستمرار عمليات الاغتيالات والتصفيات الجسدية واستهداف الوكلاء الإقليميين، مؤكدا أن وتيرة هذه الاعتدائات سوف تزداد فى المستقبل القريب.
وأضاف: «من الواضح ان الحاجز النفسى والسيكولوجى بين إيران وإسرائيل قد تم كسره بعملية يوم 13 من أبريل الجاري ، وبدء مرحلة المناوشات المشتركة بين الجانبين عبر الوكلاء وغير الوكلاء، وأن الجانب الإيرانى أراد تسجيل حضور فى المشهد فى الشرق الأوسط والإقليم وإن كان ما تم من عمليات عسكرية لم يكن سوى إعلان عن ذلك دون تأثير حقيقى على الأرض.
وأشار إلى أن ما حدث أيضا أخذ طابع فكرة الردع والردع المقابل بين إيران ودول غربية كبرى فما حدث من مواجهة للقوات الجوية البريطانية والأمريكية والفرنسية للمسيرات الإيرانية والتى تعاملت مع المشهد وكأنه بروفة لما هو متفق عليه.
وشدد على أنه يجب التركيز على ما وراء الضربة وعدم الإكتراث بما ان كانت وهمية أو غير وهمية.. وأضاف ان الأيام القليلة القادمة سوف تبرز معادلات سياسية وأمنية جديدة قادرة على تغيير المشهد الحالي.
ومن جانبه أكد السفير حسين هريدى مساعد وزير الخارجية الأسبق أن حالة العداء بين إيران وإسرائيل بدأت منذ إعلان الجمهورية الإسلامية فى إيران وممتد حتى الآن، مشيراً إلى أن ما حدث حتى الأيام الماضية ما هو إلا حلقة جديدة من حلقات هذا الصراع الطويل.
وأضاف السفير هريدى ان هذه المواجهة سوف تستمر وأن السلام والاستقرار فى المنطقة أصبح هدفاً بعيد المنال، وأن ما يحدث فى المنطقة حاليا سياسة مدبرة لخدمة أهداف إستراتيجية كبرى لدى عدد من القوى العالمية ومنها الولايات المتحدة الأمريكية نفسها.
وشدد السفير هريدى على ان استمرار العدوان على قطاع غزة وسياسات الاستيطان التى تنتهجها الحكومة الإسرائيلية السبب الرئيسى وراء تدهور الأوضاع لما آلت إليه الآن، وأن العالم فى حاجة لإقرار السلام فى الأراضى الفلسطينية المحتلة حقناً لهذه الدماء ولمنع انزلاق المنطقة لمزيد من الأزمات التى سوف تؤثر على العالم بأكمله.
كما إتهم هريدى الإدارة الأمريكية بتطويع سياستها لخدمة أهدافها فى المنطقة دون النظر للاعتبارات الأمنية الأخرى والاستقرار العالمي.
وأشار إلى أن إدارة الرئيس بايدن ومنذ اليوم الأول لولايتها لم تقدم سياسة واضحة لكيفية التعامل مع الأوضاع فى الشرق الأوسط ولا القضية الفلسطينية التى تعد أم الصراع فى الإقليم.
وفى سياق متصل أكد السفير على الحفنى نائب وزير الخارجية الأسبق أن هذه الصراعات والمواجهات بين إسرائيل وإيران تؤثر على استقرار وأمن منطقة الشرق الأوسط، معتبرا ان هناك عدداً من دول المنطقة تسعى لخفض وتيرة الصراع، بينما تقوم دول أخرى من بينها إسرائيل وإيران بفتح جبهات جديدة وصراعات ما كان لها أن تحدث.
وأشار إلى أن الوضع الأمنى على المستوى الإقليمى مؤلم وحزين نتيجة ما حدث فى العراق وسوريا ولبنان وأخيرا السودان، بخلاف التصرفات غير المسئولة من أطراف خارجية أدت لاتساع رقعة الصراع الحالى خاصة أعمال الاغتيالات التى استهدفت قيادات الحرس الثوري، مما أدى رد فعل عنيفاً من إيران.
وأضاف: «إن انتشار الميليشيات العسكرية فى منطقة الشرق الأوسط يمثل خطرا واضحاً على استقرار وأمن المنطقة، وأنها فى حاجة ماسة لجهود التهدئة وإعلاء لغة الحكمة والعقل قبل فوات الأوان ، وأن هناك مرحلة جديدة من الصراع والانهيار الأمنى سوف تحدث فى المنطقة.