اتجه البحث العلمى فى السنوات القليلة الماضية إلى إيجاد الحلول لأغلب المشاكل التى تواجه الدولة بهدف خدمة الاقتصاد الوطنى من خلال تقديم ابحاث تطبيقية لها مردود اقتصادى على السوق المصرى وتغنينا عن المستورد وتوفر العملة الصعبة بالإضافة إلى تخريج منتجات مصرية 100٪ قابلة للتطبيق الصناعي.
وبالفعل نجح علماؤنا فى تحويل «المحنة» إلى «منحة» من خلال تطبيق سياسة البحث العلمى التطبيقى لتلبية متطلبات المواطنين من الصحة والغذاء والدواء، وهذا ما دعا إليه الرئيس عبدالفتاح السيسى جميع العلماء والباحثين المصريين فى جمهورية الفكر والإبداع.
> حدثنا عن خطة أو نهج المركز المتبع حالياً؟
>> المركز القومى للبحوث هدفه الاساسى والأول إجراء بحوث تطبيقية ولكن هناك منهج عام للبحث العلمى متبع وهو ان العملية تبدأ بقكرة ثم تحول إلى مرحلة المعمل لإثبات صحة النتائج أو فشلها وبناءً على القياسات تتم الموافقة على الفكرة أو رفضها وهناك مبدأ «التجربة والخطأ» حيث يتوقف الباحث فى مرحلة ما عن البحث بالكامل وهذه الحالة تعتبر إيجابية بالنسبة للعالم كله لأنه أبلغ عن عطل فى البحث وبالتالى من يستكمل وراءه يبتعد عن الأخطاء أو يحاول استكمال البحث من طريق آخر، ولذلك نحن دائماً نبدأ من حيث انتهى الآخرون وفى ظل التشجيع الذى نقدمه للباحثين حاليا من دعم مادى ومعنوى يقدم العلماء أفضل ما لديهم من أبحاث فمثلا نحن الآن فى المركز ندعم بقوة الباحثين الذين يقدمون بحوثاً أو منتجات بديلة للمستورد ويكافأون كأنهم أخذوا براءة اختراع.
> هل لدى المركز خطة لدعم الاقتصاد الوطني؟
>> دائماً المركز فى خدمة الأقتصاد الوطنى فى مراحله المختلفة لأن كل مرحلة لها متطلباتها وطبعاً وفقاً لخطة الدولة الاستراتيجية ورؤية مصر 2030، وجميع أبحاثه مواكبة مع محاورها السبعة وينفذ المركز مشاريعه الداخلية والخارجية وفقاً لها، فى مختلف المجالات مثل الزراعة والطب والهندسة والكيمياء والتقنيات الحيوية والبحوث البيطرية والوراثية والصيدلية وأبحاث النسيج حتى لدينا معهد للبحوث الفيزيقية وهو المسئول عن البحوث الأساسية يعمل فى تعاون مع معاهد أخرى لعمل بحث دولي.
المركز أنشأ شركة «المركز القومى للبحوث للمنتجات الابتكارية» فى عام 2021 طبقاً لقانون حوافز الابتكار والاستثمار وبدأ العمل بها فى مارس 2022 وتهدف إلى تسويق المخرجات البحثية الخاصة بنا فى المعرض الدائم والتى يصل عددها إلى 200 مخرج بحثي، وتعتبر ايضا حافزاً للباحثين لانهم مدركون الآن ان الفكرة فقط لو كانت قوية يمكن بيعها او تسويقها بسهولة من خلال الشركة، وتقدم الشركة استشارات بيئية، وبفضل الله حققت الشركة أرباحاً جيدة إلى حد ما.
المركز الآن يقدم دائرة خدمية متكاملة للباحثين حيث يأخذ الفكرة أو الابتكار من الباحث إلى المعمل لتقييمها ثم عرضها من خلال الشركة الخاصة بنا إلى المستثمر أو رجل الصناعة لمرحلة الإنتاج.
> كيف يتم احتضان الأفكار الإيجابية لدى الباحثين؟
>> المركز لديه حاضنة تكنولوجية لتعميق التصنيع المحلى وحاضنة أخرى للمنتجات الصيدلية والصحية وتضم 9 ابتكارات ونأمل ان تخرج هذه الأفكار إلى النور بمنتج قوى يساعد فى تأسيس شركة ناشئة أو يتم بيع know How أساس الفكرة أو الدخول كشريك مع مستثمر خارجي، وكل هذة تعتبر حوافز تجعل الباحث يعمل بجهد وإخلاص وتفان، والمركز لديه 4000 باحث ويقدم كل عام ما يقرب من 4500 بحث دولى عالمى فى المجالات المختلفة.
> هل هناك مبادرات قومية لتشجيع الابتكار والمبتكرين؟
>> قام المركز بإطلاق مبادرة «بديل المستورد» بهدف جذب رجال الاعمال والصناعة والمستثمرين الأجانب لمخرجتنا البحثية فى المعرض الدائم ليتم التعاقد معهم على إنتاج هذة النماذج الاولية وطرحها فى السوق المصرى بأسعار أقل من المستورد وبمكونات مصرية 100٪، كما أطلق المركز مبادرة «أجيال» شهر فبراير الماضى لاكتشاف المهارات البحثية العلمية لدى طلاب الجامعات وتنميتها، وجاءت الفكرة عقب استضافتنا لجامعة الطفل التى تضم أعماراً من 9 سنوات إلى 15 سنة ومن هنا بدأنا فى دعم الطلاب من سن 16 عاماً إلى 21 عاماً لاستكمال مسيرة البحث العلمى فترة ما بعد التعليم الثانوى وبالفعل دربنا 3000 طالب وطالبة جامعية على الأجهزة والمعامل خلال العام الماضى بهدف تحفيزهم على دخول الكليات العلمية.
> وماذا عن أشهر المخرجات البحثية لدى المركز التى تخدم رؤية مصر؟
>> لدينا مخرجات كثيرة ومتنوعة «محلية الصنع» وأشهر هذه النماذج فى مجال الصحة أنتجنا مكملات غذائية من الطحالب وتم تسجيلها فى الهيئة القومية لسلامة الغذاء فى مجال الطاقة «البيت الشمسي» الذى يعتمد كل محتوياته على نظام الطاقة الشمسية، وفى مجال الزراعة منتج IPM وهو سماد يزيد من إنتاجية المحصول بنسبة 25٪، وليس له أى تأثيرات جانبية، وفى مجال النسيج أنتجنا أقمشة مضادة للبكتيريا والفطريات وتم تصميم بالطوهات للعمليات و»ملايات» سرير كنماذج أولية، وفى مجال الكيمياء لدينا مادة تستخدم فى تثبيت الكثبان الرملية للحفاظ على الطرق السريعة الصحراوية.
> كم عدد المشروعات البحثية التى ينفذها المركز حالياً؟
>> لدينا فى المركز 500 مشروع بحثى داخلى بقيمة حوالى 50 مليون جنيه يعنى حوالى 100 ألف جنيه للمشروع الواحد، ويتم اختيار وتقييم المشروعات طبقاً لقواعد معينة ومحددة، حيث يطلق المركز نداءات بحثية لإقامة مشروعات قومية صغيرة فى مجالات الصحة والطاقة والهيدروجين الأخضر والزراعة والمياه، هذا بخلاف نداءات هيئة تمويل العلوم والتكنولوجيا للمشروعات القومية الكبرى نتيجة ارتفاع ميزانية الأبحاث، ولكن المركز يمهد للباحثين من خلال هذه المشاريع فى التنافس والمشاركة فى المشاريع الخارجية.
وينفذ المركز 52 مشروعاً مشتركاً مع الاتحاد الأوروبى فى الغذاء والصحة والزراعة والمياه والطاقة ومع إيطاليا فى مجال الطاقة الخضراء وشراكات أخرى مع دول رومانيا وفرنسا.
وقام المركز بعقد 38 بروتوكولاً محلياً ودولياً بهدف تبادل الخبرات أو التدريب أو التنمية البشرية أو الاستشارات الفنية مثل تحسين جودة منتج ما، ونحن الآن بصدد الإعلان عن الماجستير المهنى أو الدكتوراه المهنية فى ريادة الأعمال بالتعاون مع جامعة القاهرة وذلك للكوادر العامة داخل وخارج مصر.
> ما خطتكم لتوطين التكنولوجيا والتواصل مع علمائنا فى الخارج؟
>> المركز يحاول تسهيل العراقيل والمعوقات التى يواجهها علمائنا بعد عودتهم من الخارج حيث يتم إبلاغهم بمشروع تكليفى وفى المقابل نعطى له ميزانية حوالى 200 ألف جنيه لاستكمال بحثه فى الخارج أو التواصل مع أساتذة فى الخارج وفى النهاية نحن المستفيدين.
ويقوم المركز أولاً بأول بعمليات التطوير فى المعامل والأجهزة حيث تم شراء جهاز MASS GC وHBLC وهذه الأجهزة تستخدم فى تحديد وتحليل المواد السائلة والزيوت مجهولة المصدر وساعدتنا كثيرا فى اكتشاف مواد سائلة من العصر الفرعوني، كما تساهم الآن فى تحليل مكونات غذائية محتفظة بقوامها منذ 3000 عام مثل «قمح وبقايا عيش وبيض وبلح» تم اكتشافها فى مقبرة بالتعاون مع وزارة الآثار.