الحج هو الركن الخامس من أركان الإسلام، ومن رحمة الله عز وجل بعباده أن جعل فرضيته على المستطيع، حيث يقول سبحانه: «وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً»، ويقول سبحانه: «وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ»، ويقول سبحانه: «وَأَذِّن فِى النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ لِّيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِى أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ».
ويقول نبينا الكريم «صلى الله عليه وسلم»: «بُنِى الإسلامُ على خمسٍ: شَهادةِ أن لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأنَّ محمَّدًا رسولُ اللَّهِ وإقامِ الصَّلاةِ وإيتاءِ الزَّكاةِ وصَومِ رمضانَ وحجِّ البيتِ لمنِ استطاعَ إليهِ سبيلاً».
وفى بيان فضل الحج وعظيم ثوابه يقول نبينا «صلى الله عليه وسلم»: «من خرج يؤم هذا البيت حاجًا أو معتمرًا كان مضمونًا على الله «عز وجل» إن قبضه أن يدخله الجنة، وإن رده رده بأجر وغنيمة»، ويقول «صلى الله عليه وسلم»: «الْحُجَّاجُ وَالْعُمَّارُ وَفْدُ اللهِ تَعَالَي، يُعْطِيهِمْ مَا سَأَلُوا، وَيَسْتَجِيبُ لَهُمْ فِيمَا دَعَوْا، وَيُخْلِفُ لَهُمْ ما أَنْفَقُوا»، ويقول «صلى الله عليه وسلم»: «الحجُّ المبرورُ ليس له جزاءٌ إلَّا الجنَّةُ».
ولكى يكون الحج مبرورا فعلى كل من نوى الحج أن يبدأ بتصحيح النية وإخلاصها لله عز وجل، لا رياء ولا سمعة ولا شهرة، حيث يقول الحق سبحانه: «فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا»، ويقول نبينا الكريم «صلى الله عليه وسلم»: «إنَّما الأعمالُ بالنِّيَّاتِ وإنَّما لِكلِّ امرئٍ ما نوى فمن كانت هجرتُهُ إلى اللَّهِ ورسولِهِ فَهجرتُهُ إلى اللَّهِ ورسولِهِ ومن كانت هجرتُهُ إلى دنيا يصيبُها أو امرأةٍ ينْكحُها فَهجرتُهُ إلى ما هاجرَ إليْهِ».
ثم يشرع الحاج فى سداد ديونه إن كان مدينا، ويجتهد فيرد المظالم إن كان فيعنقه مظلمة لأحد، ويصل رحمه وخاصة ما كان منها مقطوعا، ويصالح من كان له مخاصمًا، ويبادر بالاعتذار إلى من كان فى حقه مخطئًا، ويتحرى النفقة الحلال، لأن الله طيب لا يقبل إلا طيبا، وينأى عن كل ما لا يليق بالحج من مخالفات شرعية أو قانونية وكل ما يعرضه للحرج الناتج عن مخالفة الضوابط التنظيمية للحج سواء فى بلده أم فى البلد المضيف.
ثم ليفرغ إلى طاعته وعبادته، وينأى بها على كل ما يفسدها أو ينال منها، أو يعكر صفوها عليه أو على غيره من الحجيج، فيبتعد عن اللغو والرفث والفسوق والجدال والعصيان، ولا يؤذى أحدا من الحجيج ولا غيرهم بقول ولا فعل، لا فى طواف ولا مسعى ولا غيرهما، وليكن صبورا على الطاعة، ويضع نصب عينيه قول الحبيب «صلى الله عليه وسلم»: «منْ حَجّ لله فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ، رَجَعَ كَيَومِ وِلدَتِهِ أُمُّهُ».
وعلى الحاج أن يحاول الإلمام بأحكام الحج وفقهه ومناسكه وآدابه ومحظوراته قبل سفره، ليؤدى حجه على الوجه الأكمل الذى يرجى معه تمام القبول والغفران.
ومتى استوفى من عزم على الحج ذلك: من تصحيح النية، والنفقة الحلال، والوفاء بالأركان، والبعد عن اللغو والرفث والفسوق والعصيان، وأذى الخلق، وأتم الأركان والمناسك فذالكم الحج المبرور.