عظيم ما أقدمت عليه وزارة التربية والتعليم من إدخال مادة الوعى إلى المناهج الدراسية واعتبر هذه الخطوة ذكاء وإدراكاً حقيقياً لمتطلبات العصر الذى نعيشه فى ظل أن الوعى الحقيقي، والفهم الصحيح، سواء للأحداث والقضايا والتحديات الداخلية والخارجية، وطبيعة التهديدات التى تواجه الأمة المصرية، وتحقيق النجاح الذى يحتاج بطبيعة الحال رؤية وإرادة، وآليات واضحة، ومضمون مؤثر وخطوات وإجراءات إضافية تزيد من فاعلية مادة الوعي.
لاشك أن العقود الثلاثة الماضية، وما شهدته من صراعات وأزمات ومؤامرات ومخططات، وتحديات وتهديدات، وحملات لاحتلال العقول، وتحريضها ودفعها دفعاً إلى الخراب والدمار أفرز نتائج ودروساً غاية فى الأهمية لعل أبرزها إلى جانب حتمية بناء القوة والقدرة وامتلاك الردع.. ولا يقل بناء الوعى الحقيقى والفهم الصحيح، وتحصين وحماية العقول أهمية عن امتلاك القوة والقدرة بل يشكل الوعى قيمة مضافة فى إطار التحصين الإستراتيجى للوطن وأمنه القومى بالإضافة إلى جهود وإجراءات بناء الإنسان المصري.
«مادة الوعي» كمنهج دراسى لجميع مراحل التعليم هو مواكبة وإدراك حقيقى لمتطلبات هذا العصر وفى ظل الحروب الجديدة والتطور التكنولوجى الهائل فى وسائل الاتصال الحديثة، واستخدام قوى الشر لها فى نشر الأكاذيب والشائعات وحملات التشكيك والتشويه وتزييف الوعى واحتلال العقول، لتوجيه الشعوب طبقاً للأهداف الشيطانية المخططة وهو ما حدث خلال العقود الثلاثة الماضية أو أكثر.
من هنا أرى أن خطوة وزارة التربية والتعليم فى إطار تطوير التعليم، فى منتهى الأهمية وسوف تؤتى ثمارها إذا أحسنا التعامل معها، وبدأناها بالطبع بترسيخ الجدية والأهمية وإيجاد آليات لإحداث فاعلية وصدى لهذه المادة لذلك أرى الآتى كوجهة نظر من أجل تحقيق أهدافنا من إدخال مادة الوعى للمناهج الدراسية كالتالي:
أولاً: لابد أن تكون مادة الوعى الأساسية تدخل فى المجموع بنسبة معينة ولها درجات ومادة نجاح ورسوب، حتى نوليها الاهتمام الكافى وحتى لا تلقى مصير مادة التربية الوطنية التى يبحث الطالب عن كتابها ليلة الامتحان، لذلك فإن الحديث عن أنها مادة غير أساسية لا تدخل فى المجموع هو إهدار للوقت، وستكون مجرد حبر على ورق، بل وفرصة للغياب والإهمال.
ثانياً: لابد أن تكون مادة الوعى بجرعات ومضامين متدرجة، طبقاً للمرحلة الدراسية تبدأ فى المرحلة الابتدائية بأبجديات الوعي، حول ركائز الوطن، ومقومات وأسباب وجوده، وعرض ماضيه وحاضره، وصولاً إلى ذروة وقمة الأهداف فى الإلمام بما يجرى ويدور من حولنا من أحداث وصراعات وتهديدات وتحديات وما يموج به العالم من صراعات وأزمات وتداعياتها على الأمن القومى المصرى بمفهومه الشامل على كافة الأبعاد.. وعرض مفهوم الأمن القومى وامتداداته ومكوناته.
ثالثاً: لا يغيب عن مادة الوعى التحديات الداخلية، على كافة المستويات سواء الأمنية، والاقتصادية والاجتماعية، وكذلك جهود الدولة ونجاحاتها وإنجازاتها وتعاملها مع التحديات، وتداعيات التهديدات والصراعات الدولية والإقليمية على الداخل، وضرورة ترسيخ كيفية تعامل الطلاب مع الأكاذيب والشائعات وإكسابهم مهارات البحث، بالإضافة إلى عدم الاكتفاء بالتلقين المباشر، ولكن لابد أن يتخلل الحصص أو المحاضرات تفاعل بين المعلم أو المحاضر والتلاميذ، للتعرف على تحصيلهم ودرجة وعيهم ومدى تأثير هذه المادة من خلال التعرف على كيفية اتخاذ القرار فى ظل ما هو موجود من معطيات وتحديات ومحاكاة للأزمات وورش عمل بل وزيارات إلى معاقل بناء الوعى مثل الأكاديمية الوطنية للتدريب، والأكاديمية العسكرية، وأكاديمية الشرطة، واستضافة خبراء فى الأزمات والقضايا الدولية والإقليمية وفتح أبواب الحوار والنقاش والإجابة عن التساؤلات.
رابعاً: لابد من الأخذ فى الاعتبار حجم وعدد هذه المحاضرات والزيارات وحرص الطالب على حضورها، ودعم هذه المحاضرات بفيديوهات مصورة وأفلام تسجيلية وزيارات ميدانية.
خامساً: الابتعاد عن النمطية، وإيجاد لغة سهلة وبسيطة فى الحديث عن الصراعات والتهديدات وتداعياتها، بعيداً عن اللغة الجامدة والنمطية، والتأكد من قوة المعلم واستيعابه وقدراته لهذه الموضوعات ويمكن الاستعانة بشخصيات عامة ومفكرين أو حتى كتاب الطفل، وأفلام الكرتون والذكاء الاصطناعي.
مادة الوعى بداية لطريق النور والفهم والاطمئنان لذلك لا يجب أن تكون مادة هامشية بل أساسية من الدرجة الأولى تشمل الكثير من الموضوعات والمضامين.