حدث ما حذر الرئيس عبدالفتاح السيسى منه منذ بداية الحرب الاسرائيلية على غزة، وما قد تفرزه من احتمالات توسيع نطاق تلك الحرب لتتحول إلى صراع إقليمى واسع ستكون له انعكاسات سلبية على استقرار وأمن المنطقة بل والعالم.. وبالفعل بعد 190 يوما من اندلاع هذه الحرب الوحشية، جاءت الهجمات الايرانية على اسرائيل التى قد ترد على تلك الهجمات لتدخل المنطقة فى صراع جديد قد تكون له تداعيات خطيرة.
هذه التطورات تؤكد صحة رؤية القيادة المصرية التى حذرت منذ اليوم الأول لحرب غزة من مغبة توسيع دائرة الصراع فى المنطقة لتدخل مرحلة جديدة من مراحل التصعيد العسكرى التدريجى بين ايران واسرائيل. رؤية مصر فى كل الأحوال ثابتة وواضحة ولا تقبل الشك وهى العمل على استقرار المنطقة وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة من خلال المفاوضات.
أكدت مصر موقفها مجددا مع بداية الهجمات الايرانية ضد اسرائيل، فقد أصدرت الخارجية المصرية بيانا أعربت فيه عن قلقها البالغ لمؤشرات التصعيد الخطير بين البلدين، مطالبة بممارسة أقصى درجات ضبط النفس لتجنيب المنطقة وشعوبها المزيد من عوامل عدم الاستقرار والتوتر. واعتبرت أن التصعيد الخطير الذى تشهده الساحة الإيرانية الإسرائيلية حاليا، ما هو إلا نتاج مباشر لما سبق وأن جرى التحذير منه مرارا من مخاطر توسيع رقعة الصراع فى المنطقة إثر الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، فضلًا عن الأعمال العسكرية الاستفزازية التى تمارس فى المنطقة.
وفى اطار جهود مصر لاحتواء الموقف والعمل على التهدئة، اجرى وزير الخارجية المصرى سامح شكرى ثلاثة اتصالات مع كل من وزير الخارجية الإيرانى والإسرائيلى والأمريكي. أعرب خلالهم عن قلق القاهرة البالغ نتيجة استمرار حالة التصعيد العسكرى غير المسبوقة بين طهران و تل أبيب، بما ينذر بخروج الوضع عن السيطرة وتهديد استقرار المنطقة ما يعرض مصالح شعوبها للخطر.
أكدت مصر على لسان وزير خارجيتها استعدادها لتكثيف جهودها بالتعاون مع شركائها من أجل نزع فتيل الأزمة الراهنة، كما أكدت موقفها الراسخ المطالب بوقف إطلاق النار فى غزة، وتيسير دخول المساعدات الإنسانية، ورفض أى إجراءات تستهدف تهجير الفلسطينيين خارج أراضيهم، ورفض أية عمليات عسكرية برية فى مدينة رفح الفلسطينية.
ان اتساع رقعة الصراع بسبب الحرب على غزة وعلى النحو الذى يحدث بين إيران وإسرائيل لن يصب فى مصلحة أى طرف، وسوف يجلب المزيد من التوتر وعدم الاستقرار لشعوب المنطقة.
يمكن القول إن الهجوم الإيرانى يمثل ذروة التصعيد مع إسرائيل فى أعقاب حرب غزة، وأن تداعياته ستمتد للعديد من ملفات المنطقة.. بينما سيناريوهات التصعيد المحتملة للمواجهة بين الجانبين خلال الفترة القادمة ستحكمها عوامل عديدة تتعلق بحسابات الطرفين وقدراتهما على الدخول فى مواجهة عسكرية مفتوحة.
هذه التطورات لا تؤدى الا لمزيد من التوتر وعدم الاستقرار التى تشهدها حاليا منطقة الشرق الأوسط بل إن كل المعطيات تشير إلى أن هذه الحالة سوف تستمر إلى فترة قادمة، إذا ما استمرت اسرائيل فى حربها الحالية على غزة والتى يمكن اعتبارها أحد أهم عوامل التوتر الراهن بين تل أبيب وطهران.
يستدعى الموقف الحالى تأكيد الموقف المصرى فى أولوية تعزيز القدرات العربية وإيجاد صيغة إقليمية لاحتواء الموقف سلميا ومحاصرة اى تهديدات، وضرورة إجراء حوارات وشراكات استراتيجية مع القوى الإقليمية والدولية بهدف ضمان استقرار المنطقة، وأهمية وقف اطلاق النار فى غزة والاحتكام لصوت العقل، والدخول فى مفاوضات مباشرة وفورية للوصول لدولة فلسطينية مستقلة.