الفيلم يغوص في تأثير الزمن والذاكرة على قرارات وتحولات شخصيات «٦ أيام»
للزمن قدرات خاصة .. يستطيع إصابتك بالنسيان .. كما يمكنه صناعة منك شخص مختلف .. لتصبح شخصية جديدة .. ويمكنه ان يكرر لعبته معك وتصبح شخصية مختلفة عن سابقيها ..
كما للدراما سحر خاص .. قدرة استثنائية على اختزال الزمن ومطه .. تقديمه وتأخيره .. والتنقل بينه .. نعود للماضي ونعيش الحاضر ثم ننطلق للمستقبل .. كما تتيح لك التوقف عند لحظة بعينها لتصنع منها ساعات عرض ..

وهي القدرة التي احسن استغلالها السيناريت وائل حمدي لسرد فيلمه ” ٦ ايام ” الذي عرض مؤخرا وحقق نجاحا كبيرا حيث اختار المؤلف لحظات فارقة في ايام مختلفة من حياة بطلي قصته ” يوسف ” و”عليا” لتكشف تلك اللحظات عن ما حدث لهما في الماضي.
ومايحدث لهما الان ليصبح الزمن هو البطل الحقيقي لقصته .. الزمن الذي كان محركا للأحداث و اثر بالتغير سلبا وايجابا على بطلى القصة ” يوسف وعليا ” وعلى المحطين بهما .. فمثل ما كان الزمن كفيلا وقادر على تغير يوسف وعليا استطاع ان يغير من والد يوسف ومن اسرة عليا.

ورغم ان احداث الفيلم تدور حول شخصيتين إلا ان الكاتب وبذكاء شديد نجح في ان يصنع منهما ” ثمان ” شخصيات مختلفة .. فعندما تقابل ” يوسف ” صدفة مع ” عليا ” بعد غياب سبع سنوات،
لم تكن عليا هي الصبية الصغيرة التي تركها يوسف آخر مرة ولكنها اصبحت شابة مخطوبة لغيره حتي لو احتفظت بمشاعرها تجاهه ..
ويوسف ايضا لم يكن الصبي البريء الذي تركته ” عليا ” حتي لو احتفظ بمشاعره تجاهها .. و بعدم ممانعته للشرب بعدها من نفس الكوب .. و برغبته بالسير معاها و هما يتبادلان أطراف الحديث .. ولكنه تغير واصبح مقيدا برغبات والده والتي أجبرته على دخول كلية الطب.

وعندما قررا الثنائي تكرار المقابلة في ميعاد محدد كل عام .. عندما التقى الثاني كانا ثنائي مختلف تماما عن الثنائي الذي اتفق على اللقاء سنويا ..
و الاختلاف لم يتوقف على تغير مهنة كل منها لم يعد هو الطبيب ولم تعد عليا الفتاة البسيطة التي تعمل ” كويتر ” ..
طال التغير كل شيء فنفسيا كان يوسف محطم بعد صدامه مع والده وتمرده عليه والذي افقده حياته المستقرة .. ومعها فقد تعاطف عليا معه لعدم اقتناعها بما فعله يوسف مع والده وانه لا يوجد اي عقل او منطق يجعله يترك شهادته التعلمية.

وحياته المستقرة ليعيش شبة مشرد بسبب عناده مع والده .. خاصة وان والد يوسف بالنسبة لها افضل بكثير من والدها الذي لا يعرف عنهم شيء ولا يريد ان يعرف ولو طلبت عليا منه المساعدة لن يقدمها لها ..
وعلى الرغم من ان عليا تركت خطيبها محمد ابن خالها إلا ان حياة يوسف الصعبة كانت هي المانع هذه المرة الذي حال بين الحبيبين .. وتكررت الموانع بينهما ما بين زواج عليا وزواج يوسف حتي التقيا صدفة في نهاية الفيلم.

نجح المخرج كريم شعبان في تجربته الاولى ان يعبر عن افكاره ببساطة بعيدا عن الاستعراض غير المبرر الذي يميل له بعض المخرجين خاصة في تجربتهم الاولى ..
وكانت الموسيقى وما تضمنها من اختيار زكى لمقاطع الاغاني من ابطال العمل وجزء من حوار الشخصيات و لسان حالهم وفي بعض الحظات ترد بوجهة نظر مختلفة .. كما كان اختيار الملابس متناسق مع الشخصيات وحسب كل مرحلة تمر بها الشخصية “اجتماعياً ونفسيا “.
وكانت شخصيتي يوسف وعليا اشبة باختبار حرفية ممثل لاحمد مالك ولايه سماحة وفي نفس الوقت فرصة لان يظهر الثنائي إمكانيتهم في التلون والظهور باكثر من وجه لنفس الشخصية ونجحا الثاني في الاختبار وتقديم ثنائي جديد متميز للسينما المصرية.