> وسط العلو والجبروت الإسرائيلى الحالى بعد تدمير غزة وجنوب لبنان وبعد قتل أغلبية الصف الأول للمقاومة الفلسطينية واللبنانية.. تريد «إسرائيل» استغلال الفرصة التاريخية وتحيى وتثبت معدلة جديدة وهى «معادلة إسرائيل الكبرى» والتى أتى على ذكرها «سفر آشعياء» الاسطرة اليهودية المعروفة- والتى تمتد من النيل إلى الفرات والتى تسمى اليوم بــ «ممر داوود» وهى أساطير يراد وفقًا للمعطيات الإستراتيجية الراهنة أن تكون حقيقة جديدة على العرب تقبلها والتصفيق لها والسبيل لتتطبيقها إما القبول والخضوع لها طوعًا أو خوض حرب إقليمية عارمة يكره فيه العرب وإيران على القبول بــ «ممر داوود» هذا والذى يعنى فى رواية أخرى الاستيلاء على جنوب سوريا فى ظل حكم تلك الجماعات الإسلامية.. واخضاع منطقة الاكراد فى العراق وصولاً لمياه الفرات وإلى الحدود مع إيران وإجبارها لاحقًا على القبول بهذا الممر الخطير: ممر داوود مع إحياء واسع وقادم للجماعات الإسلامية المتطرفة.. ترى ماذا عنه وعن أخطاره القادمة؟
>>>
أولاً:
يعنى ممر داوود – كما أشرنا – إنشاء ممر برى، يبدأ من الأراضى المحتلة فى فلسطين، ثم مرتفعات الجولان والأراضى السورية إلى حدود إقليم كردستان ليصل لإيران ووفقًا للاحلام والاساطير الإسرائيلية القديمة منذ الخمسينات بخلق سياسة إلا حزمة حولها والتى تشغل العرب المحيطين ومنها «الحزام الكردى» والذى يعنى خلق دولة كردية جديدة خصما من «تركيا والعراق وايران وسوريا» وهى أمنية قديمة يحاولون بــ «ممر داوود» إحياءها مجددًا لشغل العرب بها مع علاقات جيدة بالاكراد واستثمارًا بالتحول فى سوريا من دولة موحدة عربية النبض وعصية على الاستسلام إلى دولة مقسمة ومحتلة من إسرائيل «25٪ من أرضها وبالذات جبل الشيخ !» ولاحقًا ستتحول من دولة رافضة إلى دولة مطبعة مع الكيان الصهبونى وفى كل هذا خطر كبير على الأمن القومى العربي!.
إن ممر داوود يعنى خلق كيان جديد فى داخل أراضى العراق وسوريا، بأجزاء من البلدين وتركيا وإيران، يحقق لإسرائيل مد ذراعها من حدود مصر وحتى نهر الفرات، وصولا لإيران وهذا تحقيق لنبوءة توراتية قديمة كما ذكرها «سفر آشعيا» استنادًا إلى ودغدغة تاريخية لحلم الاكاد بدولة متكاملة ومستقلة حتى ولو على حساب الدول الاربعة المعروفة: إيران وتركيا وسوريا والعراق!
>>>
ثانيًا: سيودى مشروع «ممر داوود» الإسرائيلى إلى السيطرة الإسرائيلية على الموارد فى هذه المنطقة خاصة الموارد الطبيعية، ونحن نعرف أن هذه المنطقة تمتاز بوجود موارد مثل النفط والغاز والطاقة المتجددة، والمياه والأراضى المناسبة للزراعة، وبالطبع هذا سيعزز من الحركة التجارية ويفك العزلة الجغرافية عن إسرائيل.
>>>
> ثالثًا: الموقف العربى يرفض المشاريع الإسرائيلية التى تهدف الى تفتيت المنطقة وتحويلها إلى ساحة للصراعات والحروب الاثنية والطائفية والدينية وهو هدف إسرائيلى ثابت ونحتاج إلى مقاومته وفى هذا المشروع تشترك الجماعات الإسلامية المسلحة مع إسرائيل وتتشابه تمامًا فكلاهما يرفضان الوحدة ويريدان أن تتفكك الدول العربية والدول المحيطة بالكيان تحديدًا لكى تكبر وتعلو إسرائيل ولا توجد دولة أخرى فى المنطقة الا إسرائيل والباقى ممزق ومشتت وفى حروب إقليمية وداخلية قاتلة.
>>>
> رابعًا: سيؤدى «ممر داوود» المزعوم والمستقبلى إلى إعادة إحياء الجماعات المتطرفة والتى تعمل بالاساس لخدمة المشروع الإسرائيلى فى التفتيت والإرهاب ونشر الفوضى وسيؤدى هذا المشروع حتمًا إلى إعاد إحياء القواسم المشتركة بين «داعش وأخواتها من الجماعات المتطرفة والتى خلاياها نائمة وستصحو مع هذا مشروع: «رغم ما قد يبدو من تناقض شكلى بين التنظيمات المتطرفة ودولة الكيان الا أنهم يشتركان فى جملة من «المبادى والاهداف « ويمكن حصرها فى الآتى:
1- القاسم المشترك الأكبر هو مقاتلة «الدولة الوطنية» العربية الموحدة فتنظيم داعش الإرهابى لن ينسى أن أحد أهم القوى التى هزمت مشروعه فى سوريا والعراق كان هو تلك الدولة الموحدة وبعد أن استبدلها الغرب بالجماعات «الوظيفية» وليس «الإسلامية» فلقد حان الثأر من هذه الدولة
2- تشترك التنظيمان ودولة الكيان الصهيونى وبعد طوفان الاقصى تحديدًا «2023» المتطرفان فى استسهال القتل وتبرير شريعته انطلاقًا من أيدولوجيتهم العنصرية الفاسدة والمتطرفة.
3- يشترك «داعش وإسرائيل المتطرفة الحالية» فى عقيدة نشر الفوضى وتقويض الدول وأن مشروعهما القومى أو الدينى لن يبنى إلا على أنقاض تلك الدول وبعد تفكيكها وتدمير جيوشها الوطنية.
>>>
> الخلاصة إذن نحن أمام تحول عالمى جديد ستكون فيه تلك الجماعات المتطرفة ودولة «ممر داوود المزعوم» خطرًا على العالم كله وليس خطرًا فقط على العالم العربى.. إنها حرب قادمة ضد الجميع.. ضد العالم أجمع! وإذن نرجو الله ألا يحدث – ما نجح مشروع «ممر داوود» وسفر أشعياء الذى يمثل مرجعه.. فمن بيده الغلبة فى كل هذا الصراع المركب والممتد؟ وهل ينتبه العرب قبل أن تداهمه الحقائق المرة؟ سؤال يرسم المستقبل.