على مدار عقود طويلة، كان حلم المصريين استعادة وطنهم لدوره وثقله ومكانته الإقليمية والدولية، وقد عايشت كتابات كثيرة وتنظيراً مستمراً، جميعها تشير إلى تراجع دور مصر على مدار العقود التى سبقت عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي، وإن مصر فقدت الكثير من تأثيرها فى المنطقة والقارة الإفريقية، وأيضاً كشفت أحداث الفوضى والإنفلات والمخطط فى 25 يناير 2011 عن هشاشة الدولة، ولولا قوة ووطنية الجيش المصرى العظيم الذى حال دون سقوط الدولة لذهبت مصر إلى غياهب المجهول، ولاقت مصير الدول التى سقطت، وتفككت مؤسساتها وجيوشها الوطنية، لذلك كان لابد من وقفة إستراتيجية وجودية وامتلاك الرؤية والإرادة لبناء دولة حديثة قوية وقادرة لا تهزها رياح الفوضى والمؤامرات والمخططات، ولا تنال منها الأوهام والضغوط، قادرة على الصمود، وتقف على أرض صلبة ليس فقط فى امتلاك قوة الردع، ولكن القدرة الشاملة.
على مدار العقود الماضية انسحبت مصر وخفت دورها الإقليمى والإفريقي، ربما بسبب الأزمات الداخلية، وتراكم المشاكل والأحوال ثم هبوب رياح الفوضى العاتية فى وجه دولة تعانى من أمراض مزمنة وإصلاح غائب، وإرادة مفقودة، واستقرار هش، لذلك كان لابد أن نصارح أنفسنا ونخوض معركة وجود نتحمل فيها تداعيات وتضحيات، ونتحلى فيها بالصبر وهو ما أعلنه الرئيس السيسى فى خطابه للترشح لرئاسة مصر دون أن يجمل واقعاً غير موجود، أو يبيع الوهم بل كان شديد الصراحة والشفافية فى عرض التحديات والعقبات والأزمات التى تواجه مصر، وما هو مطلوب من أجل انتشالها من هذا الواقع المرير وأنه لا سبيل لتحقيق حلم بناء الدولة القوية والقادرة إلا بالعمل والصبر والتضحية والكفاح وهو ما طالب به الشعب المصرى وإن فى نهاية النفق ضوءاً كبيراً إذا توفرت هذه الشروط، والرئيس السيسى اتخذ قراراً تاريخياً بأن ما حدث فى مصر سواء على مدار العقود الماضية أو فى سنوات الفوضى والانفلات وضياع هيبة الدولة، وكونها كادت تضيع فإن ذلك لن يتكرر مرة أخري، بل وغير قابل للتكرار وهذا يعنى بناء الدولة القوية والقادرة والعمل على تحقيق آمال وتطلعات المصريين، وأن يتحمل الجميع قيادة وشعباً مسئولية بناء الوطن والحفاظ عليه.
المواطن جل أهدافه وأحلامه أن يعيش فى وطن قوى وقادر يحفظ الأرض والسيادة والكرامة، ويسحق التهديدات والمخاطر، قادر على حماية الحدود، والحفاظ على سلامة الوطن، لا تستطيع المخططات أن تنال منه ولا تركعه الضغوط والإملاءات وأن تتوفر له أسباب ومقومات التقدم والنمو جاذب للاستثمار، ينتصر على محدودية موارده، ليتحول إلى أرض الفرص والاستثمار حتى يتخلص من أزماته ومشاكله وتتوفر له أسباب الحياة والعيش الكريم، يفى باحتياجات مواطنيه من سلع وخدمات، يعيش بكرامة فى كل بقاع الأرض، لديه وطن قوى يحميه فى كل دول العالم، يتعامل مع الجميع بالمثل والندية، وقادر على الصمود أمام تداعيات الأزمات والصراعات الإقليمية والدولية والعبور منها إلى بر الأمان، بطبيعة الحال هذا ما يطلبه المواطن من القيادة أو الوطن، ولكن قالوا فى بلادنا «مفيش حلاوة من غير نار» ومفيش نجاح بلا تعب، وليس هناك قوة بلا مقومات، وحتى تستطيع وتمتلك القدرة على حماية الوطن وصون مقدساته وأرضه وحدوده لابد أن تبنى القوة والردع، فالمولى عز وجل يقول فى محكم آياته «وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم».
هذه المقدمة الطويلة، حتى أصل مع القارئ إلى التأكيد أن كل هذه المعانى النبيلة والسامية بل والوجودية من قوة وقدرة وردع ودور وثقل ومكانة واقتصاد قوي، يتخلص من أزماته وإشكالياته على مدار العقود الماضية، كل ذلك له مطالب وتكلفة وفواتير ويحتاج إلى عمل وصبر وتضحيات ونضال، فالأوطان القوية والعظيمة، لا تبنى بالكلام والشعارات والأناشيد، ولكن بالعمل والكفاح والمعافرة والصبر والتضحيات والعلم، ولابد أن نتحمل عن طيب خاطر ورضا ووعى فواتير وتكلفة أن يكون الوطن فى أعلى درجات القوة والشموخ وصاحب مكانة ودور وثقل وتأثير يحمى الأرض والسيادة والكرامة، ويوفر الأمن والأمان والاستقرار لمواطنيه، لذلك لابد أن نفهم فلسفة وكيفية بناء الأوطان القوية والصلبة حتى لا نجلد أنفسنا ونتعامل مع أزمات فرضت علينا بسبب عواصف الأزمات والصراعات الإقليمية والدولية، وهنا لا أبرر على الإطلاق دور الحكومة، ولكن أتعامل مع واقع وحقائق، فنحن المصريين لطالما حلمنا أن تعود مصر القوية القادرة الصلبة صاحبة المواقف الشريفة والثوابت الراسخة التى لا تخشى فى الحق تهديداً أو حتى لومة لائم.. وهذا الواقع الذى كنا نتمناه ونحلم به وأصابنا اليأس فى أوقات كثيرة، بكل أمانة وصدق تحقق فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى على مدار 11 عاماً، ومن يقرأ ما يدور فى المشهد الإقليمى والدولى ويتأمل فى القوة والقدرة والصعود المصري، وكيف تقف الدولة على أرض صلبة، وما لديها من علاقات وشراكات إستراتيجية مع دول العالم، وقدرتها على حماية قرارها الوطنى المستقل ومواقفها الثابتة والراسخة وكيف تحولت إلى دولة الفرص وتغلبت على آفة تاريخية ظلت مستمرة على مدار أكثر من خمسة عقود وهى محدودية الموارد، ولتكن متعددة الموارد ومصادر الدخل، من نهضة زراعية، وتقدم ونجاح كبير فى مجال الطاقة سواء التقليدية أو الجديدة والمتجددة أو إنتاج الهيدروجين الأخضر وما لديها من بنية تحتية عصرية تفتح آفاقاً غير مسبوقة وجاذبة للاستثمارات الضخمة وتبنى الطرق الحديثة والمدن الذكية، وتمتلك خبرات وقدرات البناء والتنمية والتجربة الملهمة، لتصدرها إلى كل من يحتاجها من الصديق والشقيق.
ما أريد أن أقوله، إن المواطن يريد أن يكون وطنه قوياً وقادراً، ورادعاً ومتقدماً، يحفظ الأرض والكرامة، وله نفوذه وتأثيره ودوره وثقله الإقليمى والدولى ويحفظ له أمنه واستقراره، وأمين على الأرض والوطن، كل ذلك له تكلفة والحمد لله يتحقق فى عهد الرئيس السيسى لكن بتكلفة وثمن ــ فوجود مصر وتأثيرها الإقليمى وفى القارة الإفريقية وتواجدها فى دوائر وامتدادات أمنها القومى وحماية مصالحها وثقلها فى الشرق الأوسط، وتطور اقتصادها وقدرتها على حماية مواقعها وقرارها الوطنى رغم الظروف الصعبة والمعقدة والصراعات المشتعلة فى المنطقة والعالم بطبيعة الحال له تكلفة ولم يكن مقبولاً على الإطلاق أن تقف مصر، متفرجاً على ما يحدث فى العالم من تقدم، لذلك أعدت العدة وتستعد للانطلاق والعبور بقوة وبقدرة على حماية الوطن، كل ذلك يسعد المصريين الذين قدموا الغالى والنفيس من أجل استعادة مصر، وتحقيق مشروعها الوطني، وتحية للرئيس السيسى الذى أنقذ وبنى مصر الحديثة.