بداية أؤكد احترامى الكامل لاحكام القضاء المصرى النزيه وفى القلب منه المحكمة الدستورية العليا التى أصدرت حكما تاريخيا يستهدف تنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر فيما يتعلق بقانون الإيجار القديم، الأمر الذى يتم مناقشته حاليا من قبل مجلس النواب .
وكما ذكرت فى البداية لا تعليق على أحكام القضاء ولكن فى نفس الوقت أتمنى أن يحظى القانون الجديد المعروض حاليا أمام نواب الشعب بمراعاة مصالح أبناء الوطن سواء الملاك أو المستأجرين وأن يكون المبدأ الذى يضعه النواب أمامهم « لا ضرر ولا ضرار « بحيث يخرج القانون أو التعديلات الأخيرة بما يحقق العدالة بين الطرفين ملاكا ومستأجرين ، فلا يقبل مثلا أن يكون إيجار شقة فى الزمالك أو المنيل خمسة جنيهات ونفس الوقت لا يعقل أن نجبر من يسكن فى الزمالك إلى الانتقال إلى الأسمرات أو غيرها من مناطق الإسكان الاجتماعى أو حتى المتميز خلال خمس سنوات!!
يأتى ذلك فى الوقت الذى حذر ّفيه عدد من خبراء القانون من خطورة تأجيل مناقشة القانون إلى دور الانعقاد القادم لمجلس النواب، مؤكدين أن تأجيل إصدار القانون لما بعد نهاية الفصل التشريعى الحالي، المقرر خلال أقل من 60 يومًا، قد يؤدى إلى أزمة قضائية غير مسبوقة، مؤكدين أن عدم إقرار تعديلات قانون الإيجارات القديمة فى الموعد المحدد الذى ألزمته المحكمة الدستورية العليا، سيمنح الملاك الحق القانونى الكامل فى رفع دعاوى قضائية بالملايين، سواء للمطالبة بفسخ عقود الإيجار أو بزيادات فى القيمة الإيجارية، وهو ما قد يُغرق المحاكم فى طوفان من القضايا يقدر بأكثر من 3 ملايين دعوي!!
كشف الخبراء أن الملاك سوف يستندون فى دعواهم إلى الحكم الذى اصدرته المحكمة الدستورية العليا فى نوفمبر الماضى القاضى بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادتين الأولى والثانية فى قانون الإيجار القديم الصادر فى عام 1981، حيث ألزمت المحكمة الدستورية العليا البرلمان بإصدار القانون قبل نهاية دور الانعقاد الحالي، وإذا لم يتم الالتزام، فالعقود القديمة ستُعتبر غير دستورية بحكم المحكمة، ما يعرض جميع المستأجرين للخطر القانوني.
فى ذات السياق شددت الحكومة عبر المستشار محمود فوزي، وزير شئون المجالس النيابية، على أن الحكم الصادر عن المحكمة الدستورية سيُصبح نافذًا تلقائيًا بعد انتهاء الفصل التشريعي، إذا لم يصدر القانون خلال المهلة المحددة، مؤكدا أن المحكمة لم تترك للأطراف خيارًا فعدم إصدار القانون سيؤدى إلى فسخ تلقائى لعقود الإيجار القديمة، وهذا ما لن تتحمله الدولة ولا القضاء ولا الشارع !!
وكانت لجان البرلمان قد شهدت مناقشات مستمرة ومستفيضة وكذلك رفضا واسعًا لمشروع القانون المحال من الحكومة، بسبب ما اعتبره كثير من النواب انحيازًا لصالح الملاك على حساب المستأجرين، وتجاهلًا للبعد الاجتماعى والإنسانى ، معتبرين أن الصيغة الحالية تمهّد لطرد جماعي، لا يراعى الظروف الاقتصادية الصعبة .
من جانبها عبرت مشيرة خطاب، رئيسة المجلس القومى لحقوق الإنسان عن مخاوفها من تداعيات القانون، وتساءلت بوضوح:» هل الدولة قادرة على توفير سكن بديل لستة ملايين مواطن؟!»، فى إشارة لحجم الأزمة التى قد تحدث إذا تم تمرير القانون دون بدائل حقيقية.. يذكر أن قانون الإيجار القديم يستهدف تنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر، حيث نصت المادة «5» من القانون على أن تنتهى عقود إيجار الأماكن الخاضعة لأحكام القانون بانتهاء مدة 5 سنوات من تاريخ العمل به، ما لم يتم التراضى على الإنهاء قبل ذلك ، وأوضحت المادة «6» مع عدم الإخلال بأسباب الإخلاء المبينة بالمادة «18» من القانون رقم 136 لسنة 1981 المشار إليه؛ يلتزم المستأجر أو من امتد إليه عقد الايجار؛ بحسب الأحوال؛ باخلاء المكان المؤجر ورده الى المالك أو المؤجر؛ بحسب الأحوال؛ فى نهاية المدة المبينة فى المادة (5) من هذا القانون؛ ما لم يتم التراضى على غير ذلك.. وفى حال الامتناع عن الإخلاء يكون للمالك أو المؤجر؛ بحسب الأحوال؛ أن يطلب من قاضى الأمور الوقتية بالمحكمة الكائن فى دائرتها العقار إصدار أمر بطرد الممتنع عن الإخلاء دون الإخلال بالحق فى التعويض إن كان له مقتض.
ومع عدم الإخلال بحكم الفقرة السابقة يحق للمستأجر أو من امتد إليه عقد الايجار؛ بحسب الأحوال؛ رفع دعوى موضوعية أمام المحكمة المختصة وفقا للإجراءات المعتادة على ألا يترتب على رفع الدعوى الموضوعية وقف أمر قاضى الأمور الوقتية المشار إليه .
وفى الأخير أتمنى أن يكتب القانون الجديدة النهاية السعيدة للطرفين المالك والمستأجر وأن يخرج متوازنا بقدر الإمكان ويحقق مصالح مختلف الأطراف.
