إذا كان لكل عصر سمة تميزه عن غيره من العصور فإن «ظاهرة الميليشيات» هى أبرز وأخطر ما يميز هذا العصر الذى نعيشه، وبنظرة فاحصة لمختصر التاريخ الحديث والمعاصر نجد أن «حركات التحرر الوطني» خرجت من رحم سايكس بيكو، بينما خرجت «حركات الميليشيات المسلحة» من كتاب المؤامرة الكبرى لما يسمى «الربيع العربي»، لقد انفرط عقد العديد من جيوش المنطقة واستبدلت الجيوش الوطنية بميليشيات مبعثرة كل منها يتبع جهة من الجهات الخارجية، وبنظرة سريعة لتوزيع الميليشيات فى الإقليم نجد الصور التالية:
ـ حزب الله فى لبنان يقف موازيا للجيش اللبنانى ومتحكماً فى جميع المسارات على حساب الدولة الوطنية.
ـ جماعة الحوثى فى اليمن والتى تمثل حوالى 8٪ من الشعب اليمنى وتعتبر ذراع إيران فى البحر الأحمر وتقف بشكل متواز مع الجيش اليمنى الرسمي.
ـ الحشد الشعبى فى العراق والذى يمثل النسخة الأحدث من حزب الله اللبنانى والذى تم إدراج مخصصات مالية ضخمة له فى الميزانية لمدة ثلاثة سنوات، ويتحرك الحشد الشعبى كأنه الجيش الرسمى العراقي.
ـ حركة شباب الصومال والتى تمثل خنجراً فى خاصرة الدولة الصومالية.
ـ قوات الدعم السريع فى السودان والتى تمثل حركة تمرد مسلحة أغرقت البلاد فى حرب أهلية لا يعلم أحد متى وكيف تنتهي.
ـ أما فى ليبيا فهناك عدد من الميلشيات تختلف توجهاتها وأهدافها وأدواتها وفقاً للجهة التى تعمل لحسابها هذه الميليشيا وليس هناك من يعمل لحساب الدولة الليبية.
ـ وفى سوريا تمت صناعة ما يسمى بالجيش السورى الحر ثم تم تحويله إلى مجموعة ميليشيات معظمها يدور فى فلك حزب الله اللبنانى المتواجد على الأراضى السورية.
ـ وفى فلسطين هناك حماس والجهاد والحركة الشعبية وحركة فتح وتيار فتح الإصلاحى وكذلك السلطة الفلسطينية وهذا كله لو كان فى بوتقة واحدة لكنا أمام مشهد مختلف جملة وتفصيلاً، يبدو أن فكرة الدولة الوطنية فى خطر جراء محاولات تجريف متعمدة من بعض أعداء الفكرة، من هنا كان التحذير المتتالى من رأس الدولة المصرية فى كل المنتديات والمناسبات والفعاليات بضرورة الحفاظ على الدولة الوطنية واحترام الجيوش الوطنية النظامية وعدم التعامل مع أشباه الدول وأشباه الجيوش من الميليشيات والقوات المسلحة من دون الدولة الوطنية.