خلال أيام تبدأ امتحانات نهاية العام لكافة المراحل الدراسية فى التعليم قبل الجامعى لتأتى من بعدها فترة عاصفة حيث أجازة بلا هدف ينخرط فيها الأبناء فى الجلوس على هواتفهم المحمولة أو خلف شاشات أجهزة الكمبيوتر وأحياناً أمام شاشات التلفاز من أجل ممارسة بعض الألعاب الإلكترونية فى صورة تشبه الإدمان الأمر الذى يصل إلى درجة من التوحد وأحياناً الهذيان فى صورة يصعب وصفها.
ولا تنزعج إذا وجدت ابنك يتحدث إلى نفسه بصورة غريبة تشعر معها أنه موتور نفسياً خاصة مع ترديد عبارات معينة تشعرك أنه فى خطر ويحتاج إلى من ينقذه فالأمر لا يعدو طلبه النجدة من أحد أفراد فريقه باللعبة، كذلك لا تظن أن أحد اللصوص قد اقتحم منزلك إذا عدت من الخارج وسمعت صوتاً غريباً فحتماً أن ابنك ترك الميكرفون مفتوحاً وهذه أصوات من يشاركونه اللعب ولا تتوقف أمام أى ألفاظ خارجة فهذا لا يعنى أنك فشلت فى تربية ابنك أو أنه صادق أصدقاء السوء فهذه موضة الجيل.
ولا جدال أن أولياء الأمور كانوا سبباً فيما وصل إليه حال الأبناء عندما تركوا لهم الهواتف الذكية ليريحوا رؤوسهم من زن لا ينتهى وربما فعلوا ذلك مكرهين بسبب ضغوط وأعباء الحياة التى أدخلتهم فى دوامة جعلتهم غير قادرين على مواجهة أى مسئوليات جديدة أو بذل جهد إضافى فاختاروا الحل الأسهل.
ما وصل له حال الجيل الجديد يستحق وقفة من الجميع لمحاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل أن نبكى على اللبن المسكوب وإن كنا قد بكينا بالفعل فما حدث من أطفال بالصف الثانى الإعدادى عندما استدرجوا زميلتهم إلى المقابر وحاولوا الإعتداء عليها وهو ما حاول أحدهم توثيقه هى كارثة بكل المقاييس تستدعى التحرك السريع للوقوف على هذا الخلل الأخلاقى قبل أن يضحى ظاهرة مجتمعية.
هذا الجيل هو ضحية لتكنولوجيا جعلت كل ماهو محرم فى متناول اليد فهؤلاء الأطفال ما كان لهم أن يرتكبوا هذا الفعل إلا إذا شاهدوا مقاطع إباحية عززت لديهم رغبة التجربة دون أن يدركوا كارثة فعلهم وما يمكن أن يتسببوا فيه وينالوه جزاء لهذه الجريمة التى يقف عقلى عاجزاً عن استيعابها.
ما حدث جعلنى أفكر فى برامج تدريب صيفية لأطفالنا يحصل خلالها الطفل على مقابل مادى لخلق حافز لديه ولدى عائلته خاصة أن كثيراً من العائلات لا يتحملون أى أعباء إضافية بخلاف ما يتكبدونه خلال العام الدراسى وربما تعجز الدولة عن القيام وحدها بهذا الأمر لذا لابد من مساندة رجال الأعمال لإنقاذ جيل دمرته التكنولوجيا.
هذه البرامج الهدف منها تعليم هذا الجيل مهارات الحياة التى أفتقدها وتدريبهم على بعض الأشياء التى تعلمهم الاعتماد على النفس فعلى سبيل المثال يتلقى مجموعة تدريباً فى فندق على ترتيب الحجرات ليعود الطفل قادراً على ترتيب حجرته بنفسه كذلك تعلم مهارات الطهى وسلوكيات تناول الطعام والتنظيف ورغم أن الأمر قد يبدو بسيطاً لكنه كبير فى تأثيره وأثره فى المجتمع.
وقد يكون مفيداً مشاركة فريق آخر فى أعمال اللاند سكيب داخل التجمعات السكنية الخاصة ببعض المطورين وتعليم الطفل كيفية زراعة النباتات والاعتناء بها ليضحى الطفل مفيداً لمجتمعه بعيداً عن هذا المشهد العبثى للأطفال وهم يدمرون الحدائق ويغتالون النباتات بداخلها.
من هنا أدعو لإطلاق برنامج تدريبى لأطفال المدارس خلال الأجازة الصيفية تشرف عليه وزارة التربية والتعليم وتشارك فيه كافة الوزارات المعنية مثل الشباب والرياضة والثقافة والصحة والسياحة والبيئة وغيرها من الوزارات التى يمكنها تقديم خدمة مجتمعية بالتعاون مع رجال الأعمال لتصميم برامج تدريب مختلفة تنجح فى علاج هذه التشوهات التى اغتالت براءة هذا الجيل.