إن ذلك العنف الماجن الذى تمارسه إسرائيل فى قطاع غزة والدمار الشامل وسيل الدماء للشهداء من النساء والرجال، لاسيما الأطفال فى أكبر مذبحة للأطفال عبر التاريخ منذ مذبحة «أطفال بيت لحم» على يد «هيرودس» الحاكم الروماني.. حتى فى يوم العيد فى محاولة للاحتفال بالعيد وسط الركام وجثث الضحايا تحت الأنقاض ليس فقط لبث روح البهجة بل روح التحدى والصمود لدى من تبقى من أطفالهم وتوطيد الإيمان بالقدرة على الحياة وسط دوى الانفجارات والتذكرة بملحمة «أطفال الحجارة».. إن ما تمارسه إسرائيل فى غزة منذ هجوم السابع من أكتوبر لا يعد بالجديد، بل هو أحد حلقات ما يسمى «بالعنف الهيكلى أو المؤسسي»، ذلك المصطلح الذى أصله عالم الاجتماع النرويجى يوهان جالتونج ويقصد به ذلك العنف الذى تمارسه الهياكل والمؤسسات الاجتماعية لإيقاع الضرر بالآخرين إلى الحد الذى يقوض قدرتهم على تلبية الاحتياجات الأساسية.. لقد سعت «الحركة الصهيونية» منذ أن أصبح لليهود دولة إلى إحياء توجهات العنف من منظور «الصهيونية الدينية» بدعوى أنهم شعب الله المختار الذى وعدهم بامتلاك الأرضى الفلسطينية بيد.. إن روافد ومصادر ذلك «العنف المؤسسي» الممنهج الذى تمارسه إسرائيل فى قطاع غزة الآن لا علاقة لها باليهودية والقومية العلمانية، وتلك المخاوف من العرب التى ترسخت داخلهم خلال قرون الاضطهاد و»محارق الهولوكست».. إن تلك الخاصية التى ينفرد بها ذلك الصراع الفلسطيني– الإسرائيلى من خلال دوامة «العنف الهيكلى أوالمؤسسي» الذى تمارسة قوات الاحتلال الإسرائيلية على الأرضى الفلسطينية ضاربة عرض الحائط بقواعد القانون الدولى وقانون حقوق الإنسان منذ الاستيلاء على الأراضى الفلسطينية فى عام 1967 التى أنهكت كلا المجتمعين، لاسيما الفلسطيني.. إن تلك الدوامة من العنف الإسرائيلى بدءاً من شن الغارات العسكرية المباغتة من قبل قوات الاحتلال ضد المدنيين العزل عقب «طوفان الأقصي» الذى صار غصة فى حلق كل إسرائيلى متغطرس وأدى إلى دوران آلة الحرب الصهيونية الجهنمية التى أتت على الأخضر واليابس.. لقد تجاوز الرد الإسرائيلى تداعيات «طوفان الأقصي» من خلال تلك التداعيات التى تجاوزت مجرد الإيذاء الجسدى والنفسى وانتهاك كافة حقوق الإنسان فى المستوطنات اليهودية غير القانونية، لاسيما فى القدس الشرقية الفلسطينية، بعد صدور قرار الأمم المتحدة الذى رفع وضع الفلسطينين فى الأمم المتحدة.. إن تلك المستوطنات الإسرائيلية تعد غير قانونية وفقاً لاتفاقية «لاهاي» واتفاقية «جنيف الرابعة» وقرارات مجلس الأمن.. ناهيك عن الإدانة الدولية لتلك المستوطنات.. لقد ضربت إسرائيل عرض الحائط بكافة القرارات الدولية.. إذ قامت على مدار العامين الماضيين بالموافقة على إنشاء أكثر من 16 ألف وحدة سكنية على الأراضى الفلسطينية المحتلة والإصرار على التمادى فى ذلك إلى أقصى حد.