أقف ضد من يطالبون الحكومة بسحب مشروع قانون الإيجارات القديمة وتنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر.. فهذا ليس إجراء يعكس الحوار والنقاش.. وتبادل الرؤى المقترحة وصولاً إلى العدالة المنشودة والتى غابت على مدار عقود طويلة.. وبطبيعة الحال المالك والمستأجر كل له دوافعه ومبرراته ودفاعه ورفضه أو قبوله بهذا الوضع المتجمد على مدار سنوات طويلة تغيرت فيها طبيعة الحياة والظروف وبات كل منهما يشكو من الظلم حتى تسببت حالة الجمود فى تهالك العقارات وملاكها.. وأيضاً اطمئنان المستأجرين إلى حالة اللاسلم واللاحرب واستسلم الطرفان لهذا الوضع الظالم للملاك.. وهناك من يرى ان تغيير هذا الوضع فيه جور على المستأجرين.. لذلك تعالوا إلى صيغة تحقق العدل للطرفين وقبل البحث عن هذه الصيغة علينا ان نعرض المعطيات والمبررات وتشخيص الحالة بالنسبة لطرفى العلاقة أو المالك والمستأجر.
بالنسبة لملاك العقارات يرون انهم يملكون فقط على الورق والاسم أصحاب عمارات باتت لا تدر ما يوازى سعر كيلو لحمة وهناك من ذهب إلى ان إيجار الشقة يقل عن سعر الليمونة.. ومعظم الملاك فى حاجة إلى تغيير هذه الأوضاع الظالمة من وجهة نظرهم ولديهم الحق.. فالعمارات توازى بسعر السوق ربما عشرات الملايين إلا ان عوائدها لا ترقى لتكلفة الحياة أو العلاج.. خاصة ان الكثير من الملاك أيضاً فى سن متقدمة أو لم يعد الورثة يهتمون بأن لهم ميراثاً فى هذه العقارات لأنها لا تغنى ولا تسمن من جوع.. وان مجرد الذهاب إليها أمر شاق ومكلف مادياً وبدنياً ولا يساوى ما يتحصل من إيجارات فى حين ان إيجار الشقة بسعر السوق فى أقل المناطق يزيد على الـ2000 جنيه ويزيد أضعافاً كثيرة فى المناطق المتوسطة والراقية.. وبالتالى فإن تصحيح العلاقة بات من العدالة فى ظل الظروف الاقتصادية الصعبة وأسعار الإيجارات المرتفعة للوحدات المماثلة وهناك شقق لا يزيد إيجارها الشهرى على 10 جنيهات.. ولذلك فإن هذا الوضع تسبب فى ظلم على الملاك وأثر على سلامة العقارات نفسها.
نحن أمام وضع شائك.. لكن الأمر المهم أننا أمام حكم للمحكمة الدستورية وهى أعلى سلطة قضائية فى البلاد وقضت بعدم دستورية ثبات الإيجار بسبب تغيير الظروف الاقتصادية وإعادة الاعتبار للعلاقة بين الطرفين لتحقيق العدالة بينهما.. بحيث يتحصل المالك على القيمة الإيجارية الأقرب للعدالة وأيضاً المستأجر الذى يتقدم بعريضة وقائمة طويلة من الأسباب والمبررات التى يسوقها لرفض مشروع القانون.
المستأجرون يقدمون مبررات أبرزها ان البعض منهم ليس لديه الامكانيات والقدرة على دفع القيمة الإيجارية المقترحة فى مشروع القانون والتى لا تقل عن ألف جنيه فى المدن و500 فى القرى كحد أدنى رغم أنها لا تصل إلى 50٪ من القيمة السوقية.. وأيضاً فكرة الفترة الانتقالية لاخلاء الوحدة السكنية وتبلغ خمس سنوات وهو كان مطمئنا قرير العين مرتاح البال ان الشقة التى يسكن بها بنظام الإيجار القديم هى أقرب إلى التمليك وهذا توصيف لا ينطبق عليه.. وربما ان ما يدفعه شهرياً صاحب الشقة التمليك يسدد شهرياً لنفقات العمارة أو البرج الذى يسكن فيه ما يصل إلى ألف جنيه قيمة فواتير المياه والكهرباء والأسانسير والبواب وما يستجد.. وإذا لم تصل إلى معالجة وقانون قد تضع المالك والمستأجر فى حالة صراع.. قد يصل إلى ما لا يحمد عقباه.. لذلك حتى القانون الجديد لابد ان يكون واضحاً فى كل بنوده ولكل بند آليات واضحة مثل الشمس لا اجتهاد فيها.. لذلك فالتشنج والرفض المطلق والحديث عن سحب الحكومة للقانون أراه مرفوضاً تماماً فنحن نتحدث عن 1.8 مليون وحدة سكنية أى لدينا بمتوسط خمسة أفراد فى الوحدة السكنية أى ما يقترب من 10 ملايين مواطن أمام عشرات الآلاف من الملاك.. اذن لابد ان نضع الحلول العادلة والشاملة ولدى هنا مجموعة من التساؤلات المهمة أطرحها كالتالى:
أولاً: ما هو حال أصحاب العقود الأصلية من المستأجرين الذين توفاهم الله وآلت الشقة للورثة وربما الورثة أو الأبناء يعانون من الشيخوخة وكبر السن وربما فى حالات موجودة ان الوحدة آلت للأحفاد أو يسكن فيها الآباء والأبناء والأحفاد وقال لى البعض ان هناك وحدات سكنية مثل ملعب الكرة تعيش فيها عائلة وليست أسرة وإيجارها لا يزيد على 10 جنيهات فى احدى المناطق الشعبية.. فما بالنا فى وحدات سكنية فى الزمالك أو مصر الجديدة.
ثانياً: لا يفوت على المناقشات والحوارات ان هناك عقارات أو عمارات شهدت بالفعل حالات إخلاء من قدامى المستأجرين أو طبقاً للقانون القديم الذى يجرى الآن تعديله وعادت هذه الشقق إلى الملاك.. وقاموا بتأجيرها بنظام القانون الجديد الذى حدد مدة العلاقة الإيجارية بالـ59 سنة أو قام ببيعها بنظام التمليك أو الإيجار الجديد السنوى أو المفروش.. لذلك أطرح بعض الحلول :
1 – يمكن منح فترة انتقالية وقدرها خمس سنوات للحالات التى توفى فيها صاحب العقد الأصلى.. وآل إلى أسرته وأبنائه مع التزام الحكومة بتوفير السكن البديل والكريم بشروط أقل وتيسيرات كبيرة.
2 – تخصيص ما لا يقل عن 15 ٪ من قيمة العقار فى صندوق للمساهمة فى حجز وحدات سكنية للحكومة.. وهناك على الملاك ان يتحلوا بالكياسة بدلاً من الوضع الحالى المجحف لهم فإذا كان العقار وما به من وحدات سكنية سوف يتم اخلاؤها قيمته مليون جنيه «مثلاً» لماذا لا يساهم بـ150 ألفاً فى هذا الصندوق لحل مشكلة الأكثر احتياجاً والذين لا يملكون القدرة وبالتالى المالك هو الكسبان مع مراعاة الوحدات السكنية فى العقار التى يطبق عليها مشروع القانون الجديد فربما هناك وحدات مؤجرة بنظام الـ59 عاماً ولا يستطيع التصرف فيها بالبيع أو إعادة التأجير ويجب فى هذه الحالة ان تدرس بعناية الحالات الأكثر احتياجاً للدعم والمساندة مع وجود تيسيرات من قبل الحكومة لتوفير السكن البديل.. والا يغادر المستأجر وحدته بنظام قانون الإيجارات القديمة.. قبل توفير هذه الوحدة وفى ظنى ان هذا أفضل للمستأجر الذى قد يضطر إلى سداد أكثر من ألف جنيه كمقابل لايجاره الوحدة السكنية التى يعيش فيها بعد صدور القانون الجديد.. وبدلاً من ان يسددها لإيجار يمكن ان يسددها لامتلاك وحدة سكنية مع زيادتها كقسط شهرى للوحدة الجديدة كما انه يجب حساب مساحات الشقة بنظام الإيجار القديم لتوفر الحكومة وحدة سكنية بنفس المساحة.. فهناك شقق لا تزيد مساحتها على 60 متراً.. وتوفر الحكومة وحدات سكنية للمتضررين فى مناطق تتوفر فيها جميع الخدمات.
يمكن تمييز أصحاب الوحدات السكنية فى المناطق الراقية مثل الزمالك وجاردن سيتى ومصر الجديدة ان تتاح الفرصة لمن يريد الحجز فى الإسكان المتميز بتيسيرات أيضاً وتعويض يوازى 15 ٪ من قيمة الشقة التى اخلاها المستأجر.
تحيا مصر