هل أنت كما تحب أن يراك الناس؟ هل انت حقيقى أم مزيف؟ هل واقعك متطابق مع تصوراتك عن هذا الواقع؟ هل ما تقوله وتردده امام الناس هو نفسه ما تفكر فيه بينك وبين نفسك؟ هل تستطيع الدفاع عما تعتقد انه حق وصواب دون النظر إلى آراء الآخرين فى شخصك؟ هل أنت قادر على تحييد مشاعرك وتجميد هواك وعصيان أهوائك؟ هل حقا تحب الخير للآخرين القريبين والبعيدين؟ هل تكره الشرور والأشرار وتحب الخير والأخيار بحق؟ هل أنت مجرد حقا وصدقا ودون مواراة أو مواءمات؟
>>>>
هل تنكر شخصك وتتنكر للشخصنة بكل أشكالها وألوانها فى كل امورك؟ هل استيقظت من نومك فى يوم ما ونظرت إلى وجهك فى المرآة ووجهت لنفسك بنفسك النقد الذى تستحقه بعيدا عن الناس وقبل ان تضع اى مساحيق اجتماعية؟ هل أنت حقيقى أم مزيف؟ وما مدى احترامك لنفسك وشخصك وتفكيرك ومعتقدك ومجتمعك ووطنك؟ هل تحب ما تفعل وتحترم ما تقول وتقول ما تؤمن به حقا؟ تلك التساؤلات لا تحتاج إجابات، فلا اجابة نموذجية ولا توقعات مرئية، بل هى احاديث النفس للنفس من اجل احترام النفس.
>>>>
ففى كل موقف وقرار أسأل نفسى هل هذه الموقف موقفى وهذا القرار قراري؟ أم أنا مجرد إمعة أسير كما القطيع أحسن إذا أحسنوا وأسيئ إذا أساءوا؟ بيد أننا جميعا نظن أننا مختلفون عن غيرنا ،وأن ما نقوله عن سوءات النفس والمجتمع لا يخصنا بل يخص الآخرين، نتحدث كثيرا عن اخطاء من سبقونا ومن نافسونا ونقع فيها بشكل يدعو للدهشة والاستغراب، نطالب غيرنا بأن يتجردوا فى فعالهم وأقوالهم لكننا ننسى أن نتجرد نحن أولا، نطالب ابناء المجتمع ان يقتصدوا فى استهلاكهم وإنفاقهم ومظاهرهم لكننا نظن انفسنا حالات استثنائية.
>>>>>
نقول للناس ونحن نعطهم الأعمار قصيرة والدنيا فانية وكل ما حولنا مؤقت ولا يوجد ديمومة ولا استدامة ولا خلود، لكننا نخوض بأنفسنا معارك طاحنة من اجل منصب أو ثروة نردد ونعلم انها زائلة لا محالة، حالة عادية من الازدواجية غير المزعجة والتى استقر عليها الكثيرون غير مبالين، نهتم كثيرا بالآخرين وتصوراتهم عنا أضعاف ما نهتم بدواخل انفسنا وحقيقتنا دون رتوش او تزييف، الكثيرين يشتكون من كل شئ وينتقدون كل شئ حتى بات المجتمع شكاء بكاء لا يشعر بالرضا على طول الخط.
>>>>
لكن احدا من هؤلاء الشكائين البكائين لم نره يوما واحدا يقول عن نفسه انه محدود الإمكانيات وان قدراته ومهاراته ضعيفة، لكن الجميع يرى فى نفسه العبقرية والتفرد، وعليه فالجميع يرى انه لم يأخذ حقه المادى والأدبى وان حقه مهضوم ومستباح، لذلك تجد العديد من الظواهر المجتمعية السلبية نتيجة هذه الفجوة بين الواقع والتصورات وبين الحقيقة والخيال وبين الأقوال والأفعال، ربما تكون هذه التساؤلات غريبة او حتى يمكن ان يصفها البعض بأنها وقحة، لكن لن التفت لما يقوله البعض حتى لا استهلك طاقتى ووقتى فى الانشغال بما يقوله الناس،
>>>>
فإذا سلمنا آذاننا واهتماماتنا لما يقوله الناس عنا فلن نتقدم قيد انملة ولن نحقق ما نصبوا اليه مهما تكررت المحاولات، وستدور حياتنا جميعا حول فخاخ «كأن» المنصوبة فى كل مكان، فكأنك تعمل وتضحى وكأنك تفكر وتتأمل وكأنك تحب الخير والأخيار وتكره الشرور والأشرار وكأنك تؤمن بالله حقا وتسلم له أمورك وكأنك تمارس الإيجابية فى كل سلوكياتك وتصرفاتك دون قيد او شرط إلا الحق والعدل والمساواة والجمال، كأنك تصلى وتعبد الله وتشيع الخير مرضاة لله، وكأنك وكأنك حتى وصلنا إلى كأنك سعيد وراض وقانع ومقتنع! وآخر ما كنت أتخيل ان أضع مصطلح «كأن» قبله هو التمثيل نفسه! فهناك من يمثل انه يمثل فيتحول- حتى التمثيل- إلى كأنه تمثيل