تطوير التعليم قضية مهمة للغاية خاصة التعليم ما قبل الجامعي، لأنه نواة أساسية لخريج جامعى على درجة عالية من استيعاب متطلبات العصر الذى نعيشه، وأيضا امتلاك القدرات والمواصفات التى تلائم سوق العمل المحلى والاقليمى والدولي، والأهم فى هذه المرحلة هو بناء الشخصية المتكاملة سواء فى بناء الوعى الحقيقى والفهم والاستيعاب لما يدور ويجرى على الساحة الاقليمية والدولية من أحداث وصراعات وتداعياتها المختلفة سواء على الأمن القومى المصرى أو تأثيراتها الاقتصادية وأسبابها وجذورها ولذلك يجب بناء شخصية تمتلك القدرة على الحوار بأفق مفتوح دون تطرف أو مغالاة أو تعصب بمعنى الشخصية المنفتحة بما لديها من ثقافات ومعارف، تتسم بالتسامح والاعتدال والانتماء العميق لهذا الوطن، وامتلاك القدرة على التميز بين الحقيقة والشائعات والأكاذيب، بل وآلية البحث عن الحقيقة واستقصاء المعلومات، والقدرة على التحليل، والابتكار، بل واتخاذ القرار.
تطوير التعليم فى مصر ليس عملية سهلة على الاطلاق بسبب تراكمات وأخطاء الماضي، وترسخ مفاهيم خاطئة ونمطية فى الذهنية المصرية، تحت ثقافة عنوانها شهادة والسلام دون إدراك محتوى ومضمون وكفاءة هذه الشهادة وجدارتها، لذلك أطرح مجموعة من الأسئلة التى أراها مهمة حتى لا يكون الحديث مجرد بنود نظرية للتطوير والتحديث دون وجود آليات حقيقية للتنفيذ على أرض الواقع، أبرزها: هل هناك حضور أو إقبال على الالتزام باستدامة الحضور والانضباط، وما هو شكل ومحتوى المدرسة وماذا تقدم للتلاميذ وماذا عن المستوى والقدرات وماذا لدى المعلم ليقدمه للتلاميذ من تعليم وثقافة، وهل المعلم جاهز لمواكبة تطورات العصر أو لديه القدرة العلمية والعقلية المنفتحة التى تستطيع أن تخلق علاقة مثالية بين المعلم والتلميذ فى ظل آفة الدروس الخصوصية التى أسقطت مقومات هذه العلاقة.
بداية أى تطوير لا يجب أن يكون مجرد حبر على أوراق كثيرة بل يجب أن تكون هناك إرادة حقيقية للتطوير والمتابعة وقياس المستوى والنتائج والوقوف على مردود التعليم فى ظل تراجع الحضور إلى المدارس وما هى قدرات هذه المدارس من وسائل تكنولوجية وكوادر تعليمية وروح الحماس والاصرار على تنفيذ برامج التطوير.
تصويب العلاقة بين المعلم والتلميذ أمر مهم للغاية قبل الحديث عن التطوير، لابد أن يكون لدى المعلم الجدارة والحماس والمبادئ والادراك انه صاحب رسالة والقدوة، والبحث عن وسائل غير نمطية للشرح أو وصول الرسالة إلى التلاميذ، واخترت مجموعة من النقاط التى أراها مهمة لضمان فاعلية تطوير التعليم خاصة الثانوية العامة والتى لابد أن يكون هناك حوار ونقاش مجتمعى يضم كافة أطراف العملية التعليمية من معلم وأولياء أمور وخبراء لنتفق على مسار أو طريق نمضى فيه جميعا ومن المهم أن تصل هذه الرؤية المتفق عليها إلى طاولات الحوار الوطنى لاحداث حالة من التوافق ومن ثم تحويله الى سياسات قابلة للتنفيذ، لذلك أرى أن يحال الأمر بعد التوافق المجتمعى على رؤية تطوير التعليم إلى الحوار الوطنى لضمان الاجماع والتوافق على المسار.
< النقطة المهمة التى أراها هى ضمان إلتزام حضور التلاميذ إلى المدارس، وتهيئة هذه المدارس لتواكب رؤية التطوير، وغرس روح الشغف والحب والاقبال على الحضور للمدارس بمعنى أن يكون هناك مضمون ومحتوى وبرنامج يومى تعليمى ورياضى وثقافى وتوعوي، وأن تكون هناك جدية وإرادة للتنفيذ حتى لاتذهب الجهود والرؤى هباء منثورا.
< تطوير وتأهيل وتدريب المدرس (المعلم) ليس فقط على الجوانب التعليمية والمتخصصة ولكن المهارات الشخصية والمعرفية العامة والالمام بالقضايا والأحداث والتحديات المحلية والاقليمية والدولية وتأثيراتها، من خلال النقاش بأسلوب بسيط وشيق.
< أرى أهمية استمرار التشعيب علمى (علوم ورياضة وأدبي) لأنها قدرات وامكانيات ولا تجب الاستهانة بالشعبة الأدبية، بل أراها غاية فى الأهمية فى هذا العصر، خاصة فى قدرتها على تقديم مستوى طالب مؤهل للالتحاق بالكليات السلوكية والأدبية والنفسية والاعلامية، وهذه المحاور لها أهميتها الاستراتيجية خاصة الاعلام وما يمثله الآن من سلاح وجودى سواء للحماية والتحصين للوطن والعقل الجمعي، بل وأصبح الاعلام يستخدم لدى قوى الشر فى هدم الدول وتحريض شعوبها وبناء الوعى المزيف كأحد أهم مكونات الحروب الجديدة.
> ربما أرى أنه لابد من دمج التعليم الفنى بالثانوية العامة، بمعنى أن يكون التعليم الفنى هو الشعبة الرابعة، لتكون أدبي، وعلوم، ورياضة وفنى لتحقيق الآتي:
– التخلص من النظرة الدونية للتعليم الفنى مجتمعيا، أو لدى الطالب وبالتالى يترتب على هذه النظرة عدم اهتمام الطالب بالتفوق أو التميز.
– أن تكون الشعبة «الفني» قاصرة فى التنسيق على الالتحاق بالكليات التكنولوجية والتطبيقية والمعاهد الفنية وحتى تستطيع توفير خريج يحصل على الرضا والاحترام المجتمعي، وأيضا الاهتمام الشخصى من «الفني» بالتميز والتفوق، وفى ظنى أن الالتحاق بكليات الهندسة يعود ليقتصر على الحاصل على الثانوية العامة «شعبة الرياضيات» أو الاقتصار على الالتحاق بكليات الهندسة على تخصصات محددة منها لطلاب شعبة «الفني» مثل الميكانيكا وهنا نضمن أهمية التعليم الفني.
> فى العصر الذى نعيشه لا يجب التركيز فقط على تطوير العملية التعليمية من خلال المناهج التقليدية ولكن أيضا من المهم البحث عن رؤى وآليات لبناء الشخصية، وتنمية قدراتها على التفاعل والحوار، من هنا لابد من فتح المجال لورش العمل والنقاشات والموائد المستديرة، سواء حول ما تحصل من المناهج، أو حول القضايا المهمة محليا وإقليميا ودوليا، أو تنمية القدرات البدنية والرياضية والثقافية والمعرفية وأيضا إعادة تحسين المجموع أمر مهم لتخفيف العبء عن الأسر وأولياء الأمور والتلاميذ ويمنح فرصاً كثيرة.
تحيا مصر