غياب وعى الأسر بأساليب التربية السليمة يؤدى إلى غرس بعض المفاهيم الخاطئة بنفوس أطفالهم قد يدفعهم للاعتماد على العنف كوسيلة اساسية فى التعامل اليومى ويتحولون الى شخصيات عنيفة حيث تشير الاحصائيات الاجتماعية الى ان لدينا 90 ٪ من الآباء يعتمدون فى تهذيب ابنائهم من سن خمس سنوات على الضرب بواقع 3 مرات أسبوعيا و60 ٪ منهم يعتمدون على صفع ابنائهم على الوجه أو الضرب على اليد او مؤخرتهم لتربيتهم و15 ٪ يتسلحون بالعصا والخرطوم لمعاقبتهم وتأديبهم مما يدفع هؤلاء الاطفال لاكتساب سلوك عدوانى.
وكثير من الجرائم التى تحدث داخل المنازل المغلقة ضد الاطفال لا ندرك منها سوى 10 ٪ فقط بسبب ان الطفل فى هذه المرحلة غالبا غير مؤهل للحديث عن القهر الذى تعرض له ونقل تفاصيله لأفراد أسرته خاصة أن حالات الايذاء المختلفة.. وغالبا ما يقع فيها أطراف قريبة من الطفل ولا يتحدث الطفل أو اهله الا اذا وصل الامر لكارثة
والأسرة هى الأساس والتى تسهم فى وصول بعض من افرادها الى حالة من الشخصية السيكوباتية او العنيفة حيث ان التنشئة الاجتماعية هى المحددة لسلوك الشخص منذ الطفولة وقد يتسبب فى ذلك الطلاق او الهجر وعدم رعاية الطفل بشكل كاف.
اتصور ان اغلب الحالات التى يتعرض فيها الطفل لتعنيف أو تحرش لا يتم الابلاغ عنها حيث ترى بعض من الأسر انه لا يتوافر لديها دليل سوى شهادة الطفل فيخشون الفضيحة أو ان الحادث لا يعرفه احد خاصة عندما يلتزم الطفل الصمت خشية النتائج من ردود الافعال.
ولذلك نجد ان عدم إبلاغ الاسر من الأساس عن هذه الجرائم خاصة من بدايتها لتفادى الفضائح يتيح الفرص للمجرم للهروب من جريمته وتطبيق العقوبة عليه رغم تغليظها ولكن من يطبق عليهم هذه العقوبة لا تصل نسبتهم الى 25 ٪ فى حين انه تم تسجيل نحو 10 آلاف بلاغ بنجدة الطفل منذ يوليو وحتى نوفمبر الماضى بينما رصدت تقارير النيابة زيادة ملحوظة فى عدد الضحايا من الاطفال خلال العامين السابقين.
من المؤكد ان عدم إقبال واقدام الاسر على محاسبة المتهم للنهاية يشجع الكثيرين لتعنيف الطفل أو التحرش به حيث تتوافر لديه القناعة ان الاسرة سوف تخشى من الفضائح.. كما ان هذه الجرائم لن تتوقف او تنتهى الا اذا تم التصدى للدراما العنيفة والسوشيال ميديا التى تقدم مشاهد شاذة وغريبة عن مجتمعنا حيث تعتاد الطبيعة والنفس البشرية على ما تشاهده من مشاهد عنف ويتحول الى سلوك ينفذه العقل الباطن بشكل لا ارادى خاصة بين ضعاف النفوس.
إننا بحاجة لإعادة النظر فى بعض التشريعات او القوانين الخاصة بالردع غير الكافى لان القانون يعد قانون نهايات ولا يطبق اذا لم يكن هناك دليل ظاهر او ملموس على الطفل خاصة ما يتعلق بوجود دليل قوى وآثار بجسد الطفل أو مرور مدة على ماحدث فلا بد أن يكون هناك شهود او علامات وكدمات بجسد الطفل تدل على الفعل حيث ان القانون لا يعاقب على النية ولا الافعال المستترة.
ولا يمكن اغفال دور الدراما العاكس للمجتمع فى التصدى لمثل هذه الجرائم وتوعية الاسر والأبناء.. ولذلك لابد من مراعاة عدم التركيز على السلوكيات الشاذة والغريبة والتى جعلت منها القاعدة العامة للمجتمع دون وجود مبرر لذلك مما يؤدى الى وقوع كوارث من وراء مشاهد العنف ومنها الجرائم التى تقع ضد الاطفال.