تمثل سورة الفاتحة أو أم الكتاب كلام الناس إلى الله كما يمثل القرآن تفاصيل هذا الكلام الذى أجملته الفاتحة وبلغة أخرى هى رجاءات وأسئلة الناس للخالق وبقية القرآن ردود الخالق على هذه الاسئلة والرجاءات كما أنها تمثل مجمل الدين وما جاء به وبقية القرآن تفاصيل هذا الذى أجملته لذا سميت أم الكتاب وسميت الكافية، والشافية وسورة الشكر، والحمد، والصلاة، والرقية.
ربما ما يفسر اعتبار كثير من العلماء أن البسملة آية من الفاتحة أن البسملة فاتحة كل شىء فى الهدى الإسلامى والفاتحة فاتحة هذا الدين وهذا القرآن الكريم .
يقول فضيلة الشيخ محمود شلتوت شيخ الأزهر السابق فى كتابه إلى القرآن الذى صدر ملحقا على مجلة الأزهر الشريف وقدم له الدكتور نظير عياد مفتى الجمهورية :
«سورة الفاتحة، وتسمى أم الكتاب، هى إحدى سور خمس فى القرآن الكريم، بدئت بإثبات الحمد الله .وقد أجملت الفاتحة كل ما فصل فى القرآن الكريم من إثبات التوحيد والبعث وبيان الطريق المستقيم الذى يسلكه الإنسان فى تنظيم حياته مع ربه ومع نفسه، ومع الناس: فالجملتان الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ» ، الرَّحْمَنِ الرَّحيم» تُثبتان توحيد الله فى الخلق والتربية عن طريق الرحمة الواصل أثرها إلى عباده.
والجملة الثالثة: مالك يوم الدين «تثبت النشأة الآخرى التى يقع فيها الجزاء على الأعمال.والجملتان إِيَّاكَ نَعبدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِين» تقرران مبدأ عبادة الله وحده ومبدأ عجز الإنسان واحتياجه إلى معونة ربه، وتقطعان عليه سبيل التوجه لغير الله بالعبادة والاستعانة.
جملة «اهدنا الصراط المستقيم «توجه الإنسان إلى طلب الأحكام التى ينظم بها شأنه من الله سبحانه وتعالي؛ فهو المعلم، وهو المشرع، وهو الموفق للعمل بما يعلم وبما يشرع. الناس. وجملة «صراط الذين أنعمتَ عَلَيْهِمْ» تُرشد إلى أن الناس أمام شرع الله وطريقه فرق ثلاث فريق عُرفوا بالتزام الصراط المستقيم حتى أضيف إليهم، وعُرف بهم، وكانوا فيه قدوة لغيرهم، وهم المنعم عليهم، وفريق جحدوا صراط الله وأحكامه عناداً واستكبارًا وهم المغضوب عليهم، وفريق متردد بين الظهور بالإيمان وبين استبطان الكفر وهم الضالون».
بذلك استوفت سورة الفاتحة العقيدة فى المبدأ والمعاد وبها كمال الإنسان من الجانب العلمى، واستوفت طريق العمل الصالح، وبه كمال الإنسان من الجانب العملى، وأشارت إلى تاريخ البشرية الفاضلة فى التزام الحق علما وعملا، وإلى تاريخ البشرية الفاسقة فى التنقيب عن العلم والعمل، وهذا إجمال لكل ما فصل فى القرآن الكريم، ومن هنا كانت الفاتحة مقدمة الكتاب، وأم الكتاب.. يتتبع كتاب إلى القرآن سور القرآن سورة سورة يبين مقاصدها وما اشتملت عليه من موضوعات.
يقول الدكتور نظير عياد فى مقدمته: «وبالجملة فهذا الكتاب – على حد ما جاء فيه ليس كتابًا من كتب التفسير بالمعنى المألوف للتفسير، ولكنه نهج جديد وأسلوب فريد يتجاوز شرح الآيات إلى إبراز الحكمة، وتوضيح المقاصد واستلهام العبرة، كما أننا نجد فيه حكمة منتزعة من مثل، وعبرة مأخوذة من قصة، ورداً على شبهة، وتقوية لإيمان وتبديدا لخرافة، وتقريرا لحقيقة، ودفعاً لباطل، وتثبيتاً لحق وتوجيها لخير، وتحذيرا من شر؛ كل ذلك مقتبس من آيات الله فى أسلوب سهل، وعرض فريد، وتوجيه سديد إلى ما هو من شأن القرآن حتى نطلبه منه، وما ليس من شأنه فلا ننتظره منه ولا نقر آياته عليه».
الكتاب قطعة أدبية راقية يسيرة اللغة والفهم ينتفع بها العالم المتخصص والمثقف الذى يلم من كل شىء بطرف والبسيط الباحث عن التعلم.