مشاعر النوستالجيا والحنين إلى الماضى ليست قاصرة على كبار السن الذين يصفون أيام شبابهم بالزمن الجميل بل أيضا الشباب الذين يحبون القديم ويضيفون عليه لمستهم الخاصة التى تمنحه حياة جديدة سوق السلع المستعملة أو flea market موجود فى كل العالم حيث مساحة تتيح للعارضين عرض مقتنياتهم القديمة للبيع أو مبادلتها بسلع مماثلة الفكرة المصرية الشبابية اختارت موعدا شهريا فى حديقة عامة يلتقى فيها الغاوى والناوى على القديم وتضم أيضا من يقوم بإعادة التدوير وتحويل القديم إلى شيء مختلف وكذلك أصحاب المشاريع الصغيرة الذين يجدون فى السوق فرصة لتعريف الناس بهم، لأن المعادلة جديدة ومترابطة قامت الصديقتان شيماء عادل ونورهان شكرى بحضور Cairo Flea Market لينقلا لنا نبضا شبابيا مختلفا يرفع شعار الحفاظ على البيئة من بوابة صيانة القديم.
فى الحديقة
دورات عدة استضافتها حديقة الأسماك، انتقل السوق أو البازار مسافة قصيرة لحديقة الحرية بجوار دار الأوبرا حيث تقابل العارضين للسلع وخصوصا الملابس والأحذية والحقائب المستعملة ومنها فى حالة ممتازة تمنح الغاوى فرصة اقتناء «براندات» مشهورة بمقابل بسيط أو تقدمها فى «نيولوك» يدل على الابتكار ومعها سلع غذائية و عطور أو اكسسوارات وغيرها من مشروعات شبابية كل منهما يتخذ مائدة يعرض فيها بضاعته أو يتشارك المكان..
والحضور أغلبهم شباب يعبرون عن ذوقهم المتفرد فيما يرتدونه أو يشترونه.
ملابس «لطيفة» للبيع أو التبادل
لطيفة أحمد صاحبة الـ 03 عاماً.. تعرض ملابسها وملابس معارفها المستعملة حالتها جيدة.. مع إمكانية تبادل القطع دون الحاجة لشرائها.. يمكنك جلب قطعة معينة ومقايضتها مع لطيفة بقطعة من اختيارك.. ميزة تنفرد بها بين العارضين.. وتؤكد أن شغفها فى شراء الملابس جعلها تمتلك عددا كبيرا منها ولذلك فكرت فى هذه الفكرة لتصبح مشروعها وتدعو أصحاب الشغف المماثل للانضمام لمشروعها سواء لغرض مادى او انساني.. وتقوم بخدمة التوصيل للمحافظات مصر… وأسعارها نصف أو ربع ثمن الملابس الجديدة وبالتأكيد هذا السوق هو المكان الأمثل للقاء محبى الملابس المستعملة وأصحاب الذوق الرفيع.
مقتنيات «منال» فن وصنعة
منال عبد الحميد أبو العينين… رغم أنها أم وربة منزل قررت الاستفادة من اكسسواراتها وملابسها القديمة او غير المناسبة لتكون مشروعها الخاص …تعيد تشكيلها وتصميمها.. لتناسب مختلف الأذواق.. تقول : أحب اشوف الناس لابسة حاجتي.. وتحرص على حضور البازار منذ بدايته تعمل بمفردها فى هواية تطورت إلى المشروع مثلا تحول إسورة إلى قلادة والقلادة تفككها وتحولها لاكسسوارات.. أصقلت موهبتها بالذهاب الى ورش النحاس وتعلمت منهم تشكيل المادة الخام وإعادة تشكيل اكسسواراتها وهكذا من باب الهواية إلى أبواب الفن الذى يحظى بإقبال تسعد به وتشعر أن كل قطعة هى جزء من قصتها ترويها من القلب وتشكلها باليد.. وتؤكد أن الأسعار فى المتناول لأنها تهتم بتقدير الماس للقطعة وشعورهم بقيمتها والمجهود المبذول حتى تتشكل وهو ما تجده فى زوار البازار خصوصا من الشباب.
حقائب منة .. حكاية ومعني
منة سليمان -علوم كمبيوتر-انضمت للتجربة قبل عامين تحمل حقيبة كبيرة تضم الحقائب والملابس والاكسسوارات وما تلتقطه بعين فاحصة من الأسواق المشابهة.
حبها للقديم نابع من المعنى والحكاية وراد كل قطعة والسعر حسب الجودة وفى كل الأحوال أرخص من الجديد..تدعمها أختها وأسرتها ويساعدها السوق فى التعرف على أصحاب الذوق الفريد.
كاميرات عمرو ..عيون الماضي
.عمرو حسين فايق.. مدير مبيعات.. عاشق للقديم منذ صغره.. وفى كل مرة يشترك فى سوق المستعمل بمجموعته من الكاميرات العتيقة وهى بحالة جيدة جدًا… يتيح عاشق الفوتوغرافيا التصوير الفورى للزائرين واستلام الصورة بلمسات من الماضى كأنك فى أربعينيات القرن الماضى أو ما بعد.. كما يعرض قطع غيار الكاميرات القديمة وألبومات من الصور أبيض وأسود ويوضح أنه يرى الحاضر وينقل الواقع بعيون الماضى من خلال عدسات كاميراته عشق المجال وطور نفسه بزيارات منتظمة لأسواق الخردة هنا أو فى الخارج ينتقي..يرمم ..يعرضها بأسعار تبدأ من 500 جنيه وتصل إلى 3 آلاف.
خرائط عمر من التاريخ
عمر محمد همزه مرموش- 20 سنة – دراسته علوم الحاسب الآلى لكنه أحب التراث القديم ومادتى الجعرافيا والتاريخ وعزم أن يجمع الخرائط المتهالكة والقديمة وأيضًا الطوابع وأفيشات الأفلام والأغاني.. ويعتبرها جزءا من رسالة تثقيفية لا تقتصر على جنى المال وإنما من اجل الشغف وحب كل ما هو قديم.. يقدم عمر العلم والمعرفة من القديم فى شكل عصرى جذاب من خلال تصوير مجموعاته وإدخالها على الكمبيوتر وإضافة عناصر وصور أخرى تعيد تشكيلها إلى طابع مميز .. كل خريطة تحكى قصة عن بلد ما أو مناسبة تاريخية محددة أو فتوحات وغيرها من حضارات العالم المختلفة وكذلك القصص الأسطورية.
يعمل بمفرده.. لم يجد إلى الآن ما قد يشاركه نفس الشغف والطموح.. وبدأ مشروعه منذ 3 سنوات ويشارك فى البازار منذ 6 شهور.. يجد عمر اقبالا معقولا على منتجاته من محبى الأشياء القديمة وعشاق المعرفة تختلف أسعاره من قطعة لأخرى وباختلاف حجم الخرائط والطوابع وعلى حسب جودة الورق العادى أو المقوي
عطور من البنجر
لا يقتصر السوق على القديم أو إعادة التدوير بل يمتد إلى أصحاب المشروعات الذين يقدمون منتجاتهم ذات البصمة الخاصة لزائر يقدر ما هو فريد.. نتوقف أمام مجهود عائلة كاملة على مدار 3 سنوات وعلى رأسهم الابن محمد إسماعيل يقدمون عطور طبيعية تضاهى العطور العالمية والخليجية بتنوع يصل لحوالى 400 منتج رجالى ونسائي..
والجديد أنهم يستخرجون الكحول من ثمر البنجر مما يجعله أمنا على الجلد ولا يسبب حساسية الصدر مثل العطور العادية يستغل الابن مجال دراسته فى التسويق الالكترونى فى الترويج لعلامتهم التجارية من خلال مواقع التواصل الاجتماعي.. وساعدهم البازار على الانتشار لأن العميل يستطيع تجربة المنتج بنفسه لذلك يشترك به بانتظام من أكثر من عام ووصل عدد العملاء الى 600 آلاف عميل.
منتجات برديس طبيعية
على نفس النهج تقدم برديس عرفة.. منتجات عضوية آمنة على الصحة ولا تسبب الحساسية وتعرض الزيوت الطبيعية للجسم وبخورا وشمعا طبيعيا.. وتدعم فكرة إعادة التدوير.. باستخدام منتج من أوله لآخره حيث انه بعد الانتهاء من استخدام منتجاتها يمكن إعادة استخدام البرطمانات التى تتحمل الحرارة وتصلح للاستخدام اليومي.. البداية منذ عام ونصف وبدعم عائلتها وأصدقائها ومشاركتها بالبازار حققت تواجدا طيبا انعكس فى الاقبال على منتجاتها وتحرص على استخدام الأعشاب المهدئة للأعصاب والطاردة للطاقة السلبية.. والزيوت المرطبة وغيرها.
على الأصل دور
أغلب زوار المكان من الشباب ومنهم الأجانب الذين يعجبون بسوق المستعمل على الطريق المصرية ..الشباب يستوقفه القديم الأصيل بسعر زهيد أو ينجذب للمشروع الجديد المبتكر والقديم والجديد يتجاوران فى البازار كما فى الحياة.
زياد محمد طالب بكلية إدارة أعمال يأتى مع زملاء الكلية ويحب المكان لأنه يذكره ببيت جدته ويشترى بالفعل انتيكات مشابهة ويشيد بالمكان الجديد لأنه أوسع ويدرك أن التفاوت فى الأسعار بسبب اختلاف القطع فى الشكل والعمر والحالة.
أسما علي… شابة ثلاثينية.. خريجة محاسبة…ذهبت للبازار مع صديقاتها من باب استعادة الروح القديمة التى عاشتها فى طفولتها ورغم أنها لم تنو الشراء لكن أعجبتها بعض الملابس ووجدت نفسها تشتريها لأنها بالفعل كانت تمتلك مثلها من قبل والأسعار بعيدة عن المبالغة.
أما زياد نصر طالب تجارة عين شمس قاده عشقه للاكسسوارات خصوصا الساعات القديمة لحضور البازار الشهرى كما يحب عصر عبد الحليم وأم كلثوم وفريد الأطرش.. يتجول وإن لم يشترى لمجرد الحنين لهذا العصر وينوى عرض ما لديه من مقتنيات إذا أصبحت من رائحة الماضى الجميل.
حكاية شبابية
آدم إسلام خريج إدارة أعمال.. و أحد منظمى Cairo Flea Market يحكى لنا بداية الفكرة بسبب انتشار الماركات العالمية بأسعار مبالغ فيها ففكر وعدد من أصدقائه فى تنظيم سوق أو معرض يضم الشباب الباحث عن القصة والجودة وروح الماضى الأصيل
يعرف أن «النوستالجيا» أو الحنين للماضى أساس البازار فضلا عن تنوع المنتجات بين
الملابس الجديدة والمستعملة والاجهزة القديمة والأطعمة والمنتجات الصحية والإكسسوارات
الإقبال فى تزايد مستمر مما جعلهم ينتقلون من حديقة الأسماك إلى الحرية ويرحبون بانضمام العارضين من خلال صفحتهم على مواقع التواصل
البازار لم يكن فقط فكرة لدعم شراء المستعمل وتنشيط السوق بل أصبح خطوة لعرض مشاريع شبابية صغيرة ومختلفة أمام جمهور من مختلف الجنسيات… فالبازار يأتيه زبائن من الصين وفلسطين والهند وإيطاليا وألمانيا وغيرهم.