رغم أن الفارق كبير.. والبون شاسع.. بين أن تقول.. وأن تفعل.. إلا أن عهدى بالغرب.. سواء أوروبا.. أو أمريكا.. إنهم لا يقولون شيئاً إلا إذا كانوا قد وضعوا آليات وأساليب تنفيذه.. وخططوا بدقة وبمواعيد محددة لتحقيق أهدافهم.. والوصول إلى غاياتهم.. فعندما وعد «بلفور» رئيس الوزراء البريطانى عام 1917 بإنشاء وطن لعصابات اليهود على أرض فلسطين.. لترتاح أوروبا من مشاكلهم.. نفذوا وعد عام 1948.. ودافع عنهم بكل الدعم الأوروبى بصفة عامة والبريطانى بصفة خاصة واغتصب لهم وطناً لا يملكه.. وأعطاه لمن لا يستحقه.. وظل دعمه من 1917 وحتى اليوم.. وفى مؤتمر «بازل» لقادة الحركة الصهيونية ومؤسسى دولة إسرائيل على أرض فلسطين.. قال كبيرهم «بن جوريون»: لا يعنينى إنشاء وطن لليهود.. ولكن الأهم بقاء هذا الوطن وأن يملك من القوة والردع والنووى والذرى ما لا يملكه الآخرون.. وبمعاونة فرنسا وغيرها من دول الغرب حاز اليهود النووى والذرى ليس هذا فحسب.. وإنما فعلوا المستحيل ومازالوا إلى اليوم ألا يمتلك أحد فى المنطقة ما يملكون.. واجهوا كل المحاولات العربية فى مهدها.. بل واغتالوا العديد من العلماء العرب البارزين فى علوم الذرة والنووي.. وعشرات العلماء الإيرانيين ويحاولون ضرب أى محاولات إيرانية فى هذا المجال بمساعدة الولايات المتحدة الأمريكية.
>>>
.. وفى عام 2005.. تحدثت وزيرة الخارجية الأمريكية بكل صراحة ووضوح عن الشرق الأوسط الجديد.. وتغيير خريطة المنطقة.. وأخذ البعض حديثها بسخرية وتهكم.. واعتبره البعض الآخر من قبيل الغرائب بعيدة الحدوث.. وإن كانوا قد نفذوا ذلك على مرأى ومسمع النظام العالمى الجديد الذى تقوده وتحكمه الولايات المتحدة.. باحتلال العراق وتدمير قواته وجيشه ونهب ثرواته ونفطه.. بتقارير وهمية ومعلومات كاذبة وادعاءات مضللة باعتراف جنرالات البنتاجون أنفسهم.. وبدلاً من محاكمة قادة البنتاجون على إبادة شعب وتدمير دولة عربية ونهب خيراتها.. اكتفى العالم.. بقراءة مذكرات الاعتراف وتقارير الجنرالات عما فعلوه فى العراق.. بل ومضت مخططات تقسيم الشرق الأوسط الجديد التى تحدثت عنها «كونداليزا رايس» وزيرة الخارجية الأمريكية.. ووضع خطوطها العريضة برنارد لويس فى بداية سبعينيات القرن المنصرم.. وسقطت العديد من دول المنطقة فى براثن المخطط الصهيو ـ أمريكى وصناعة الميليشيات المسلحة تحت أسماء وشعارات ظاهرها الرحمة وباطنها الدمار والعذاب.. بل واختاروا مسمياتها بدقة وعناية لإيهام المغيبين عن الوعى بنبل الهدف وجدوى الغاية.. عندما أطلقوا على الميليشيات التى دربوها وسلحوها اسم تنظيم الدولة الإسلامية.. تماماً مثلما أطلقوا على نوات التدمير العربي.. «ثورات الربيع العربى».
>>>
والآن.. جاء الرئيس الأمريكى دونالد ترامب العائد مرة أخرى إلى البيت الأبيض.. والحاضن القوى لإسرائيل ورئيس وزرائها المتطرف بنيامين نتنياهو.. ليكشف النقاب عن كل النوايا والمخططات الصهيو ـ أمريكية.. فى المنطقة.. وتحدث ترامب بوضوح عن مطامعه فى غزة.. وطلباته واستثمارات بعض الدول فى الولايات المتحدة.. والرسوم الجمركية على واردات دول العالم لأمريكا.. وكل يوم يفاجئ العالم بتصريحات أغرب من سابقتها ثم يتراجع أو يعدل.. أو يتجاهل.. إنما يتصرف ويتحدث وكأنه يحكم العالم.. أو يملك كل الخيوط التى تحرك قطع الشطرنج فى كل بقاع الدنيا.. دون حساب للآخر.
>>>
من هنا لابد من التعامل مع تصريحات ترامب فى شتى القضايا بحذر وبحث عن حلول وسبل المواجهة.
>>>
نحن العرب نملك من وسائل الضغط.. ومن مقومات التأثير والقوة الكثير.. وقوتنا فى وحدتنا.. وسقوطنا وضعفنا فى الاختلاف.. وعدم التماسك.. والفردية.. ويخطئ مليون مرة من يظن أنه بعيد عن مرمى النيران والنوايا الأمريكية ـ الإسرائيلية.. خاصة أن اللعب أصبح على المكشوف والمطامع الإسرائيلية فى المنطقة باتت واضحة.. سواء حدث طوفان 7 أكتوبر أو لم يحدث.. سواء ظلت حماس أو اختفت.. وسوريا لم تهاجم إسرائيل ولم تفعل أى «طوفان».. وإسرائيل تدمر وتتوسع فى كل ما هو سوري.. وغزة.. وسوريا.. هى كل دولة عربية.. لا تحقق المصالح الإسرائيلية ـ الأمريكية.. والحل فى أيدينا نحن العرب.. فلا تجعلوه بيد ترامب أو نتنياهو.