مازال الحديث مستمرًا حول الإستراتيجية الوطنية للتصنيع التى تتبعها الدولة المصرية والجهود العظيمة التى يبذلها الفريق كامل الوزير نائب رئيس الوزراء وزير الصناعة والنقل وحديثى اليوم حول عمليات جذب الاستثمارات الصناعية وتوطين الصناعات فى البلاد.
تمثل مصر بتاريخها العريق وموقعها الاستراتيجى نقطة وصل بين قارات العالم، سوقًا واعدة للاستثمارات الصناعية، حيث تزخر بالإمكانيات الكامنة والموارد المتنوعة التى تجعلها وجهة جاذبة للمستثمرين الطموحين الساعين إلى النمو والتوسع فى منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا.
وعلى الرغم من التحديات الاقتصادية التى واجهتها البلاد على مر العقود، إلا أن الرؤية الطموح للحكومة المصرية نحو تحقيق التنمية المستدامة وتنويع مصادر الدخل القومى قد وضعت القطاع الصناعى فى صميم أولوياتها، إيمانًا منها بدوره المحورى فى خلق فرص العمل، وزيادة الصادرات، وتحقيق الاكتفاء الذاتى فى العديد من القطاعات الحيوية. ولتحقيق هذه الغاية، تبنت الدولة المصرية سلسلة من الإصلاحات الهيكلية والتحفيزات الاستثمارية التى تهدف إلى تهيئة مناخ استثمارى جاذب وتنافسي، قادر على استقطاب رءوس الأموال المحلية والأجنبية على حد سواء، وتوجيهها نحو القطاعات الصناعية ذات القيمة المضافة العالية.
تتجلى جاذبية مصر للاستثمارات الصناعية فى عدة عوامل متداخلة، أولها الموقع الجغرافى الاستراتيجى الذى يمنحها ميزة تنافسية فريدة كبوابة عبور للتجارة بين الشرق والغرب والشمال والجنوب، بالإضافة إلى إطلالة على البحرين الأحمر والمتوسط وقناة السويس التى تعد شريانًا حيويًا للتجارة العالمية، مما يسهل الوصول إلى الأسواق الإقليمية والعالمية بتكاليف نقل أقل. وثانيًا تمتلك مصر قاعدة سكانية شابة ومتزايدة تمثل قوة عاملة كبيرة وواعدة، تتميز بتكاليفها التنافسية وإمكانية تطوير مهاراتها وقدراتها من خلال برامج التدريب والتأهيل التى ترعاها الدولة والقطاع الخاص. وثالثًا تزخر البلاد بموارد طبيعية متنوعة، بما فى ذلك المواد الخام المعدنية والزراعية والطاقة، التى يمكن أن تغذى العديد من الصناعات التحويلية وتخفض تكاليف الإنتاج. ورابعًا تسعى الحكومة المصرية جاهدة لتطوير البنية التحتية من شبكات طرق وموانئ ومطارات ومناطق صناعية متكاملة ومرافق لوجستية حديثة، بهدف تيسير حركة الإنتاج والتجارة وتقليل العقبات أمام المستثمرين.
علاوة على ذلك قامت الحكومة المصرية بإطلاق العديد من المبادرات والبرامج التحفيزية لجذب الاستثمارات الصناعية، بما فى ذلك تبسيط الإجراءات وتسهيل الحصول على التراخيص، وتقديم حوافز ضريبية وإعفاءات جمركية لبعض القطاعات الاستراتيجية، وتوفير الأراضى الصناعية بأسعار تنافسية فى المناطق الصناعية المتخصصة، وإنشاء مناطق اقتصادية خاصة تتمتع بأنظمة ولوائح استثمارية تفضيلية. كما تعمل الدولة على تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص فى تنفيذ المشروعات الصناعية الكبري، وتوفير آليات لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتشجيع الابتكار وريادة الأعمال فى المجال الصناعى من خلال دعم البحث والتطوير وإنشاء حاضنات الأعمال والمجمعات التكنولوجية.
إضافة إلى ذلك، تولى مصر اهتمامًا متزايدًا بتطوير قطاعات صناعية واعدة ذات قيمة مضافة عالية، مثل الصناعات الهندسية والإلكترونية، والصناعات الدوائية والطبية، والصناعات الغذائية والزراعية، وصناعات مواد البناء، والصناعات النسيجية والملابس، والصناعات الكيماوية والبتروكيماوية والصناعات القائمة على التكنولوجيا المتقدمة والطاقة المتجددة. وتهدف الحكومة من خلال هذه الاستراتيجية إلى تنويع هيكل الاقتصاد الوطني، وتقليل الاعتماد على القطاعات التقليدية، وزيادة القدرة التنافسية للمنتجات المصرية فى الأسواق العالمية، وتلبية الطلب المتزايد فى السوق المحلية والأسواق الإقليمية.
ومع ذلك لا يزال هناك بعض التحديات التى تواجه جهود جذب الاستثمارات الصناعية فى مصر، بما فى ذلك بعض التعقيدات البيروقراطية، والحاجة إلى مزيد من الشفافية وتحسين الحوكمة، وتطوير منظومة التعليم الفنى والمهنى لتلبية احتياجات سوق العمل المتغيرة، وضمان استقرار السياسات الاقتصادية والقانونية على المدى الطويل. ويتطلب التغلب على هذه التحديات تضافر جهود جميع الأطراف المعنية، بما فى ذلك الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني، من خلال حوار بناء وشراكة حقيقية تهدف إلى تحقيق المصلحة الوطنية المشتركة، إن مصر تمتلك مقومات جاذبة للاستثمارات الصناعية، وقد اتخذت خطوات مهمة نحو تهيئة بيئة استثمارية مواتية؛ ومع استمرار الجهود المبذولة لتذليل العقبات وتعزيز المزايا التنافسية، من المتوقع أن تشهد البلاد طفرة نوعية فى القطاع الصناعي، مما يسهم فى تحقيق التنمية الاقتصادية الشاملة والمستدامة، وتوفير مستقبل أفضل للأجيال القادمة.
وللحديث بقية