لا تزال قرارات وفرمانات الرئيس الأمريكى دونالد ترامب المنافية للقانون الدولى والواقع الإنسانى تتوالى بين الحين والآخر، فلم نكد ننتهى بعد من مطلبه الغريب والعجيب بطرد الشعب الفلسطينى من قطاع غزة وشرائه وتحويله إلى منتجع سياحى عالمى، حتى طلبه الأخير بمرور السفن الأمريكية التجارية والعسكرية من قناتى السويس وبنما دون دفع رسوم بدعوى الحماية الأمريكية لكلتا القناتين وتوجيه مبعوث خاص لمصر بالترتيب لذلك.
إذا لم يكن الرئيس الأمريكى يقرأ التاريخ جيداً فعليه أن يعلم أن قناة السويس فقد من أجلها أكثر من مائة ألف مصرى حياتهم أثناء المشاركة فى حفرها الذى استمر لمدة عشرة أعوام كاملة لترى النور فى عام 1869 ثم عشرات الآلاف من الشهداء المصريين الذين كانوا يدافعون عن أرض مصر ضد العدوان الثلاثى عام 1956، ثم حرب 1967 التى منع الجيش المصرى أى محاولة للمرور من جانب السفن الإسرائيلية وصولاً لحرب السادس من أكتوبر 1973 التى حرر فيها الجيش المصرى سيناء وأعادوا فتح القناة أمام الملاحة الدولية بإرادتهم.
تخضع قناة السويس لاتفاقية القسطنينية التى تشكل ضمانة أساسية للحفاظ على مكانة القناة كأهم ممر بحرى فى العالم وتعد وثيقة ملزمة للتعامل داخل قناة السويس بحيث تكفل حرية الملاحة البحرية للسفن العابرة للقناة سواء كانت سفناً تجارية أو حربية دون تمييز لجنسية السفينة وفق رسوم عبور تحددها الجهة الإدارية المنوطة بإدراة القناة وفق قواعد واضحة وشفافة.
وضعت اتفاقية القسطنينية إلى سنة 1888 نظاماً نهائياً يضمن فى كل وقت ولجميع الدول حرية استخدام قناة السويس البحرية وأن تكون القناة على الدوام حرة ومفتوحة سواء فى وقت الحرب أو فى وقت السلم لكل السفن التجارية أو الحربية دون تمييز لجنسيتها وأن تتخذ الحكومة المصرية فى حدود سلطاتها التدابير اللازمة التى تحمل على احترام تنفيذ المعاهدة.
قناة السويس التى تقع فى قلب الأرض المصرية وحفرها المصريون بعرقهم وبذلوا من أجلها أرواحاً ذكية ودماء طاهرة هى ملكية خالصة لمصر والمصريين ويحميها جيش وشعب عاش على تلك الأرض قبل نشأة الولايات المتحدة الأمريكية بآلاف السنين