أعتقد أن إسرائيل تحاول الآن الهروب للأمام على عكس ما يعتقد البعض… أقصد الخروج بالحرب من الداخل إلى الخارج بتوسعة نطاق الحرب لتكون إقليمية فى مرحلة أولى لتضمن التدخل المباشر للبيت الأبيض وحلفائه لإنقاذها من المأزق الداخلى والمستنقع الذى غاصت فيه فى غزة.
وفى مرحلة ثانية قد تسعى لتطوير الحرب الإقليمية إلى حرب عالمية ولو محدودة حتى ترسخ استمرار الهيمنة الأمريكية والقطب الواحد مستغلة انشغال روسيا بحربها فى أوكرانيا.
والسبب أن حرب غزه التى أمتدت لأكثر من 6 أشهر وما زالت مستمرة أصبحت تشكل أكبر حرب استنزاف لإسرائيل عسكريا واقتصاديا وبشريا منذ قيامها بل وأكبر حرب خاضتها إسرائيل زمنيا فى مواجهتها مع العرب منذ قيامها وسببت لها هزيمة سياسية دولية على كافة الأصعدة وفى مقدمتها الشعور الشعبى الغاضب ضدها فى العديد من دول العالم، ولم تنفع معها الدعاية الصهيونية وترويج الأكاذيب مع البث المباشر على الهواء للمجازر وحرب الإبادة التى تقوم بها ضد شعب أعزل.
وإذا كانت حروب المدن محسومة دائما لصاحب الأرض حتى وإن أرتفعت الخسائر للحد الذى يوحى بعكس النتيجة المعروفة…المهم ما أعتقده من سعى إسرائيل للهروب للأمام قد يدعمه عدة تحركات وتوجهات على الساحة الآن منها:
أولا: محاولة لم الكرامة المبعثرة وتضميد الهيبة المجروحة للكيان العسكرى الإسرائيلى فى حرب غزه بل والكيان الصهيونى بأكمله باختراق حماس والجهاد وباقى فصائل المقاومة للمستوطنات وللكيان الصهيونى فى عقر داره يوم 7 أكتوبر الماضى يعنى اثبت مقاتلى حماس «وهم وزيف « الموساد والجيش الذى لا يقهر والأسوار العالية وأنظمة المراقبة والرادارات… إلخ من وسائل حماية أسقطها مقاتلون لا يملكون ما يملكه الكيان الصهيونى من قوه وتقدم !
ثانيا: عدم تحقيق الكيان الصهيونى نصرا عسكريا كبيرا فى غزه فضلا عن الخسائر فى جنوده ليسوقه للداخل مبررا هجومه على غزه منذ 6 أكتوبر الماضي.
ثالثا : حجم المعارضة الشعبية التى تواجهها حكومة الكيان والتى وصلت للمطالبة بانتخابات مبكرة لإبعاد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من الحكم لفشله فى الحرب وعدم تحقيق النصر الذى وعد به ولعدم إعادة الرهائن المخطوفين حتى الآن بالتفاوض أو بالقوة بل ومقتل البعض منهم أثناء العمليات العسكرية الإسرائيلية أى ماتوا بنيران نتنياهو!!
لذلك أظن أن إسرائيل تسعى للخروج من المأزق إلى الهروب للأمام بتوسعة الحرب الداخلية إلى حرب إقليميه بجر «شكل» كيانات ودول خارج حدودها.
البداية طبعا مع المناوشات مع حزب الله المستمرة منذ 7 أكتوبر الماضى والتسريبات بل والتصريحات بأن الأيام القادمة ستشهد توسعة للمواجهة مع حزب الله وقد يدعم هذا التوجه انسحاب 3 ألوية إسرائيلية من جنوب غزه، فهل الانسحاب يعنى توجيهها إلى الحدود اللبنانية تمهيدا للحرب المنتظرة مع حزب الله؟!
الأمر المهم الذى يدعم وجهة نظرى محاولة جر إيران بشكل مباشر للحرب المنتظرة بدلا من حروب الوكالة التى يقوم بها حزب الله والحوثيون والجماعات المسلحة فى العراق لصالح إيران كما تزعم إسرائيل.
وتجلى الأمر واضحا فى ضرب القنصلية الإيرانية فى دمشق وقتل مجموعة من العسكريين الإيرانيين فيها ضاربة بذلك كل الأعراف والقوانين الدولية بحرمة السفارات والمنظمات الدولية والتى تصل لعدم قدرة الدولة المضيفة نفسها للدخول إليها أصلا باعتبارها أراضى أجنبية ومحمية بالقوانين الدولية حتى لو طردت السفير والدبلوماسيين، فما بالك بهجوم مسلح مخترق سيادة سوريا ثم الاعتداء على أرض إيرانية ممثله فى القنصلية طبقا للقوانين الدولية بأن السفارات والقنصليات أرضا لبلادها خارج حدود الوطن.
والهدف طبعا استفزاز إيران للرد وإما أن تصمت أو ترد ببعض التصريحات اللازمة للاستهلاك المحلى ، وإما أن ترد عسكريا فتحقق الهدف الإسرائيلى بجرها إلى حرب إقليمية تخسر فيها ما حققته فى السنوات الماضية وفى المقدمه المشروع النووي.، وإما أن تستمر فى التصعيد من خلال حزب الله وحماس والحوثيين والجماعات المسلحة العراقية.
لكن الكلفة الكبيرة سيدفع ثمنها الشعوب اللبنانية واليمنية والعراقية والفلسطينية طبعا وهذا ما تريده أيضا إسرائيل.
والسؤال هل تنجح إسرائيل بالقيام بدور الفأر المشتعل ذيله والمطلوب فى حقول القمح والذرة والقطن ليقوم بحرق المنطقة كلها؟
وطبعا سيناريو الحرب الإقليمية التى تسعى إسرائيل إلى جر المنطقة كلها قد يمتد ليصبح حربا عالمية ثالثة قد لا تبقى ولا تذر أى لا تترك عظما ولا لحما ولا دما إلا أحرقته…طبعا السيناريو الصهيونى المقترح بجر المنطقة إلى حرب إقليمية ولا مانع من اتساعها لحرب عالمية ولو محدودة الهدف منها الخروج كما تتصور قائدة للمنطقة ومهيمنة على اقتصادياتها من جهة والقضاء على مراكز المقاومة لها للا بد….وطبعا لا تدرك إسرائيل أن هذه النار التى تحاول إشعالها ستكون هى أول المحترقين بها
وأظن أن البيت الأبيض سيكون سعيدا بهذه الحرب لأعاده الهيمنة الأمريكية على المنطقة فى ظل غياب الدب الروسى وانشغاله بحربه فى أوكرانيا، لكن السؤال هل وضع الكاوبوى الأمريكى فى حسابه التنين الصينى الذى يراقب عن بعد حتى يفاجأ الجميع به؟
والمهم هل ستسفر هذه الحرب التى ستدمر الجميع عن تشكيل العالم الجديد أم سيرسخ من عالم القطب الأمريكى الواحد كما تريد إسرائيل وأمريكا ولو على جثث الجميع !
سيناريو غزة القادم
على صعيد آخر أستمر فى طرح السؤال الذى طرحته الأسبوع الماضى عن مستقبل غزة بعد انتهاء الحرب اتفاقا أو إجبارا.
فى البداية هل هناك مقدمات تؤدى لنهاية الحرب؟
أعتقد أن عدم تحقيق نصر على الأرض أو القضاء على حماس وصمود الشعب الفلسطينى وانسحاب 3 ألوية من الجيش الإسرائيلى من غزة قد تكون البداية، لكن السؤال الذى يطرح نفسه هل ستواصل إسرائيل خلال الأيام القادمة الانسحاب حتى لا يقال إنها انسحبت خضوعا لاتفاق مع حماس بوساطة مصرية فى الايام القادمة.
حتما ستتوقف الحرب لكن السؤال: ما هو الشكل الذى ستكون عليه غزة خلال الفترة القادمة؟
أعتقد أن حرب غزة رغم كل هذا الخراب والدمار هى بداية الطريق إلى دولة فلسطين.
الاعتراف بفلسطين
دبلوماسيا وعلى الصعيد الدولى هل يمكن للمجموعة العربية زيادة الجهد الدبلوماسى لانتزاع اعتراف الأمم المتحدة بفلسطين كدولة باستغلال هذه الظروف من التعاطف الدولى مع غزة والشعب الفلسطيني!