جهود مصر تتواصل على كافة الأصعدة، لايقاف نزيف الدماء فى غزة، وضمان ايصال المساعدات الإنسانية إلى سكانها الذين باتوا يعيشون فى أكبر سجن مفتوح فى العالم، بعد ان حرموا من أبسط أساسيات الحياة.
منذ اللحظات الأولى لاندلاع الحرب الإسرائيلية الوحشية على قطاع غزة فى السابع من شهر أكتوبر الماضي، لم تتوقف الجهود المصرية لوقف اطلاق النار، وإدخال المساعدات الإنسانية.. فخلال الأشهر الأخيرة استقبلت مصر العديد من رؤساء الدول و الوزراء ووزراء الخارجية وممثلى المنظمات الدولية والإقليمية لبحث سبل التوصل إلى مبادرة تقود إلى اسكات صوت البنادق. والتأكيد على رفض أى خطوات تقود لتهجير سكان القطاع وتصفية القضية الفلسطينية.
التحركات المصرية تأتى من قناعتها بان البوابة الأساسية والوحيدة لحل القضية الفلسطينية، تكمن فى حل الدولتين، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 4 يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وهذا لن يتحقق دون وقف اطلاق النار فى غزة والتهدئة فى الضفة الغربية.
أحدث هذه الجهود خلال الأيام الماضية كان لقاء الرئيس عبدالفتاح السيسى برئيس الوزراء الفلسطينى الدكتور محمد مصطفي، حيث أكد الرئيس السيسى أن مصر ستظل دوماً على موقفها الداعم للقضية الفلسطينية، حتى ضمان الحقوق الفلسطينية العادلة فى دولة مستقلة ذات سيادة. كما بحث معه استعراض الجهود المصرية المكثفة للتوصل إلى وقف لاطلاق النار فى قطاع غزة وتبادل المحتجزين، وإنفاذ المساعدات الإنسانية بشكل كاف لمواجهة الأزمة التى يتعرض لها القطاع. والتأكيد على الرفض التام لتهجير الفلسطينيين من أراضيهم أو تصفية القضية الفلسطينية.
سبق ذلك لقاء الرئيس مع ويليام بيرنز رئيس وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، حيث بحث معه الجهود المصرية القطرية الأمريكية المشتركة لوقف اطلاق النار فى قطاع غزة، والتأكيد على خطورة الأوضاع الإنسانية التى تصل إلى حد المجاعة فى القطاع، بما يحتم تضافر الجهود الدولية، دون إبطاء، للضغط من أجل الإنفاذ الفورى للمساعدات الإغاثية إلى جميع مناطق القطاع على نحو كاف. إضافة لضرورة حماية المدنيين وخطورة التصعيد العسكرى فى مدينة رفح الفلسطينية.
أيضاً طالب الرئيس السيسى وملك الأردن عبد الله الثانى والرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون فى مقال رأى مشترك، بضرورة وقف اطلاق النار فى غزة فوراً وتنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، والإفراج عن «كل الأسرى والمحتجزين»، محذّرين من «عواقب خطيرة» لهجوم تعتزم إسرائيل شنّه على مدينة رفح، جنوب القطاع. وشددوا على ان العنف والإرهاب والحرب لا يمكن أن تجلب السلام إلى الشرق الأوسط، بل حل الدولتين هو الكفيل بذلك، ويضمن عدم اضطرار الفلسطينيين أو الإسرائيليين إلى تكرار الفظائع التى حلت بهم منذ هجوم السابع من أكتوبر.
شددوا على تصميمهم على مواصلة تكثيف الجهود لتلبية الاحتياجات الإنسانية والطبية والصحية للسكان المدنيين فى غزة، بالتنسيق الوثيق مع منظومة الأمم المتحدة والشركاء الإقليميين، وضرورة استعادة الأمل فى تحقيق السلام والأمن للجميع فى المنطقة، ولا سيما للشعبين الفلسطينى والإسرائيلي، واكدوا على عزمهم مواصلة العمل معاً لتجنب المزيد من التداعيات الإقليمية، ودعوا جميع الأطراف الفاعلة إلى الامتناع عن اتخاذ أى إجراء تصعيدي، وحثوا على وضع حد لجميع التدابير الأحادية، بما فى ذلك النشاط الاستيطانى ومصادرة الأراضي.
نستطيع القول إن هناك تحولا ملحوظاً فى المواقف الدولية تجاه إسرائيل وعمليتها فى غزة، خاصة بعد أن رأى المجتمع الدولى بنفسه أن جيش الاحتلال الإسرائيلى ليس فى غزة للدفاع عن نفسه، بل لإبادة شعبها. وهذا هو أحد الأسباب التى تجعل الإسرائيليين ينخرطون الآن فى المفاوضات برعاية مصرية- قطرية. بعد ان فشلوا فى تحقيق أى من أهداف حربهم المعلنة فى غزة، حتى بعد ستة أشهر من الهجمات المتواصلة. فقط دمروا غزة وقتلوا سكانها.