لم تعد التكنولوجيا مجرد اختراع حديث، بل أصبحت عموداً فقرياً لحياتنا اليومية.. فمنذ لحظة استيقاظنا وحتى خلودنا إلى النوم، ترافقنا الأجهزة الذكية كظل، توجه خطواتنا، وتملأ أوقاتنا، بل وتشكل وعينا وتوجه قراراتنا أحياناً.
لقد غيرت التكنولوجيا شكل الحياة.. لم نعد بحاجة إلى الانتظار طويلاً للحصول على معلومة أو التواصل مع آخرين فى أقصى بقاع الأرض بضغطة زر، نتعلم، نعمل، نشتري، ونتواصل.. اختصرت المسافات، وسهّلت المهمات، وفتحت أبواباً واسعة للإبداع والتطوير فى مجالات الصحة والتعليم والتجارة والإعلام.
ومع دخول الذكاء الاصطناعى إلى المشهد، بدأنا نرى التكنولوجيا تأخذ خطوة أخرى نحو التأثير العميق فى حياتنا.. لم يعد الذكاء الاصطناعى محصوراً فى الأفلام أو المختبرات، بل أصبح يشاركنا قراراتنا اليومية.
من اقتراح فيلم نشاهده، إلى مساعدتنا فى إدارة مشاريعنا لكن الخطورة تكمن حين نُسلم له زمام حياتنا بالكامل دون تفكير.
الاعتماد الزائد على الخوارزميات قد يسلبنا مهارات التفكير النقدى والابتكارى والابداعي، وقد يجعلنا نعيش فى «فقاعة رقمية» لا نسمع فيها إلا ما تحبه عقولنا، لا ما تحتاجه أرواحنا.
الذكاء الاصطناعى ليس عدواً، بل هو شريك جديد إن عرفنا كيف نوجّهه ونستخدمه لصالحنا، دون أن نفقد بوصلة وعينا وحياتنا الانسانية.
لكن، ورغم كل هذه الإيجابيات، بدأت التكنولوجيا تتسلل إلى زوايا حياتنا ببطء وهدوء، حتى أصبحت تُشكّل نمطاً جديداً للعيش.. كثيرون باتوا أسرى هواتفهم المحمولة، لا يتناولون الطعام دون التقاط صورة سيلفي، ولا يمرون بلحظة دون مشاركتها على وسائل التواصل.. العلاقات الإنسانية، رغم كثرتها الرقمية، باتت تفتقر إلى الدفء والحميمية وجوهنا قد تبتسم على الشاشات، لكن قلوبنا تزداد وحدة واغتراب.
السؤال الذى يفرض نفسه علينا الآن: هل ما نعيشه اليوم هو رفاهية رقمية أم اغتراب عصرى ورقمي؟ هل التكنولوجيا ما زالت أداة نتحكم بها، أم أنها تحكمنا دون أن نشعر؟حيث سلبت إنسانيتنا ودفء المشاعر بين البشر السلبية انتشرت والجمود فى المواقف.
الحل لا يكمن فى رفض التكنولوجيا أو الانعزال عنها، بل فى إيجاد التوازن.. علينا أن نتعامل معها كأداة تعيننا على تطوير حياتنا، مع ابتكارنا وإبداعنا لانلغى عقولنا لا أن تسيطر علينا أو تحرمنا من اللحظات الإنسانية الحقيقية الواقعية . فهناك متسع للحياة خارج الشاشات، متسع للحديث وجهاً لوجه، للقراءة من كتاب، وللضحك الطبيعى دون فلتر.
التكنولوجيا من أعظم إنجازات الإنسان، لكنها قد تتحول إلى قيد إن لم نُحسن استخدامها.. فلنحافظ على إنسانيتنا وسط هذا الزخم الرقمى العصري، ولنجعل من التقدم وسيلة للارتقاء، لا سبباً للاغتراب.