حريات الشعوب واستقلال الأوطان ليس سهلاً وطريقه ليس مفروشا بالورود وثمنه أغلى وفوق كل تصور.. وإذا كنت تعيش فى جو من الأمن والاستقرار.. وعلى أرض وطن مستقل فقد دفع ثمنه جيل بأكمله من أبناء الوطن.. مئات الآلاف من أجيال وراء أجيال ضحوا بأرواحهم رخيصة وبكل غال ونفيس من أجل أن تحيا أنت ومن أجل أن يحققوا لك هذا الأمن وهذا الاستقرار على أرض وطن مستقل يملك قراره ويملك إرادته.. ولذلك لن يتوانى الملايين فى التضحية بكل غال ونفيس للدفاع عن كل ذرة تراب وعن كل لحظة أمن واستقرار للوطن الغالي.
وكلما كانت التحديات جسيمة والمخاطر المحيطة بالوطن أشد خطورة.. كانت الإرادة أقوى والعزيمة أصلب ووحدة الصف أشد تماسكاً من أجل حماية مقدرات الوطن.. وكانت المخاطر عديدة والجبهات كثيرة وتخلى الخلان أكثر خيانة.. كلما كانت الثقة بالنفس والثقة فى القيادة الحكيمة الوطنية المخلصة.. أقوى من كل التحديات والمخاطر.. شعار وعقيدة واحدة لا تتزحزح.. النصر أو الشهادة.. وكلما كانت التهديدات كثيرة ومتنوعة.. كانت الإرادة حاضرة والإعداد أقوي.. والعقيدة تزداد رسوخا والتضحية تزداد عمقاً فى النفس.
>>>
صحيح ان النظام العالمى لا يعرف إلا القوة ولا بقاء إلا لمن يملك قوة الردع.. والآن فقط أدرك الشعب المصرى حكمة القيادة فى بناء جيش قوى وتنويع مصادر تسليحه وتطويره بصورة تناسب حجم التحديات.
>>>
والذى يعود إلى تجربة باكستان فى صراعها مع الهند وسعيها لامتلاك قوة الردع يدرك تماما انه لو لم تملك باكستان مثل جارتها الهند النووي.. لكانت قد اختفت من خريطة العالم.
>>>
فى خمسينيات القرن الماضى وخلال الأيام الأولى للصراع مع الهند قال الرئيس الباكستانى ذو الفقار على بوتو مخاطبا شعبه «إذا صنعت الهند القنبلة» النووية والذرية فسوف نأكل العشب أو أوراق الشجر أو حتى نجوع لكى تملك أو تحصل على النووى والذري.. وبالفعل لم تتوان باكستان لحظة عن إرادتها وسعيها لامتلاك قوة الردع التى يمتلكها الآخرون.. كرسى العالم الباكستانى عبدالقادر خان وفريق عمله وعلاقاته القوية ببعض الدول المتقدمة فى هذا المجال.. وبدأت باكستان فى تكديس الوقود اللازم للأسلحة النووية واليورانيوم المخصب والبلوتونيوم.. وفى سرية تامة استطاع أبو القنبلة النووية عبدالقادر خان الحصول على المعدات اللازمة وأجهزة الطرد المركزى لتخصيب اليورانيوم.. وبالفعل استطاعت باكستان تخصيب اليورانيوم.
وفى عام 74 وعندما أجرت الهند التجربة النووية كتب العالم الباكستانى الوطنى عبدالقادر خان إلى الرئيس ذو الفقار على بوتو محذرا من أجل امتلاك النووى «علينا أن نجوع» ونعرى ونمتلك النووي.. وكان له ما أراد بالعمل والإرادة.. وبدأت فى نفس العام عمليات تخصيب اليورانيوم فى المعامل الباكستانية وخلال سنوات قليلة وعلى غير المعهود ولم تستغرق الزمن المحدد.. كانت باكستان تمتلك القنبلة النووية وأصبحت الدولة الإسلامية الوحيدة التى تمتلك القنبلة النووية.. وتقول التقارير ان الهند تملك تملك حوالى 140 رأسا نووية.. ونفس الرقم أو يزيد تملكه باكستان.. وساعد باكستان ان لديها مخزون من نووى يمكنها أن تكون ثالث أكبر قوة نووية بعد الولايات المتحدة وروسيا.
وما حدث فى عهد جورج بوش الأب وجورج بوش الابن من تدمير واحتلال العراق ونهب ثرواته ونفطه وتدمير جيشه كان البداية.. ورغم اعتراف جنرالات البنتاجون وكتائب التدمير العراقى بزيف التقارير الأمريكية التى روجت لها عن امتلاك العراق أسلحة دمار شامل.. إلا ان أحدا لم يحرك ساكنا.. ونفذ بوش الابن خطته لتدمير العراق وإعدام صدام ونهب كل ثروات بلاد الرافدين.. رغم معارضة الأمم المتحدة ذاتها.. وما حدث فى العراق حدث فى ليبيا وسوريا والسودان واليمن.. لا تتوقف مساعى قوى الشر عن تفتيت وتمزيق الأوطان من أجل الهيمنة على مقدرات وخيرات البلاد والشعوب ليبقى القلب الأوحد هو المسيطر والمتحكم فى ملامح الشرق أوسط الجديد الذى طالما خططوا له ووضعوا برامج التنفيذ بكل دقة.