لم تتخيل لحظة.. ان ابنها الوحيد الذى طالما كانت تعد الثوانى والدقائق وهو يكبر أمام عينيها ويتجاوز مراحل التعليم.. المرحلة وراء الأخرى حتى دخل الجامعة وتخرج فيها.. كانت أسعد أم فى الدنيا عندما دخل عليها ابنها يزف إليها رغبته فى خطبة الفتاة التى طالما أحبها طوال سنوات دراسته.. وتمنى أن تكون فتاة أحلامه وهى الفتاة المهذبة.. سليلة الأسرة الطيبة التى تعيش فى منطقته وتعرفها والدته جيدا.. طارت الأم من فرط سعادتها فها هى ترى صغيرها قد صار شابا.. ويقدم على تكوين أسرة.. اصطحبت ابنها إلى جيرانهم.. وأعلنوا الخطبة فى حفل كبير من الأهل والأصدقاء.. وكانت سعادتها غامرة وهى تحقق حلم وحيدها فى خطبة فتاة أحلامه.. لكنها لم تكن تتخيل أبداً ان خروج ابنها مع خطيبته فى نزهة ستكون نهايته.. وان فرحتها به ستتحول إلى كابوس مزعج سيقض النوم من عينيها ما بقيت على وجه الحياة.. وتتحول فرحتها إلى حزن عميق يمزق قلبها ويقتلها مع كل نبضة ألف قتلة!!
>>>
كانت أجمل لحظة فى حياته انتظرها كثيرا.. فقد آن الأوان أن يتحقق حلمه ويخطب الفتاة التى طالما أحبها.. وعاش باللحظة التى يحلم أن يفوز بقلبها.. وعندما تقدم لها ووافق والدها عليه طار من الفرحة وشعر انه يحلق فى السماء من فرط سعادته.. وبعد اسبوع من خطبته ذهب إليها ليخرجا فى نزهة ويستمتعا بوقتهما معا لأول مرة يضع يده فى يدها دون خوف من شقيق يلمحها أو أحد العوازل ليوشى بها وهو يسير بصحبة خطيبته.. فى الشارع فوجئ بثلاثة شباب يقتربون منهما وقام أحدهم بمعاكسة خطيبته وهو برفقتها فعاتبه بهدوء.. هل ترضى لأختك أو خطيبتك أن يعاكسها أحد وانت تسير بصحبتها.. فتمادى فى معاكستها وحاول مد يده إلى جسدها لم يتحمل الشاب ما يحدث أمام عينيه لخطيبته.. وتشاجر مع هذا المتحرش عديم الرجولة والانسانية.. فانهال عليه الأصدقاء الثلاثة ضربا وركلا حتى سقط بين أيديهم لافظاً آخر أنفاسه.. بينما صرخات خطيبته تهز الأرجاء غير مصدقة ان خطيبها تحول فى لحظات لجثة هامدة أمام عينيها.. سقط الشاب وحيد أسرته قتيلاً.. دون ذنب جناه سوى الدفاع عن عرضه.. الدفاع عن كرامته.. أمام خطيبته!!
>>>
هذه جريمة قتل مع سبق الاصرار.. بل جريمة مزدوجة.. تحرش وفرض نفوذ وبلطجة وقتل.. وهل يعقل مثلاً أن تقيد الجريمة على انها «ضرب أفضى إلى موت» ستكون عقوبتها مجرد سنة سجنا.. هل يعقل ان «محامى شاطر» يمكن أن يحصل للجناة على عدة شهور حبس.. فهى مجرد مشاجرة.. ومجرد ضرب أفضى إلى موت.. انها جريمة قتل مكتملة الأركان.. ازهاق روح.. بلطجة وقتل وعقوبتها «من قتل يقتل» ولا شيء يرضى المجتمع إلا إعدام القتلة.
.. واقعة أخرى شبيهة تماما.. تربص ثلاثة أشقاء بزوج جارتهم الموظف فى مكان مرموق.. وظنوا انه سند وظهر هذه الأسرة.. وفى إحدى زياراته لأهل أسرته بإحدى قرى الشرقية افتعلوا مشاجرة معه وانهالوا عليه ضربا وركلا دون استخدام أى أسلحة بيضاء أو نارية حتى فارق الحياة.. فكيف يعتبر ذلك ضربا أفضى إلى موت لا يعاقب الجانى فيها سوى بسنة أو ٣ سنوات على أكبر تقدير ان لم يكن هناك محام يستطيع أن يحصل لهم على البراءة أو الحبس سنة على أكثر تقدير على انها مجرد مشاجرة ومجرد ضرب أفضى إلى موت.
>>>
فى عالم الجريمة حكايات وغرائب واحتراف.. فهناك احتراف فى دنيا الجريمة.. وأصبح المجرم والبلطجى لديه خبرة كبيرة بثغرات القانون.. وكيف يقتل ويهرب من الاعدام وكيف يتخلص من غريمه.. ويزهق روح خصمه بينما تقيد ضد مجهول.. وسقوط قتيل فى مشاجرة لا أحد يعرف من الجانى فى الزحام!!
>>>
من هنا المطلوب تغيير بعض التشريعات فى قانون العقوبات وادراك المشرع لاحتراف المجرم بثغرات الهروب من الاعدام وشطارة المحامين فى الدفوع بمثل هذه الثغرات وافلات المجرم القاتل من الاعدام عن طريق «ضرب أفضى إلى الموت» أو سقوط قتيل المشاجرة دون تحديد الجاني.. انها تحايل على القانون وهروب من الإعدام!!