اقتربت كثيراً من المهندس عثمان أحمد عثمان.. خلال فترة حكم الرئيس محمد أنور السادات.. كأحد أهم مصادر الأخبار.. نظراً للعلاقة الوطيدة التى كانت بينهما.. حيث كنت المندوب الصحفى لجريدة الجمهورية برئاسة الجمهورية.. كان لقائى به شبه يومى.. انتظره فى الفيلا التى كان يستأجرها من هيئة قناة السويس فى حى النخيل بالإسماعيلية.. طوال إقامة الرئيس السادات بالإسماعيلية.. أو فى فيلته بالحرانية بالهرم بالقاهرة.. انتظره عقب لقائه اليومى بالرئيس السادات.. وقد حصلت منه على تشكيل وزارة ممدوح سالم كاملاً.. قبل حلف اليمين بـ24 ساعة.. حيث جلس عثمان فى غرفة الاستقبال عقب عودته من لقاء السادات.. يتصل تليفونياً بكل وزير.. يخبره باختياره وزيرا.. وبانه سوف يحضر ليؤدى اليمين أمام السادات باستراحة السادات التابعة لهيئة القناة بالإسماعيلية.. ومن نفس هذا التليفون.. اتصلت بالأستاذ محسن محمد.. رئيس تحرير الجمهورية.. ابلغته بالتشكيل الوزارى الجديد.. فى أول سابقة صحفية فى تاريخ الصحافة.. ان تصل اسماء الوزارة إلى صحيفة.. قبل إعلانها بـ24 ساعة.. وقد منحنى الأستاذ محسن محمد «الله يرحمه» أول علاوة استثنائية.. من بين ٤ علاوات حصلت عليهم طوال مسيرته الصحفية.. امتدت لقاءاتى بالمهندس عثمان.. كنت احاوره عن أسباب نجاحه وقصة معاناته فى البدايات.. قال لى: إن أصعب موقف واجهه.. عندما قرر التحويل من كلية الطب التى التحق بها بناء على رغبة أمه.. إلى كلية الهندسة فقد حصل على مجموع 68 % مما يسمح له بالالتحاق بالطب أو الهندسة.. وبعد محاولات مستميتة نجح فى اقناع أمه بالهندسة.. وهى التى كانت تحلم ان تراه طبيبا.. اما اللحظة التى زلزلت كيانه.. عندما قدم أوراقه إلى مسجل كلية الهندسة.. الذى طالبه بمبلغ أربعين جنيهاً كمصروفات.. وقف مذهولاً.. من أين يأتى بالأربعين جنيهاً.. قائلاً: للمسجل.. ليس معى هذا المبلغ ولا استطيع أن ادفعه.. لا يوجد أى حل.. فأجاب المسجل: شهادة فقر.. فقال له عثمان: شهادة فقر!! إلا يوجد حل بديل.. فقال المسجل: هى الحل الوحيد.. سأل عثمان: وما هى شهادة الفقر؟ قال المسجل اريد شهادة تثبت انك معدم.. قال لى عثمان: عشت لحظة قاسية وصعبة.. فالفقر هذا.. أعيشه كل لحظة.. كل دقيقة فى حياتى.. ومما جعلها أكثر صعوبة.. ان الرجل قالها لى أمام زملاء لى والمصروفات فى ايديهم.. سألت كيف احصل على شهادة فقر.. قالوا لى: إنها عبارة عن طلب يكتب بصيغة معينة.. يوقع عليه شاهدان.. يصدق شيخ الحارة على توقيعهما.. ثم يصدق مأمور القسم التابع له عليها.. لتصبح سارية المفعول.. قال عثمان: هنا أدركت ماذا يعنى الفقر.. وظل اسم شهادة الفقر عالقاً فى ذهنى طوال حياتى.. ولم يستطع كل هذا النجاح الذى حققته.. إن يمحو هذا الاسم من ذاكرتى.. وقال عثمان بعد إن حققت كل هذا النجاح.. أخذت عهداً على نفسى.. ان اساعد أى تلميذ أو طالب يقصدنى.. فقد عشت نفس ظروفهم.. وهكذا انطلق عثمان.. ليحقق حلمه ببناء أكبر إمبراطورية بناء فى الشرق الأوسط.. المقاولون العرب.. تعمدت ان اتحدث عن قصة كفاح عثمان أحمد عثمان.. فى ذكرى مولده 6 أبريل 1917، وقد توفى والده وعمره ثلاث سنوات.. وعمل صبى ميكانيكى وهو فى الابتدائى.. وعاش فى بيت صغير فى حارة صغيرة «حارة عبدالعزيز» المتفرع من شارع مكة بالإسماعيلية.. مبنى بالدبش والطين وسقفه من الخشب والجريد عبارة عن حجرتين فقط.. وبداخله عشة طيور.. وفرن.. هذا هو عثمان أحمد عثمان.. الذى أصبح يستقبل فى الدول كرئيس دولة.. ويمتلك بالإضافة إلى المقاولين العرب.. العديد من الشركات الأخرى بالإضافة إلى شركة مقاولات فى أمريكا.. واملاك فى ألمانيا.. انه وأحد من أعظم البنائين الذى ما زالت أعماله مصدر فخر لكل مصرى.. فى جميع الدول العربية والافريقية.. أقدمه فى يوم مولده كنموذج وقدوة.. لمن يبحثون عن النجاح.