أعظم ما فى الاستقبال الكويتى المهيب، والحفاوة الرسمية والشعبية للرئيس عبدالفتاح السيسى خلال زيارته للدولة الشقيقة أنه نابع من القلب، وليس مجرد مراسم استثنائية، تليق بالعلاقات التاريخية بين مصر والكويت، والتى تتمتع بخصوصية شديدة، تتجلى فى أوقات المحن والشدائد والأزمات، ويكفى أن هذه العلاقات لم تشهد على مدار تاريخها ما يعكر صفوها، ناهيك عن العلاقات الأخوية بين الشعبين الشقيقين.
الاستقبال المهيب والأسطورى والحفاوة التى قوبل بها الرئيس السيسى ارتسمت على وجوه الأشقاء فى الكويت، فهناك تقدير عظيم، لمصر ودورها، وطبيعة وخصوصية العلاقات معها.. والحقيقة أن الكويت تعد الشقيق الوفى لمصر، كما أن مصر لم تدخر جهداً يوماً فى التضامن والتكامل مع الشقيقة الكويت، ويتجلى ذلك فى العديد من المواقف المتبادلة على صعيد الماضى والحاضر، رسمت خيوط العلاقات القوية والصلبة بين البلدين الشقيقين.
زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى للكويت والتى بدأت الاثنين وسط حفاوة رسمية وشعبية، حيث كان فى استقباله الأمير مشعل الأحمد الصباح أمير دولة الكويت والشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح ولى عهد الكويت تأتى فى توقيت بالغ الدقة، وظروف وأوضاع استثنائية تمر بها المنطقة، تستلزم التكاتف والتضامن والتقارب العربي، لمواجهة التداعيات الأمنية والاقتصادية، ومصر والكويت لهما مواقف واحدة، ومتطابقة، فى الرفض القاطع لتصفية القضية الفلسطينية، وتهجير الفلسطينيين من غزة والضفة، أو المساس بالحقوق المشروعة للأشقاء، وضرورة وقف العدوان، وإدخال المساعدات الإنسانية للشعب الفلسطينى فى ظل الأوضاع الكارثية، من حصار وتجويع، وإبادة وتدمير كامل لمقومات الحياة فى القطاع، وتتضامن الكويت بشكل كامل مع الموقف المصري، وجزء مهم من الموقف العربى الرافض، للعدوان وتصفية القضية والمؤيد والداعم لخطة إعمار قطاع غزة دون تهجير الفلسطينيين، وهى الرؤية المصرية التى تحظى بتأييد ودعم عربي، ودولى بالإضافة إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 4 يونيو وعاصمتها القدس الشرقية.
فى المباحثات المصرية ـ الكويتية، بين الرئيس السيسي، والأمير مشعل تفرض الظروف والأوضاع الإقليمية وتداعياتها نفسها، وأهمية استثمار قوة العلاقات وتاريخها وعمقها بين البلدين لمواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية فى ظل ما تتمتع به مصر من فرص اقتصادية واستثمارية. خاصة فى مجالات البنية التحتية والصناعة والزراعة والاتصالات والمدن الجديدة والطاقة، ويعد نموذج التعاون الاقتصادى بين مصر والكويت مثلاً يحتذى به.. خاصة فى ظل التنسيق على أعلى مستوى بين البلدين فى رصد واستطلاع الفرص الاستثمارية والاقتصادية، والعمل المشترك من أجل تحقيق مصالح الشعبين الشقيقين، والكويت وللحقيقة والتاريخ لا تدخر جهداً فى دعم هذا المسار خاصة أن استثماراتها فى مصر تبلغ 20 مليار دولار، قابلة للزيادة خلال الفترة القادمة، وذلك من أهم نتائج زيارة الرئيس السيسى للشقيقة الكويت، حيث توجد 1000 شركة كويتية تعمل فى مصر، عبر شراكات مصرية ـ كويتية، كما أن الكويت لديها أكبر جالية مصرية، ساهمت ومازالت فى بناء دولة الكويت جنباً إلى جنب مع الأشقاء.
أروع ما فى الشعب الكويتى الشقيق أحاديث الحب والتقدير لمصر وشعبها، وكذلك ارتباط المصريين بالكويت، وإحساسهم دائماً بالارتباط بالأشقاء فى الكويت، وهذا ما صنعته المواقف الأخوية المتبادلة، وما تمثله وحدة الهدف والمصير بين البلدين الشقيقين.. من هنا فإنه ليس غريباً أن تقرأ فى كتب التاريخ أن الكويت كانت إلى جوار الشقيقة الكبرى مصر ليس بالمال والسلاح ولكن بالمقاتلين والتشكيلات العسكرية، وهذا ما حدث فى حربى يونيو 1967، ونصر أكتوبر العظيم فى 1973 وانتفضت مصر وشعبها عندما تعرض الكويت الشقيق لغزو فى بداية التسعينيات، ولم تكتف مصر وشعبها باستقبال الأشقاء كواجب حتمي، وبروح الأسرة الواحدة، ولكن أيضاً ساهمت مصر وجيشها العظيم بقدر كبير فى تحرير الكويت واستعادتها من جديد للأشقاء الذين تعرضوا لظلم تاريخى وسافر لذلك فإن هذه المواقف، أسست أعمدة صلبة وقوية وركائز متينة لعلاقات أخوية تاريخية تجسد وحدة المصير، بين الكويت ومصر، من هنا فإن مكانة البلدين فى قلوب الشعبين ليست محل للنقاش.
الحقيقة أن مشاعر وحفاوة الاستقبال الكويتى الصادقة، للرئيس السيسى فى زيارته تمنحنى اطمئناناً وسعادة أن العمل العربى المشترك بخير، وأن هناك إدراكاً حقيقياً لطبيعة التحديات والتهديدات والمخاطر التى تشهدها المنطقة العربية، ومن هنا فإنه لا سبيل لمواجهة الأطماع إلا التضامن والعمل العربى المشترك والوصول بالعلاقات إلى حد الشراكة والتكامل، والكويت الشقيقة التى زرتها أكثر من ثلاث مرات تتسم بالخصوصية الشديدة سواء فيما يجمع بين الشعبين الشقيقين من أخوة حقيقية واحترام متبادل وإدراك وإيماناً بأهمية تطوير وقوة العلاقات بينهما، وأستطيع القول إن القاهرة والكويت لم يخذلا بعضهما البعض على مدار تاريخ العلاقات لذلك تمثل العلاقات الثنائية بين البلدين فى كافة المجالات ركيزة أساسية على طريق التضامن والتكامل العربي، خاصة أن الجانب الاقتصادى والاستثمارى والعمل المشترك فى هذا المسار سوف يشهد تطوراً كبيراً من خلال اتفاقيات كثيرة متبادلة فى مجالات عديدة، وأتوقع ضخ المزيد من الاستثمارات الكويتية فى مصر للاستغلال المشترك للفرص العديدة التى أفرزتها تجربة مصر الملهمة فى البناء والتنمية، ومشروعها الوطنى لتحقيق التقدم، الذى قطعت فيه خطوات مهمة للغاية، والحقيقة أن التعاون الاقتصادى الذى يشمل العديد من المجالات يأتى فى وقت شديد الدقة، حيث الصراعات والتوترات، والمخططات، وما لها من تداعيات خاصة الاقتصادية.
زيارة الرئيس السيسى للكويت الشقيقة ونتائجها المنتظرة والمتوقعة، تمثل نقطة فارقة فى مسيرة العلاقات التاريخية بين البلدين، وتضاف إلى سجل المواقف الخالدة بينهما، على كافة الأصعدة، والزيارة تعد من الأوراق المصرية المهمة، فى التوجه إلى الشقيق الوفى الذى لا يعرف إلا المساندة والدعم ومواقف الرجال.