«اللى ما يشوف من الغربال أعمى» مثل شعبى مصرى.. وأعنى من لا يشوف التحديات والتهديدات التى تواجه مصر فى الداخل والخارج أعمى أيضا، بمعنى آخر فى الوقت الذى لا تنام فيه القيادة السياسية، من فرط التحديات والتهديدات التى تأتى من كل حدب وصوب وصراعات واضطرابات فى المنطقة ومخططات ومؤامرات وحرب إبادة ومحاولات لفرض أمر واقع وممارسة ضغوط على مصر مع صلابة ومواقف راسخة وشريفة واصطفاف وطنى نجد فى كل هذا الزخم وبالإضافة إلى التداعيات الاقتصادية لهذه الازمات والصراعات الإقليمية والدولية أن البعض منا مصاب بالعمى يغرد خارج السرب، وللأسف هذه التصرفات والأفعال ليست من المواطن الذى يتحمل بصبر ورضا ووعى ووطنية ويصطف خلف القيادة السياسية ويدرك حجم الجهود التى تبذلها ولكن تأتى من بعض المسئولين الذين غابت عنهم الكياسة السياسية أو الوعى بما تتحمله مصر وقيادتها السياسية يعنى «أن الأمور مش ناقصة» وأيضا لسنا فى حاجة إلى هؤلاء الذين يتمتعون بالنرجسية، وتضخم الذات وإعلاء المصلحة الشخصية، وعدم الوعى خاصة أن المسئول أو الكبار فى عدد من القطاعات سواء التنفيذية أو الرياضية أو التعليمية المفترض أنهم احرص الناس على إعلاء المصلحة الوطنية والعمل على الوحدة وليس الفتن والتعصب أو افتعال الأزمات والمشاكل وامتلاك الحكمة فى التعامل مع صغار التنفيذيين وقلت فى مقال الأمس تعلموا من الرئيس عبدالفتاح السيسى الرقى، والأدب والخلق الرفيع، واحترام الآخر، فإذا كنت مسئولاً ليس من حقك إهانة الآخرين، أو التحقير منهم ولكن من حقك اتخاذ القرار، سواء بالتكريم أو التصعيد أو العزل والعقاب ولست فى حاجة إلى صراخ وعويل واساءات واهانات تلك هى علاقات العمل وأسسها.
ولا أدرى كيف تصل الأمور إلى المشاجرات وتبادل الشتائم بين مسئولين تنفيذيين فى إحدى محافظات الصعيد وفى حضور المحافظ أمام المواطنين الذين عبروا عن استيائهم من هذا الموقف، والسؤال ألم يكن النقاش والحوار فى المكاتب والغرف المغلقة أفضل، ألم يكن وضع قواعد ومراسم لمن يجلس يمين المحافظ وشماله أو فى الصور الجماعية، هل وصلت الأمور بين مسئولين تنفيذيين فى وقت بالغ الدقة إلى هذا المستوى «الصبيانى» وآسف على استخدام اللفظ لذلك لابد من وقفة وحساب وضرب بيد من حديد، ثم ما هذه الحرب على وزير التربية والتعليم فى «واقعة الباجور» لماذا لا يحسم الأمر ثم لماذا يتحدث البعض بلسانه ونيابة عن الوزير، ويتصرف نيابة أو بالوكالة عنه ثم لماذا يصر بعض المسئولين على التعامل مع المواطن بأسلوب غير سياسى، لابد من التعليم والتدريب والتأهيل على كيفية التعامل والتواصل مع المواطنين سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، وأيضا كيفية التعامل مع الإعلام وامتلاك القدرة على الرد على أى سؤال خاصة أن الرئيس السيسى يؤكد على أهمية ذلك، «قولوا للناس» وأهمية بناء الوعى الحقيقى أتمنى أن أرى فى الأسبوع على الأقل ثلاثة وزراء على الشاشات يتحدثون إلى الناس فى كل ما يهمهم، والرد على تساؤلاتهم عبر الوسائل الالكترونية ففى هذه المرحلة الدقيقة، التواصل أمر غاية فى الأهمية.
نصل إلى الكارثة الحقيقية وهى الفتنة الرياضية والأدق الفتنة الكروية وعودة الاحتقان بين الأهلى والزمالك أكبر أندية الشرق الأوسط ليس فقط فى اللغط على إلغاء أو لعب مباراة القمة ولكن أيضا فى الإقدام على أمور نسيناها وكان المفترض عدم الاقتراب منها فى هذا التوقيت بالذات فى ظل تداعيات الأزمات الاقتصادية للصراعات الإقليمية والدولية، نجد الأحاديث عن عشرات وربما مئات الملايين التى يتقاضاها لاعبون كرة القدم وهو استفزاز غريب يفتقد للكياسة والرؤية والأدهى والأمر عودة حرب اللاعبين بين القطبين فالنادى الكبير يتعاقد مع نجم الفريق المنافس بعرض مغر، واللاعب يتلاعب بطريقة الذى مازال متعاقدًا معه، والمنافس يأخذه سرًا إلى السفارة لاستخراج التأشيرة للسفر إلى الولايات المتحدة للمشاركة فى بطولة مهمة قبل أن يحق له الإعلان عن التعاقد ثم النادى المنافس بدأ وأعلن الحرب والتخطيط لرد الصفعة، وخطف نجوم الفريق الآخر هذه ليست القضية ولكن القضية، هى جمهور الناديين الكبيرين وعودة الفتن الكروية، والاحتقان بين الجماهير لتسمع شتائم وسبًا وقذفًا، ولا قدر الله ربما اعتداءات أو سكتات قلبية ودماغية بسبب التعصب وأقول هذا المناخ الرياضى والكروى المتوترلا يصلح على الاطلاق فالمشهد الكروى برمته تسوده الفوضى، ولا يوجد لاعب محلى فى الدورى المصرى يستحق أكثر من عشرة ملايين جنيه فكيف أدفع 100 مليون جنيه فى لاعب سنويًا وهو لا يجيد المرور من مدافع ولا يصنع الفارق والفريق ليس فى حاجة له وسوف يثير الفتن داخل النادى لذلك المشهد الرياضى فى مصر فى حاجة إلى إعادة ترتيب وصياغة يحكمها القانون واللوائح بشكل صارم تنطبق على الجميع دون النظر إلى ألوان «الفانلات» أو الأشخاص ولا مجال فيها لمجاملات لذلك حنانيكم بالجماهير، وضعوا فى عقولكم ما هو أهم فى هذه الفترة التى تواجه فيها مصر وقيادتها السياسية ومؤسساتها طوفانًا من التحديات والتهديدات تستلزم الاصطفاف الوطنى وأن يكون الجميع على قلب رجل واحد، بالتالى لسنا فى حاجة إلى افتعال مشاكل وأزمات صغيرة وتوافه الأمور، ويمكن ببساطة أن نتجنب ذلك بسهولة فالكياسة السياسية مطلوبة وضرورة والبصر والبصيرة مهمان فى هذا التوقيت أما اللامبالاة والخروج عن السياق والبحث عن المصالح الشخصية الضيقة لذلك لابد أن نتخذ قراراتنا، وأفعالنا وسلوكياتنا بعد تفكير وحسابات عميقة ونراعى الظروف والتوقيت ولا نسمح للفتن أن تظهر أو الجدل أو السقطات، وقبل أن نقدم على خطوة نستشرف أعراضها الجانبية، فهناك من يريد أن يفت عضدنا، ويفرق بيننا ويضعف اصطفافنا، ومن لا يرى فى نفسه القدرة على مواكبة هذه الفترة وشروطها ومتطلباتها عليه أن يعتذر وهو سلوك الفرسان رحم الله إمرءًا عرف قدر نفسه، أما فتحة الصدر والتهور والاندفاع وعدم السيطرة والارتجالية والعشوائية وعدم الرؤية من الغربال والانفصال عن الواقع ستكون عواقبها وخيمة وكارثية لا يقبلها أحد، ولا تتحملها البلاد.
نحتاج إلى نضج وكياسة سياسية، وأن ينظر الجميع إلى مصلحة البلاد فى ظل هذه الظروف فمصر أكبر وأهم من الأشخاص والأندية والرئيس السيسى قالها قبل سنوات «اللى مش قادر واللى خايف يعتذر.. تحيا مصر.