أعلن وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، عبر منصة «تيلجرام»، عن انتهاء الجولة الأولى من المحادثات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية بشأن البرنامج النووي.
وأوضح عراقجى أن المباحثات التى عقدت فى سلطنة عمان وبوساطة منها، تناولت رفع العقوبات والبرنامج النووى مشيرًا إلى إجراءها فى أجواء بناءة.
فى نفس السياق، كشفت وكالة رويترز نقلا عن مصدر عُمانى أن المحادثات بين الجانبين ركزت على تهدئة التوترات الإقليمية وتبادل السجناء، فضلاً عن التوصل إلى اتفاقات محدودة لتخفيف العقوبات مقابل كبح البرنامج النووى الإيراني.
وقال المصدر: «تبادل كل من عباس عراقجي، وزير خارجية الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وستيف ويتكوف، المبعوث الخاص للرئيس الأمريكى لشئون الشرق الأوسط، وجهات نظر ومواقف حكومتيهما فى أجواء بنّاءة يسودها الاحترام المتبادل، مضيفاً أن الجانبين اتفقا على مواصلة هذه المحادثات الأسبوع المقبل.
وأشار حساب وزير الخارجية العُمانى على تليجرام إلى أنه عقب أكثر من ساعتين ونصف من المفاوضات غير المباشرة، أجرى رؤساء الوفدين الإيرانى والأمريكى حديثًا قصيرًا بحضور وزير الخارجية العُمانى قبل مغادرتهم موقع المحادثات.
فى وقت سابق كان المتحدث باسم الخارجية الإيرانية قد أعلن عن بدء هذه المباحثات، مشيرًا إلى أنها تُجرى فى مكان واحد ولكن فى غرفتين منفصلتين، بإشراف عُماني. وبدأ الوفد الإيرانى اجتماعاته بلقاءات مع مسؤولين عمانيين، فى مقدمتهم وزير الخارجية بدر البوسعيدي، حيث بحث الجانبان الترتيبات الخاصة بالمحادثات مع الجانب الأمريكي.
مع انطلاق المفاوضات بين واشنطن وطهران اتجهت أنظار العالم عما ستسفر عنه النتائج، لا سيما أنه قبيل انعقاد المباحثات بين الجانبين، صدرت تصريحات أشارت إلى امكانية التوصل لاتفاق، لكن أيضاً كانت هناك مؤشرات على بعض التعنت من كلا الجانبين، الذى قد يدفع باتجاه فشل المحادثات التى سيترتب عليها، إذا حدث ذلك عواقب كارثية.
خاض المفاوضات وفد إيرانى يترأسه وزير الخارجية عراقجي، فيما قاد الوفد الأميركي، المبعوث الخاص للرئيس دونالد ترامب، ستيف ويتكوف.
وذكرت الخارجية الإيرانية فى بيان، أن عراقجى أشاد بما وصفته بـ «النهج المسئول» لسلطنة عُمان تجاه القضايا والتطورات الإقليمية.
وقبل ساعات من بدء المحادثات بين ويتكوف وعراقجي، قال ترامب على متن طائرة الرئاسة «إير فورس وان»: «أريد أن تكون إيران دولة رائعة وعظيمة وسعيدة، لكن لا يمكنهم امتلاك سلاح نووي».
يبدو أن الجانبين الأمريكى والإيرانى جاءا إلى عمان بنية الرغبة فى التوصل إلى تفاهمات بشأن الاتفاق النووي، دللت عنها بعض المؤشرات الإيجابية الصادرة من بعض المسئولين فى كلا الجانبين.
لكن مع الضغط الأمريكى الذى يتمثل فى التصريحات الصادرة من ادارتها باستحالة امتلاك طهران للسلاح النووي، واصرار إيران على أن برنامجها النووى يستخدم فقط للأغراض السلمية دون غيرها، وسط تهديدات من البيت الأبيض باستخدام القوة العسكرية فى حال فشل الاتفاق، تكمن صعوبة المفاوضات، لا سيما أنها تتوقف على ضرورة تقديم تنازلات من كلا الجانبين للوصول إلى نقاط تلاقى يمكن من خلالها نجاح المسعى من الحدث.
فى هذا الصدد، نشرموقع «أكسيوس» تقريراً اخبارياً نقل فيه على لسان مسئول فى إدارة ترامب بأن واشنطن «مستعدة لتقديم تنازلات» من أجل التوصل إلى اتفاق مع إيران بشأن برنامجها النووي.
كما نقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن ويتكوف، قوله إن «الخط الأحمر» للإدارة الأمريكية هو منع إيران من إنتاج سلاح نووي، وإن تفكيك برنامجها ذى الصلة هو المطلب الأول، لكنه أشار إلى أن واشنطن ستكون منفتحة على «طرق أخرى من أجل التوصل إلى تسوية».
ومن الجانب الإيراني، أكد وزير الخارجية أن هناك فرصة حقيقية للخروج بتفاهم أولي، إذا خاضت أمريكا المحادثات على أساس التكافؤ.
أضاف عراقجى «إذا كان الطرف المقابل قد دخل فى المفاوضات من موقع التكافؤ، فهناك فرصة للتوصل إلى تفاهم أولى يمكن أن يفضى إلى مسار تفاوضي»، وفق ما صرح به للتلفزيون الإيرانى الرسمي.
كما صرح أيضاً بأن بلاده لديها الإرادة اللازمة من أجل ابرام اتفاق يؤدى إلى تحقيق مصالحها الوطنية، وإذا كانت هناك جدية لدى الجانبين فسنتخذ القرار بشأن الجدول الزمنى للمحادثات.
ونقلت وسائل إعلام إيرانية عن مجيد تخت روانجي، نائب وزير الخارجية الإيراني، قوله «دون تهديدات وترهيب من الجانب الأمريكي، سيكون هناك احتمال جيد للتوصل لاتفاق.. نحن نرفض أى إكراه أو استقواء».كما كشفت مصادر عُمانية فى وقت سابق أن احتمال التوصل إلى اتفاق بين الجانبين مرتفع جداً، موضحة أن «المسار الحالى للمفاوضات إيجابي»، وفق ما نقلت وسائل إعلام إيرانية.
تأتى هذه المحادثات التى تعد الأعلى مستوى بين الجانبين اللذين لا تربطهما علاقات دبلوماسية منذ انسحاب الرئيس ترامب من الاتفاق بشأن البرنامج النووى الإيرانى فى العام 2018، وسط توتر متصاعد بين طهران وواشنطن زادت حدته بعد طوفان الأقصى فى أكتوبر عام 2023 وبعد وصول ترامب إلى البيت الأبيض، حيث هدد أكثر من مرة بشن عمل عسكرى على إيران، لكنه أعلن عن المحادثات بشكل مفاجئ قبل أيام قليلة أثناء لقائه رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو فى البيت الأبيض.
يذكر أنه بعد انسحاب واشنطن الأحادى من الاتفاق المبرم مع إيران فى 2015 بين إيران والقوى العظمي، تراجعت إيران عن التزاماتها تدريجيا، وبدأت فى تغذية أجهزة طرد مركزى جديدة فى موقع «فوردو» ما من شأنه على المدى الطويل إحداث زيادة كبيرة فى معدل إنتاج اليورانيوم المخصب عند مستوى 60 ٪ وفق الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وببلوغها هذا المستوي، اقتربت من نسبة 90 ٪ اللازمة لصنع سلاح نووي، الأمر الذى أثار مخاوف عالمية كبيرة.