قوة الشخصية.. وحُسن الإدارة.. وحكمة القيادة.. ليست فى حدة التعامل مع المرءوسين.. ولا فى إظهار عصا السلطة.. ولا التلويح بالعقوبة.. وأنجح المديرين من استطاع أن يأخذ كل ما لدى مرءوسه بالحب والود.. وبحكم الاقتراب من كثير من مدربى الكرة فى المنتخبات والأندية كان أكثر المدربين نجاحاً وإحرازاً للبطولات.. من تعامل مع الجهاز واللاعبين كأسرة واحدة.. وحسن شحاتة.. ومحمود الجوهري.. أفضل مثالين.. حزم من غير عنف.. ولين من غير ضعف.. وأفشل المدربين أعنفهم وأكثرهم شخطاً ونطراً وسباباً.
.. ولأن الإدارة فن وحزم أيضاً.. فإن من حُسن الإدارة والقيادة أن تتخذ قرار العقوبة والابتسامة تملأ وجهك ودون جرح ودون انفعال أو عصبية أو إحراج لمرءوسك.. وتراثناً زاخر بأدبيات التعامل مع الآخر.. حتى عند إسداء النصيحة.. إذا كانت على ملأ فقد أخطأت.. وأحرجت من تنصحه.. ومن أكثر الأمثلة المتداولة عن أدب النصيحة.. رواية الحسن والحسين الصغيرين اللذين شاهدا شيخاً كبيراً يتوضأ ولا يُحسن الوضوء فقالا له.. يا شيخنا.. يا شيخنا.. احكم بيننا.. من الأكثر إحساناً فى الوضوء.. وتوضأ الاثنان أمام الشيخ كأحسن ما يكون.. ففطن الرجل إلى الرسالة وشكرهما.. هذا هو أدب التعامل وأدب النصيحة وحسن التعامل الإنسانى مع الآخر.
>>>
ولدى كل مسئول فى إدارته.. سلطات منحها له القانون فى المناصب الإدارية.. ولم يعد للأقدمية أى اعتبار فى المناصب القيادية والعبرة بالكفاءة والقدرة على العطاء والنجاح وتحقيق الأهداف المنشودة.. وليس هناك حاجة على الاطلاق للتوبيخ والإحراج والنرفزة والتشنج المميت.. واستبعاد أى مقصر واجب وحق قانونى فى يد المسئول من هنا لا أرى أى مبرر على الإطلاق للتوبيخ.
>>>
إن أى مسئول فى إدارته أو وزارته.. من حقه أن يتابع ويختار من يحقق برامجه وينفذ إستراتيجيته ويصل للمستوى والنجاح المطلوب.. ومن حقه أن يستبعد أى مقصر ويعاقب أى مخطئ.. فى حدود القانون.. ودون تجريح أو خروج عن النص الأخلاقي.
ومع خالص تقديرى للمقامات العلمية والكفاءة المهنية والإدارية أيضاً لكل وزرائنا.. ومسئولينا فى المناصب الإدارية العليا.. النجاح مطلوب.. وتحقيق الأهداف العليا لصالح البلاد والعباد أمر ضروري.. وعلى كل عامل فى أى مكان أن يخلص فى عمله ولا يقصر فى أداء مهمته.. ويدرك فى ذات الوقت أن الوزير أو المسئول المكلف بالمتابعة ومباشرة المهام الوظيفية.. ليس عزرائيل.. ولن يقبض روحك حتى لو كنت مقصراً.. فعليك أن تتحمل نتيجة تقصيرك وأنت على قناعة بذلك.. وفى كل دول العالم المتحضر.. حتى وأنت تسير بسيارتك على الطريق وتجاوزت السرعة المقررة.. أو تجاوزت إشارة المرور الحمراء.. تجد من يتابعك ويوقفك على الفور.. ويتلو عليك الخطأ أو الجريمة التى ارتكبتها.. ويخبرك بعقوبتها وينفذ فوراً وأنت قانع بما ارتكبت.. صحيح أن الأعمار بيد الله وحده.. لكنها أسباب.. والمسئول الذى يتابعك.. لن يأخذ عمرك.. ولن يعزلك وإذا انتقدك أو بمعنى أدق لو انتقد تقصيرك على ملأ رد بكل احترام بما لديك من مبررات فربما تكون أنت على حق.. ولا تتلقى التوبيخ والاتهامات.. وتكتم فى نفسك حتى تنفجر والصواب والصح أن يقوم كل منا بأداء مهمته بأمانة وإخلاص.. فإذا كان هناك ما لا تستطيع إصلاحه ارفع ذلك لذوى الأمر.. ولا تترك الأمور تتدهور فإذا تابع مسئول ما لديك صدمك وصدمته بالإهمال وعدم إصلاح العيوب.
إننا جميعاً فى مركب واحد.. والأمانة تقتضى أن يقوم كل فرد بالأمانة التى يحملها على عاتقه.. ويؤدى دوره المنوط به على أكمل وجه.. ويدرك أن ما كان له لا يذهب لغيره وما كان لغيره لن يأتى إليه.. ولو اجتمع أهل الأرض على نفعك أو ضرك لن يكون إلا ما كتبه الله لك!!