لا صوت يعلو فى الأصوات الاقتصادية العالمية على صوت الرسوم الجمركية الجديدة المفاجئة التى اعلن عنها الرئيس الامريكى المثير للجدل دوما دونالد ترامب والتى لم يفرق فيها بين دولة وأخرى ولا صديق أو حليف.. وزاد من الارتباك العالمى فى سوق المال والبورصات العالمية واسعار النفط والذهب.. وكان الرد الصينى الفورى بفرض رسوم عالية أيضا على الواردات الامريكية.. وبدأت الاوساط الاقتصادية العالمية تشهد نوعاً جديداً من الحروب التجارية العالمية فكان من نصيب الواردات الصينية 34 ٪ رسوماً جديدة و30 ٪ على الواردات الأوروبية وكانت رسوم واردات فيتنام 46٪ وواردات مصر والدول العربية 10 ٪ ورأى كثير من خبراء الاقتصاد الامريكيين أنفسهم أن هذه التعريفة الجمركية سوف تعود بالسلب على الاقتصاد الامريكى ذاته وسط توقعات يتراجع فيها معدل التجارة البينية بين أمريكا والاسواق العالمية بأكملها وقطعاً لن تقف الدول الأخرى مكتوفة الأيدى أمام القرارات الترامبية وسوف تحذو حذو الصين فى فرض تعريفة مماثلة على الواردات الامريكية وسوف تتأثر بسيطاً بعض الدول التى تزيد واردات أمريكا لها على الصادرات لكن الغريب والعجيب الذى استوقفنى شخصياً أن أمريكا ذاتها هى التى قادت اتفاقية الجات وجعلت العالم سوقا مفتوحا أمام سلع العالم وتجارة العالم وأضر ذلك كثيراً إنتاج الدول النامية والصغيرة فكيف باقتصادها ينافس اقتصاد وإنتاج دولة إمكانياتها الصناعية والاقتصادية محدودة لا تستطيع منافسة الدول المتقدمة صناعياً واقتصادياً ومع ذلك قالت أمريكا آنذاك وطبقا لقانون الجات إن من لم يوقع على اتفاقية الجات سوف يعزل نفسه وتجارته وإنتاجه عن العالم واضطرت الدول للتوقيع والانضمام للجات.. والآن عادت امريكا ذاتها لفرض قيود جديدة كانت هى أول من رفضها ولكن لأن امريكا هى شرطى العالم الأوحد سياسياً وتجارياً واقتصادياً وقواعدها منتشرة فى ربوع المعمورة فهى تعتبر نفسها الألفه الذى يسير خلفه الجميع.
أعود فأقول إن الدولة التى تمتلك إنتاجاً متنوعاً يكفيها ولديها اكتفاء ذاتى مما تحتاج ويكفى احتياجاتها وتملك قوتها هى التى تملك قرارها وتملك قوة التعامل مع التحديات الراهنة وقد قلت ذلك إبان التحديات التى مرت بالعالم كله إبان جائحة »كورونا« وتأثيرها المباشر على اقتصادات العالم بأسره ثم الحرب »الروسية – الأوكرانية« وتبعاتها التى أدت إلى ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة فى العالم كله.
إن قوة أى دولة فى العالم كله يقاس بقوة اقتصادها وقدراتها على التعامل مع التحديات الراهنة.