ثلاثة أعمال مهمة فرضت نفسها علينا فى النصف الثانى من رمضان، ليس لانها من المسلسلات القصيرة (15 حلقة )، وانما لنوعياتها، وقدرات صناعها على الدخول فى القضية من الحلقة الاولى اضافة الى تميز الكتابة والإخراج وغالبية عناصر العمل، ولنبدأ بمسلسل (مليحة ) الذى كان مفاجأة درامية سارة فى وقت حرج تتعرض فيه القضية الفلسطينية لأقوى هجمات الاحتلال الاسرائيلى بغرض تهجير ما تبقى من الفلسطينيين فى غزة والضفة، وإبادتهم، هنا يستعيد المسلسل هذا التاريخ الطويل من عام 1879 من خلال جزء وثائقى يسبق كل حلقة لتذكيرنا بالماضى بينما يشتد الضرب فى الحاضر من خلال فريق عمل مجتهد يقوده المخرج الكبير عمرو عرفة وعن نص للكاتبة رشا عزت الجزار واختيارات مهمة فى التصوير والمونتاج وكل العناصر، وربما لاول مرة يقدم ممثلون من فلسطين قضيتهم من خلال الدراما المصرية مع مصريين وسودانيين فى تعبير مهم عن علاقة تفوق الأخوة بينهم وبين مصر والمصريين، وسنعود الى المسلسل بعد الحلقة الأخيرة.
بدون سابق إنذار
أما مسلسل (بدون سابق إنذار ) للمخرج هانى خليفة عن قصة ومعالجة درامية للمى كفارية، وسيناريو وحوار كل من عمار صبرى وسمر طاهر وكريم الدليل فهو يطرح علينا قضية شائكة تخص اكتشاف زوجين شابين أن طفلهما ابن السنوات الستة ليس ابنهما، وانه حتى وثائق المستشفى ووزارة الصحة ضائعة، وهو ما يقلب حياتهما ويصل بهما إلى غضب وصراع متواصل بين البحث عن الحقيقة ورعاية الابن المريض والدائم الذهاب للمستشفي، وبين الانتباه للعمل، ويؤدى بكل منهما الى الإحباط والغضب من النفس، ومن الطرف الآخر، وحتى الطلاق.
جودر.. بين الملك والسياف
يدخلنا مسلسل (جودر) إلى عالم مختلف، وبراح فى الزمان والمكان وكل التفاصيل التى نراها على الشاشة والتى قد تتجاوز خيالنا، أنه المسلسل الذى يعود بنا إلى عالم الف ليلة وليلة، هذه القصص الخيالية التى بدأت معنا فى الاذاعة المصرية بحلقات شديدة الجاذبية تعتمد على سماع صوت الملك (شهريار) والأميرة شهرزاد التى تحكى له حكاية مساء كل يوم ولا تكملها حتى لا يقطع السياف رأسها كعادة الملوك زمان، فتدعى النوم مؤكدة انها ستكمل الحكاية غدا قائلة بصوت ناعس: مولاى (كانت زوزو نبيل هى شهرزاد الاذاعة وقتها)، وبعدها انتقلت الف ليلة الى التليفزيون المصرى مع بداية صعود انتاجه الدرامي، وتوقفت لفترة طويلة، لاسباب إنتاجية غالبا، لتعود هذا العام من خلال نص للكاتب أنور عبد المغيث، والمخرج إسلام خيري، وزخم إنتاجى كبير شاركت فيه شركتان بدعم الشركة المتحدة، لنرى على شاشاتنا التليفزيونية الآن اكبر، وأروع عمل خيالى يجمع بين فانتازيا النص الدرامي، وفانتازيا الأداء بقيادة ياسر جلال فى دورين (شهريار وجودر المصري) وحيث تبدأ الحلقات بشهريار يسمع حكايات شهرزاد كل مساء وبعدها يأتى السياف المتحمس (محمد فتحي) ليقطع رأسها، وهو ما اجهز على اغلب نساء المملكة وأثار غضب الملك حين لم يجد واحدة تحكى له حكاية قبل النوم فطلب من وزيره (سامى مغاوري) البحث عن نساء، واثناء تفكيره طلبت ابنته ان تقوم بالمهمة، رفض الاب لكنه وافق اخيرا. وكانت قد أعدت خطة لكى لا تصل للمقصلة، وهكذا بدأت شهرزاد الجديدة (ياسمين رئيس) خطتها بالتوقف عن إكمال الحدوتة مساء، وادعاء الارهاق والحاجة للنوم، فيضطر شهريار لإبقائها ليلة على قيد الحياة حتى تكمل الحكاية، وهو ما رأيناه فى الحلقات الاولى من خلال ديكورات وملابس ولوازم القصور على اعلى مستوى قبل ان يأخذنا المسلسل للجانب الآخر منه، قصة جودر المصرى بما تتضمنه من خيال يفوق الخيال مع شخصيات يلعب ادوارها، عبدالعزيز مخيون ووفاء عامر، ونور، وشيرى عادل، ووليد فواز، وايضاً الفنان الكبير رشوان توفيق، وغيرهم، وليؤكد هذا العمل، بعد سبع حلقات، أنه عودة جديدة ومهمة للدراما التى تقدم العوالم الخيالية فى قصص تراثنا، والتى تحتوى على أفكار وأحداث مهمة عبر الخيال، وهو ما يجعلها مهمة فى السنوات القادمة لتقديم أعمال اخرى عن هذا التراث الخيالى بنفس المستوى كما فعلت دولة مثل امريكا فى تقديم الأعمال الخيالية مثل هارى بوتر ومارفل وحرب النجوم.