مصر لم تخرق اتفاقية السلام بين البلدين..
مصر حريصة على السلام
لم تتوقف إسرائيل طوال الأشهر الماضية عن الكذب بحديثها المغلوط عن أن مصر تخرق اتفاقية السلام الموقعة بين مصر و إسرائيل عام 1979، وتبدا الكذبة عادة من أحد المنصات الإعلامية مثل صحيفة «يسرائيل هيوم»ثم تنطلق إلى باقى المنصات لإحداث حالة من الجدل من لا شىء فى توقيت بعينه لتحقيق أهداف سياسية لنتنياهو وحكومته فى ظل أزمتها الكبيرة.
ليست هذه المرة الأولى التى تطلق فيها هذه الأكاذيب، ففى يناير الماضى زعمت القناة 14 الإسرائيلية، انتهاك مصر لاتفاقية السلام مع إسرائيل بأنشطة لوجيستية فى وسط سيناء، وبالتزامن تحدثت أيضا صحيفة «يسرائيل هيوم» عن ضرورة وجود بلادها فى «محور فيلادلفيا» لدعم أمنها.
مصر لم تخرق اتفاقية السلام بين البلدين، بل بالعكس مصر حريصة على السلام، وإذا كان الملحق الأمنى للاتفاقية يتضمن تحديد عدد القوات على الجانبين، فحتى عندما كانت الظروف فى مصر تستدعى مثلا زيادة عدد هذه القوات لظروف محاربة الإرهاب فى سيناء كان يتم التنسيق مع الجانب الإسرائيلى على ذلك وبموافقته، وفقا للمعاهدة، وأى مزاعم عن خروقات، ببساطة شديدة يمكن رصدها لأن هناك لجنة أمنية أممية تراقب التنفيذ والأخيرة لم ترصد أى خروقات.
إسرائيل هى من خرقت المعاهدة أكثر من مرة باحتلالها «محور فيلادلفيا» والجانب الفلسطينى من معبر رفح فى 7 مايو 2024، وانقلابها على اتفاق وقف إطلاق النار المبرم بين حماس فى 19 يناير 2025 وعدم استكمال مرحلته الثانية والتى تتضمن تنفيذ الإنسحاب من «محور فيلادلفيا» الذى يقع ضمن بنود معاهدة السلام الموقعة بين مصر وإسرائيل.
حديثها المغلوط الآن عن خروقات مصرية للمعاهدة له خمسة أهداف:
أولاً: محاولة للضغط على مصر للتأثير على موقفها الصلب الرافض للمخططات الإسرائيلية فى غزة وعلى رأسها مخطط تهجير الفلسطينيين من أراضيهم، وردا على الخطة المصرية لإعادة الإعمار التى تنسف مخطط التهجير.
ثانياً: انزعاج إسرائيل من المساعى المصرية والحشد لنصرة القضية الفلسطينية وجعل الحل السياسى بإقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيه 1967هو الأساس وهو ما ترفضه إسرائيل وتعرقل أى جهود تجاهه.
ثالثاً: إشغال الداخل الإسرائيلى عن المشاكل والانقسامات الداخلية وخسائر الحرب فى غزة وعدم عودة باقى الرهائن، وتبرير انتهاك وقف إطلاق النار فى 19 يناير الماضى وعدم اكمال مرحلته الثانية وارتماء نتنياهو فى أحضان اليمين المتطرف للحفاظ على حكومته من التفكك.
رابعاً: شغل الرأى العام العالمى بقضايا أخرى.. بينما تخطط إسرائيل لتهجير الفلسطينيين ومحو غزة من الوجود والتوغل فى الاستيطان بالضفة الغربية وقتل فكرة الدولة الفلسطينية.
خامسا: قد تفعل إسرائيل ذلك لطلب المزيد من الدعم العسكرى الأمريكى ولو بطريقة غير مباشرة عندما تردد أن حدودها وأمنها قد يتعرضان للخطر.
سجل إسرائيل حافل بانتهاك الاتفاقيات عبر السنين، فمثلا بعد حرب 1967 جعلت حدودها الأولية هى آخر ما وصلت إليه قواتها العسكرية أى 77 ٪ من مساحة فلسطين التاريخية، وليس ما تضمنه قرار التقسيم عام 1948 أى 55 ٪، وفى عام 1967 احتلت ما تبقى من فلسطين: الضفة الغربية، وقطاع غزة، والقدس.
وفق الاتفاقية أوسلو بين منظمة التحريرالفلسطينية، وإسرائيل عام 1993 كان من المنتظر خلال 5 سنوات أن تتم مناقشة قضايا الحل النهائى كالاستيطان، والقدس، والأمن والحدود، واللاجئين تمهيدًا لإقامة دولة فلسطينية مستقلة، لكن إسرائيل تنصلت واستولت على أراضٍ واسعة من الضفة والقدس، كما فرضت حصارًا قاسيًا على قطاع غزة ليصعُب إقامة دولة فلسطينية.