كثيرا ما وجدنا أخطاء مطبعية ونحن نمارس فعل القراءة، لكننا نتغلب سريعا على هذا الخطأ المطبعى أو ذاك من خلال فهم السياق العام لما هو مكتوب، ونتغاضى دوما عن الوقوف عند هذه الأخطاء، فهى دوما غير مقصودة وتنتج لأسباب عديدة تعود معظمها إلى أخطاء واهمال بشري، كل هذا طبيعي، لكن هل قابلت أحدهم وشعرت أنه «خطأ مطبعى «فى حياتك أو مسيرتك ؟ لقد تقابلت مع أشخاص عديدين فى مجالات مختلفة وأجواء ومواقف متباينة، وكنت أنظر الى بعضهم على أنه «جملة اعتراضية لا محل لها من الإعراب «كما يقول النحاه، والجملة الاعتراضية هي
«أَنْ يُؤْتَى فِى أَثْنَاءِ الْجُمْلَة بكَلَامٍ فَاصِلٍ، يَتِمُّ الْغَرَضُ الْأَصْلِى بِدُونِهِ وَلَا يَفُوتُ بِفَوَاتِهِ «وكما نقول بالعامية شخص «ملوش لازمة « «وجوده زى عدمه «، أزعم أننى قابلت وتعاملت مع الكثير من الشخصيات التى يمثل كل منها جملة اعتراضية أو خطأ مطبعياً، وعلى المستوى العام يلاحظ كل منا ان هناك أناساً هم والعدم سواء، والغريب ان هؤلاء يرون انفسهم محور الكون وسر وجوده وبقاءه وهم فى الحقيقة «أشياء غير مقصودة «ورغم تفاهة وسطحية تلك الشخصيات الهلامية الهاموشية إلا أننا لا نجيد التعامل معها ولا نعطيها الاهتمام التى تستحقه، ويمكن أن يسأل سائل وماذا نستفيد من اهتمامنا بهذه الشخصيات التى توصف بالحماقة والوضاعة والسطحية والدونية والرخص؟ هذه القضية باتت تشغلنى كثيرا، فمن مطالعة كتب التاريخ تجد أن هؤلاء الحمقى والأغبياء هم من تسببوا بحماقتهم وغبائهم من تغيير مسارات التاريخ، وهنا ألحّ على الباحثين من ضرورة الاهتمام بعلوم الغباء والحماقة أكثر من اهتمامهم بعلوم الذكاء والحكمة، فالأذكياء والحكماء لا يقتلون ولا يشعلون حروبا ولا يسرقون ولا يعطلون مصالح الناس ولا يسيئون الى مجتمعاتهم، الاغبياء والحمقى هم من يصنعون ذلك فقط، وهنا اتساءل لماذا نفرد كل هذا الاهتمام والتركيز فى المكان الخطأ ونترك ما هو أهم وأخطر؟ حيث تهتم الدراسات المستقبلية بالتنبؤ بسلوك القيادات والرواد والزعماء والعباقرة والحكماء والمثقفين المؤثرين، فى نفس الوقت الذى لا تهتم تلك الدراسات بسلوك الاغبياء والموتورين والحمقى رغم أنهم شركاء فى اتخاذ القرارات التى تغير من مصير البشرية احيانا، والتزمت تفسيرك لاندلاع حروب داحس والغبراء وصولا الى الحروب العالمية؟.