سبحان الله.. سبحان مغير الأحوال.. لقد تغيرت الوجوه كثيرا عما ألفته زمانا فى الماضى منذ كنت صبيا أرتع فى قريتى الوادعة فى أحضان الريف.. الرءوس اشتعلت شيبا خاصة الذين من جيلى أو الأكبر عمرا ممن بقى حياً.. وبعضها تخلت عن الشعر الذى كان يزينها فى الصغر – فصارت بيضاء – صلعاء – علامات الزمن وقسوته واضحة على الوجوه التى كانت يوماً تنبض بالحيوية والبشاشة.. فصارت مجهدة.. متعبة.. كالحة.. القوام بعدما كان معتدلا ممشوقا.. أصابه الهزال أو الانحناء.. أصبح العكاز السمة الغالبة فى السائرين ببطء خشية التعثر أو السقوط على الأرض – رغم المصاحبة من الأولاد أو الأحفاد.. الكلمات تخرج من الشفاه إلا بالكاد.. الأعين زائغة تعلوها النظارات الطبية.. ولكن المشهد العام تحفه السعادة البالغة وتدور الرءوس للبحث عما كانت تحب وسط الدهشة المنعقدة على الألسنة.. وهى ياه.. فين أيام زمان!!
هكذا.. كان انطباعى وشاغلي.. وأنا على مائدة الرحمن الرمضانية فى مضيفة آل سليمان ببلدتى كفر السحيمية بمركز زفتى بمحافظة الغربية.. مسقط رأس كل هؤلاء الذين تضمنه شريط ذكرياتى منذ أن دلفت من الباب وحتى الجلوس على احدى الموائد المنتشرة فى المضيفة التى تسع لحوالى ألف شخص والتى تمت انشاؤها بالجهود الذاتية لتكون مقرا يجمع أفراد العائلة المبجلة فى السراء والضراء.
جمعتنى المائدة الرمضانية بابن ابن عمى أى الجيل الثالث سألته.. لم أرك العام الماضي.. فقال لم أكن أعرف إلا بعد أن دعانى الحاج نجيب سليمان المشرف على هذه الفكرة الرائعة التى تم تنفيذها من العام الماضي.. فبادرت على الفور بتلبيتها لأنى فى اشتياق لرؤية أهلى وعشيرتي.. فأنا نشأت فى القاهرة وصرت ضابطا بالقوات المسلحة.. وتدرجت فى المناصب حتى وصلت إلى درجة اللواء فقلت له.. ما شاء الله.. لم أرك منذ كنت صغيرا.. فوصف لى مدى فخره واعتزازه بوجوده وسط أفراد العائلة.. قائلاً انها سنة حسنة أتمنى دوامها والعام المقبل سيكون معى أولادى كى يتعرفوا على أقرانهم من أولاد أعمامهم.. فقلت له هذا هو المراد من تلك المبادرة التى فكر فيها أيضاً الشيخ نظمى سليمان.. وحرص على استمرارها مادام حيا.. كما جمعتنى بأقارب لم أرهم منذ غادرت قريتى إلى القاهرة حيث العمل وراء لقمة العيش كصحفى فى بلاط صاحبة الجلالة.
الحقيقة.. المبادرة آتت أكلها.. فكل الذين جمعتهم المائدة الضخمة كانوا فى غاية السعادة والانتشاء.. فقد تعرفت الأجيال الصغيرة على بعضها وتبادلوا أخذ أرقام الهواتف.. للتواصل وللاطمئنان على بعضهم البعض وتبادل الزيارات حتى الذين حضروا ولم يكونوا من العائلة لقرابتهم من ناحية الأم.. تحمسوا لتلك الفكرة ووعدوا بتطبيقها فى عائلاتهم لما وجدوا فيها من مودة وصلة رحم وتواصل بين الأجيال وخلال تبادل أطراف الحديث بعد التقاط الصور الجماعية.. جاء ذكر الموائد الضخمة بكورنيش الاسكندرية.
وفى المطرية القاهرة.. أكدوا ان العائلية أفضل لأنها تلم شمل العائلة أما العامة بالشوارع فهى تضم الغرباء وعابرى السبيل فقط دون سابق معرفة.
صراحة.. أتمنى من كل عائلة أن تحذو حذو عائلتنا بتخصيص يوم فى رمضان للم الشمل.. وهى غير مكلفة بالمرة حيث يقوم كل فرد بدفع مبلغ من المال حسب المقدرة.. ومع العدد الكبير يتم تدبير المبلغ بزيادة بعد دفع أجر الطباخ والجزار وغيرها من لوازم الوليمة وان كان الهدف الأنبل هو التجمع على مائدة واحدة وليس مجرد لتناول الافطار، فلقاء الأحبة والأقارب أهم من كل الماديات لأن «اللقيا نصيب» ويا عالم الأسرار من سيحضر العام المقبل، المهم توارث الأجيال مثل هذه المبادرات الاجتماعية والانسانية ويكون الكل على قلب رجل واحد وتكون المصلحة واحدة.. حيث تم توفير فرص عمل للشباب خلال تلك المائدة الرائعة.. لم تكن لتتوفر لولا جمعتهم تلك المائدة.. المهم.. لمة العائلة فيها الخير الوفير والتواد وصلة الأرحام.. اللهم فى العام المقبل لا ينقص منا أحد ولا يصاب أحدنا بمكروه.. وأن نجتمع على خير بمشيئة الله.
.. وأخيراً:
> كان الله فى عون الأشقاء فى غزة.. كيف يصومون وسط هذا الجحيم.
> أعتقد ان الأزمة فى غزة ستنتهي.. غصباً عن نتنياهو ومجلس الحرب بعد تدخل واشنطن بقوة لوقف هذه المهازل.
> استاد العاصمة الذى شهد الكأس الودية بين مصر ونيوزيلاندا وكرواتيا وتونس.. حاجة تشرف.
> الكثير من الشركات بدأت تنفذ قرارات الحكومة بتخفيض الأسعار.. برافو.
> مسلسل الحشاشين التاريخي.. يحقق أعلى مشاهدة.. نريد المزيد.