بعد أن عادت إسرائيل للحرب فى غزة بعلم وموافقة واشنطن، وانقلب نتنياهوعلى اتفاق وقف إطلاق النار الذى بدأ فى 19 يناير دون اكتمال مرحلتيه الثانية والثالثة، يطرح السؤال نفسه: أين وعود الرئيس الأمريكى بإنهاء هذه الحرب؟، لاسيما بعدما قالت السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض أن إسرائيل أبلغت البيت الأبيض بأنها ستستأنف الحرب على قطاع غزة!!، بما يشير إلى موافقة أمريكية على المشهد الحالي!!
هل ذهب وعد الرئيس ونالد ترامب أدراج الرياح ؟، فى رأيى أن الرئيس الأمريكى مازال يريد إنهاء هذه الحرب، بل ويصر على ذلك، لأنه يريد أن يكتب اسمه فى قائمة الرؤساء الأمريكيين الحاصلين على جائزة نوبل للسلام، ولوأنهى هذه الحرب وكذلك حرب روسيا وأوكرانيا ستكون فرصته أكبر للفوز بالجائزة، لكن يبدوأن الآلية التى يتم اتباعها لإنهاء هذه الحرب لم تأت بنتيجة حتى الآن فى ظل تمسك نتنياهو بحالة الحرب، ففيها مخرج له من أزماته السياسية المتعددة وكذلك حركة حماس متمسكة بمطالبها لإنهاء تام للحرب وخروج كامل لإسرائيل من قطاع غزة إذا لماذا وافقت واشنطن على استئناف الحرب ما دام الأمر كذلك؟
الحرب التى استئأنفت هذه المرة ليست كالحرب التى بدأت منذ السابع من أكتوبر 2023، بمعنى أنها حرب أقرب إلى التكتيك التفاوضى المتفق عليه بين ترامب ونتنياهو لإنهاك حركة حماس وإرضاخها لتقبل بالشروط الإسرائيلية الأمريكية لإنهاء هذه الحرب، خاصة وأن الولايات المتحدة قبيل ساعات من استئناف هذه الحرب كانت قد قادت مفاوضات جديدة وقدمت مقترحا تبناه مبعوث ترامب للشرق الأوسط ستيف ويتكوف بهدف استئناف تبادل الأسرى وإقرار هدنة مؤقتة، رفضته حماس وفى المقابل قدمت هى الأخرى مقترحًا مقابلاً قال عنه ستيف ويتكوف أنه لا يصلح أن يكون منطلقًا للتفاوض، معتبرا أن الجواب الذى وصل من الحركة بشأن مقترحه لتمديد وقف إطلاق النار فى غزة غير مقبول على الإطلاق.
فى رأيى وفقًا للعقل الأمريكى الحاكم الآن فى البيت الأبيض والذى يملك زمام القرار الإسرائيلى -من دون مبالغة يمكن اعتبار هذه الحرب هى الفصل الأخير والذى بعده سيقوم «رجل الصفقات» ترامب باجبار نتنياهو على صفقة جديدة لإنهاء هذا الملف نهائيا، وإرضاخ حماس بفعل قسوة الواقع على الأرض، صحيح أنها صفقة قد لا تكون مرضية لحماس وقد تميل كثيرًا لإسرائيل، لكنها فى الأخير ستنهى هذه الحرب، ولوأردنا الحديث عن التكاليف فالفاتورة أصبحت كبيرة جدا على كل الأطراف بما فيهم إسرائيل، لكن ما يهمنا هو الشعب الفلسطينى الذى يواجه الجوع والعطش والألم والظلام والموت التدريجي، فيبدو أن من ضمن الخطة أن تسبق هذه الحرب الأخيرة ضغوط قصوى لإنهاك قطاع غزة بمنع إدخال المساعدات وقطع المحروقات والغاز والكهرباء وهذا ما فعلته إسرائيل بالفعل قبل أسابيع، حتى لا يجد القطاع أى شيء يبعث على الحياة قترضخ حماس للشروط الجديدة.
نتنياهو سيرضخ لترامب كالعادة لأنه يعرف كلفة معارضته، والدليل أن نتنياهولم يكن منذ البداية مُقتنعًا باتفاق 19 يناير الماضى وحاول كثيرا إفساده، لكنه أُجبِر على الموافقة عليه الاتفاق نزولا على رغبة الرئيس الأمريكى الذى أراد أن يكمل اللقطة بأن يدخل البيت الأبيض باتفاق لوقف النار يحقق له نصرًا معنويًا ليقول أنه مختلف.
من جانبها حماس تعلن أنها لا تزال حتى اللحظة باقية على اتفاق 19 يناير الماضى ومستعدة للتفاوض لاستكماله شريطة أن تجد ضمانات كافية لخروج إسرائيل من قطاع غزة ووقف نهائى للحرب، وتتمسك حماس بورقة الأسرى وتسعى للاستفادة بها أقصى استفادة,بينما يريد نتنياهوإعادة الأسرى بالمجان، من دون وقف الحرب أومغادرة قطاع غزة وهنا تتعقد المسألة، لذلك أقرت واشنطن السيناريوالأخير ليتم التفاوض تحت ضغط الحرب.
فى الخلاصة:على حماس إدراك خطورة اللحظة الحرجة جدا والتعامل بذكاء وحكمة مع المعطيات والأطراف بما فيها واشنطن، من المهم الوصول إلى صيغة توافقية لإنهاء الحرب بالاتفاق مع الوسطاء والمجموعة العربية لتفعيل خطة مصر لما بعد الحرب، ما دون ذلك معناه مزيد من الدمار.