لاحظت- وأتمنى أن أكون مخطئا- أن الخطة المصرية لإعادة إعمار غزة لم تأخذ ما تستحقه من تناول صحفى وإعلامي، اللهم إلا المعالجات الخبرية الطبيعية وبعض التحليلات والتخمينات غير مكتملة النمو الفكري، كنت أتوقع ان تتحول هذه الخطة المصرية التى خرجت من رحم الأزمة الطاحنة التى لم يجرؤ أحد غير مصر من التصدى لها بمنتهى القوة والحكمة، وكنت أنتظر أن تتحول الخطة إلى «مشروع سياسى مصرى ذات توجهات إقليمية» ويصبح هذا المشروع حديث الرأى العام ليس فى مصر وحدها ولا حتى فى المنطقة العربية بل فى العالم كله، العالم كان يحبس انفاسه ويسير على أطراف أصابعه انتظارا للطرح والتصور المصرى تجاه قضية القرن وأزمة هذا الزمان خاصة بعد تصريحات الرئيس ترامب الداعية إلى ان الحل الوحيد هو التهجير، مصر وقفت بقوة وتصدت بحكمة وقبلت أن تحمل فوق رأسها ما لا يتحمله غيرها، كان يجب ان يتحول المقترح المصرى إلى ما يشبه «اختراع الدواء الجديد» الذى سينقذ حياة الملايين، كنت وعلى مستوى شخصى أتتبع بشكل دقيق جميع تحركات وهمسات وتصريحات وإفادات جميع الجهات المعنية بإعداد الخطة بكل زواياها، وكنت أبحث عن كل صغيرة وكبيرة محاولا النظر إلى الصورة بكل أبعادها وزواياها، وعندما وصلتنى نسخة من المقترح كنت أقرأ سطورها بشغف مهنى وفخر وطنى مع شعور فادح بالمسئولية، رغم أننى لست مسئولا رسميا فى اى جهة من جهات الدولة، لكن تملكني- كما العادة- القلق والترقب والحذر، ومع انعقاد القمة العربية الطارئة التى دعت اليها مصر، والتى لم تأخذ ايضاً ما تستحقه من زخم فكرى كواحدة من أهم وأخطر القمم العربية منذ عام 1946 وحتى الآن، ومع تلاوة البيان الختامى وتضمنه الخطوط العريضة للخطة المصرية، انتظرت ان يقف الإعلام بكل أدواته ليصنع من القمة الطارئة والخطة المصرية ما يجب أن يصنع، تخيلت ان هذه القمة عقدت فى دولة عربية أخرى وان هذه الخطة قد قدمتها دولة عربية اخرى شقيقة، كيف سيكون حينها شكل التغطيات؟ يبدو اننا تعاملنا مع الحدث والخطة على انها أحداث عادية وشغل تقليدى فكانت النتيجة شديدة التواضع، الإعلام يا سادة ليس مجرد كاميرات ومصورين تنقل على الهواء فعاليات، والصحافة كذلك ليست أخبارا تردنا من المتحدثين الرسميين لننقلها كما هي، الإعلام كما كنت أتمناه فى مثل هذه المواقف لابد وان يكون اعلاما واعيا بالحكاية والسياق والفكرة ويقوم من خلال أدواته بالتخديم عليها بشكل مهنى وجاذب، بيد أن البعض يتعامل مع الاحداث التى لها صفة تاريخية بنفس طريقة تعامله مع حالة طلاق فنانة نصف مشهورة أو تعرض راقصة درجة ثالثة لحادث مروري، لقد لاحظت ان التعليق على دراما رمضان.
قد سيطر على المزاج العام، واخيراً جاءت مباراة فى كرة القدم بين الأهلى والزمالك وكان السؤال هل ستقام المباراة فى موعدها أم يتم تأجيلها أم سيكون الانسحاب هو المكتوب على الجماهير، لقد بات التريند هو سيد الموقف، وباتت القضايا المفصلية والإستراتيجية منزوية فى ركن بعيد تبحث عن حواريها ومريديها، وعلى سبيل المثال الخطة المصريه التى طرحت على العالم اجمع لدراستها وإبداء أى مقترحات او ملاحظات تجاهها فمصر ستقبل ذلك بصدر رحب بل وتشجع ذلك، الدول الأوروبية الكبرى أعلنت موافقتها على الخطة المصرية، الدول العربية والإسلامية وافقت بالإجماع، وكذلك الصين والبرازيل وروسيا، أما الإدارة الأمريكية فقد أعلنت عن انها قرأت الخطة وبها أفكار جذابة تستحق الانتباه والبناء عليها.