كلما كانت النية صافية خالصة كانت الروح أنقى لتتقبل ضغوط الحياة، ذوات القلب النقى قيمة إنسانية كبيرة نخشى أن نفتقده يوما ما فنحن نحتاج إليه باستمرار لأننا نستمد منه الصدق والطيبة، لذلك فهناك الكثير من الأسباب التى تدفعنا إلى إعلان استسلامنا أمام صفاء القلوب ونقائها والذى يمتلك القوة لمقاومة الشوائب التى تسللت إلى أعماق قلوبنا بهدف القضاء على نقائها وتجريدها من إنسانيتها، ومن الجدير بالذكر بأن الدافع الحقيقى وراء الانجذاب إلى أصحاب القلوب الطيبة هو تعاملهم ببساطة مع كل من حولهم، فالناس سئمت كثيرا من التعامل مع القلوب المريضة التى اختارت طريق الحسد والحقد والغل. للطيبين مكانة رفيعة وكبيرة بين الناس، فالجميع يحب الشخص الطيب صاحب القلب النقى الواضح، لا يخشون مجالسته ويشعرون بصحبته أنهم من الأتقياء الصالحين، وما أجمل صحبة القلوب الطيبة الخالية من البغضاء والضغينة والكره والحقد، الممتلئة بالخير والصفاء وحب الناس. صفاء النفس ونقاء القلب صفتان لا يستطيع الإنسان أن يصطنعهما مهما كان بارعا فى التمثيل. لان الصفاء والنقاء فطرة وهبة من الله وهى من صفات أهل الجنة ومن خصال الأوفياء والعكس صحيح فالقلب الخبيث مصيره أن ينكشف ولا يستطيع الاستمرار فى التمثيل، وسلامة الصدر، ونقاء السريرة من الأمور الدالة، على الإيمان والطمأنينة واليقين ، إن سلامة الصدر تعنى سلامته من كل غل وحسد وحقد وبغضاء، وهى من أعظم الخصال وأشرف الخلال.
إن سلامة الصدر ونقاءه نتاجه مجتمع متماسك لا تهزه عواصف ولا تؤثّر فيه فتن، وهى.. نعمة ربانية، ومنحة إلهية، وهى.. من أسباب النصر على العدو، قال تعالى هُوَ الَّذِيَ أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ ، وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ . فائتلاف قلوب المؤمنين من أسباب النصر التى أيد الله بها رسوله- صلى الله عليه وسلم- وسلامة الصدر سبب فى قبول الأعمال والنجاح فى كل الجوانب الحياتية والعملية، ولا تعنى السذاجة والضعف وليست هى القلب الذى يسهل خداعه إن الحسرة كل الحسرة، والمصيبة كل المصيبة ان تعاشر الناس وتخالطهم وأنت سيئ السريرة، يعجبنى قول عثمان بن عفان رضى الله عنه: ما أسرَّ أحد سريرة إلا أظهرها الله على صفحات وجهه، وفلتات لسانه فى هذا الزمن الذى كثر فيه أصحاب «الوجوه المتلونة» والنفوس المريضة الحادقة «سوداء السريرة» وأصحاب «نقاء السريرة» الذين يتذوقون معانى حلاوة القرب من الله ومخافة الحساب يوم الحساب ويقومون دائما بتصفية «قلوبهم وعقولهم وضمائرهم» من سواد السريرة.. والحقيقة المؤكدة: أن الكراهية والأحقاد هى «رذائل» بشرية تكمن فى النفس وتجذرها وتنحدر بها فاجعل قلبك دائما خاليا من الحقد والغل واحفظ الفضل لمن قام به لك ولا تتعال وتغتر وتتكبر واصدق فى حديثك وأدِّ الأمانات لأهلها وابتعد عن التعصب والجدال واتباع الهوى والمؤكد قولاً واحداً أن صفاء النفس ونقاء السريرة هما الطريق إلى السعادة الحقيقية فى عالم ملىء بالتحديات والضغوط، وهما من أهم القيم التى يجب أن نتمسك بها لتحقيق السلام الداخلى والتوازن فى الحياة. فهما يمثلان الحالة التى يكون فيها الإنسان متصالحاً مع نفسه ومع الآخرين، بعيداً عن الحقد والضغينة، وصفاء النفس الذى ينبع من الإيمان والرضا بما قُسم لنا، والتسامح مع الذات ومع الآخرين.
أما نقاء السريرة، فهو التصرف بنية صادقة خالية من المكر والخداع، بحيث تكون تعاملات الإنسان واضحة ويكون نقى السريرة واضحا شفافا مع من حوله ويكون أكثر هدوءاً وراحة، إذ لا يحمل فى داخله أى مشاعر سلبية تجاه الآخرين والشخص الصافى النية يجذب الناس إليه بسهولة، لأنهم يشعرون بصدقه ولا شك أن صفاء النفس ونقاء السريرة ينتج عنه مجموعة من القيم العظيمة بما يساعد فى التخلص من الأحقاد والضغائن التى تعكر صفو الحياة ومن بين هذه القيم التركيز على الجوانب المشرقة فى الحياة وعدم الانشغال بالمشكلات الصغيرة التى قد تؤثر سلباً إضافة إلى الشعور بالرضا والنظر إلى الآخرين بعين الحب والتقدير بدلاً من الحسد والحقد والواقع أنه عندما يتحلى الإنسان بصفاء النفس ونقاء السريرة، ينعكس ذلك إيجابياً على المجتمع ككل، فتنتشر المحبة والتعاون بدلاً من الكراهية والتنافر، ويصبح المجتمع أكثر ترابطاً وقوة، والحقيقة أن صفاء النفس ونقاء السريرة ليسا مجرد مفاهيم نظرية، بل أسلوب حياة يساعد الإنسان على العيش بسلام داخلى .لذا، علينا السعى لتحقيقهما من خلال تعزيز القيم الإيجابية فى حياتنا والتخلص منطكل ما يعكر صفو أرواحنا، لأنهما مفتاح السعادة وراحة البال فى زحمة الحياة وضغوطها المتزايدة، لانهما ركيزتان أساسيتان تمنحان الإنسان شعوراً عميقاً بالرضا والسلام الداخلى.
وختاما فإن صفاء النفس ونقاء السريرة هما سر السعادة الحقيقية فى الحياة. فكلما استطاع الإنسان أن ينقى قلبه من المشاعر السلبية ويتعامل مع الحياة بروح إيجابية، كلما شعر براحة نفسية وسعادة دائمة. فلنحرص جميعاً على التحلى بهذه الصفات الجميلة ولنبتعد عن الابتسامة الصفراء والاحضان الزائفة لتكون حياتنا أكثر صفاءً ونقاءً ولنكون مجتمعا متماسكا متصالحا ينشد النجاح والتقدم والرقى والإزدهار.
حفظ الله مصر وحما شعبها العظيم وقائدها الحكيم