خطوة مهمة اتخذها مجلس الأمن الدولى التابع للأمم المتحدة وإن جاءت متأخرة.. فبعد ١٧١يوماً من الحرب الوحشية على غزة، تبنى المجلس قراراً يطالب بوقف فورى لإطلاق النار خلال شهر رمضان تحترمه جميع الأطراف.. والإفراج غير المشروط عن جميع الرهائن، وضرورة وصول المساعدات الإنسانية لتلبية احتياجاتهم الطبية وغيرها من الاحتياجات الأخري.. نأمل أن تكون هذه ليست سوى خطوة أولى نحو وقف دائم لإطلاق النار.. وانتصار للإنسانية.. جاء القرار بتأييد ٤١ عضواً، وامتناع الولايات المتحدة عن التصويت وأيضاً عدم استخدام حق النقض «الفيتو» ضد القرار الذى قدمته الدول العشر غير دائمة العضوية بالمجلس، ومنها الجزائر العضو العربى الوحيد بمجلس الأمن.
لكن السؤال: هل يؤدى قرار مجلس الأمن الدولى الداعى إلى وقف إطلاق النار فى القطاع إلى إسكات البنادق وتغيير موقف الحكومة الإسرائيلية من الحرب على غزة؟
ردود الأفعال الإسرائيلية عقب قرار المجلس، تثبت عدم اعتراف تل أبيب بمجلس الأمن الدولى ذاته، ولا تهتم بقراراته، فقد سبقه العديد من القرارات الأممية التى لم تمتثل إليها إسرائيل، والدليل على ذلك ما قاله جلعاد إردان السفير الإسرائيلى لدى الأمم المتحدة عقب تبنى القرار، إذ تساءل عن سبب ما وصفه بـ «تمييز» مجلس الأمن بين الضحايا، قائلاً إن المجلس أدان الهجوم على قاعة الحفلات الموسيقية فى موسكو يوم الجمعة الماضي، لكنه فشل فى إدانة هجوم مهرجان نوفا للموسيقى فى السابع من أكتوبر.
وما يشير أيضاً إلى رفض إسرائيل الضمنى لقرار مجلس الأمن ما زعمه إردان أنه على مدى السنوات الـ٨١ الماضية شنت حماس هجمات متواصلة ضد المدنيين الإسرائيليين، وأطلقت آلاف الصواريخ والقذائف الصاروخية العشوائية ضد المدنيين، لكن القرار فشل فى إدانة حماس، وقال إنه كان يجب على مجلس الأمن ألا يكتفى بالكلمات فحسب حول الرهائن التى تحتجزها حماس، بل كان يجب أن يتخذ إجراءات حقيقية.
أيضاً ما يؤكد أن إسرائيل سوف تضرب بالقرار عرض الحائط تصريحات وزير دفاع الاحتلال الإسرائيلى يوآف جالانت، أنه ليس هناك حق أخلاقى لأحد لوقف الحرب دون تحرير المختطفين.، أيضاً ما قاله وزير الأمن القومى الإسرائيلى إيتمار بن غفير إن قرار مجلس الأمن «يثبت أن الأمم المتحدة معادية للسامية، وأمينها العام معاد للسامية، ويشجع حماس». مضيفاً أنه «علينا زيادة التصعيد ومواصلة القتال بكل قوتنا وبأى ثمن لهزيمة حماس بعد القرار الدولى الأخير».
دليل آخر يؤكد عدم التزام إسرائيل بقرار مجلس الأمن وهو تصريحات وزير الخارجية الإسرائيلى يسرائيل كاتس، بأن إسرائيل لن توقف القتال، و»ستقضى على حماس، وستقاتل حتى عودة آخر المختطفين، فيما قال وزير المالية الإسرائيلى بتسلئيل سموتريتش: «لن نتوقف حتى يتم القضاء التام على حماس وإعادة المختطفين». كما ألغى رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو زيارة وفد إسرائيلى لواشنطن، ووصف ما حدث بأنه «تراجع واضح عن موقف الولايات المتحدة المتسق فى مجلس الأمن منذ بدء الحرب»، رداً على امتناعها عن التصويت وعدم استخدام «الفيتو».
كل هذه الدلائل تؤكد أن إسرائيل ستمارس هوايتها فى نقض القرارات الدولية، وعدم الاعتراف بها، فقد سبق لها أن خالفت العديد من القرارات الأممية. لذلك يجب على المجتمع الدولى العمل على ضمان عدم استمرار تفجير قطاع غزة وتجويع السكان، وإجبار إسرائيل على تنفيذ القرار الأممى الأخير.
