أكد الاتحاد المصري للتأمين أن صعود النماذج مفتوحة المصدر، مثل تطبيق DeepSeek، يمثل فرصة كبيرة لشركات التأمين، حيث يسهم في خفض التكاليف، وتحسين دقة التحليلات، وتعزيز التحكم في البيانات.
وأوضح الاتحاد في نشرته الأسبوعية أن الابتكارات الحديثة، مثل تلك التي يقدمها DeepSeek، تعكس تحول الذكاء الاصطناعي من الأنظمة المغلقة إلى بيئة أكثر انفتاحًا، مما يعزز التنافسية العادلة بين الشركات.
وأشار الاتحاد إلى أن تبني شركات التأمين للتقنيات الحديثة يمنحها ميزة تنافسية، من خلال تحسين كفاءتها التشغيلية وتعزيز خصوصية البيانات. ومع ذلك، تظل سرية البيانات تحديًا رئيسيًا في ظل التحديثات المستمرة للبرمجيات مفتوحة المصدر، الأمر الذي يستدعي الاستثمار في أنظمة حماية متقدمة، وتطبيق بروتوكولات صارمة للأمن السيبراني لمواجهة مخاطر الاختراقات المحتملة.
وفي غضون أسبوع واحد فقط من إطلاقه، أصبح تطبيق DeepSeek الأكثر تحميلًا في الولايات المتحدة، متجاوزًا تطبيقات الذكاء الاصطناعي الرائدة مثل ChatGPT. هذا الصعود المفاجئ أثار مخاوف المستثمرين وأدى إلى تراجع ملحوظ في أسهم شركات التكنولوجيا الكبرى، مما جعل البعض يصفه بأنه نقطة تحول في المنافسة بين الولايات المتحدة والصين في سباق الذكاء الاصطناعي.
كيف تفوق DeepSeek على منافسيه؟
استطاعت شركة DeepSeek الصينية تحقيق قفزة نوعية من خلال تقديم نموذج ذكاء اصطناعي عالي الأداء بتكلفة منخفضة. ومنذ ديسمبر 2024، حظيت الشركة باهتمام متزايد عندما أعلنت عن تطوير نموذج DeepSeek V3، الذي يوفر أداءً مماثلًا لنموذج GPT-4o من OpenAI، ولكن باستخدام موارد حوسبة أقل.
وفي يناير 2025، أطلقت الشركة نموذجًا آخر يُدعى R1، وهو نموذج استدلالي تم تطويره باستخدام تقنيات التعلم التعزيزي، مما يجعله قادرًا على حل المشكلات المعقدة بفعالية أكبر. وقد أدى هذا الإطلاق إلى ارتفاع هائل في شعبية التطبيق، متسببًا في اضطرابات في سوق الأسهم.
مقارنة بين DeepSeek وChatGPT
على الرغم من التشابه بين DeepSeek وChatGPT، إلا أن هناك اختلافات جوهرية بينهما:
1-التركيز على الدقة مقابل التنوع: يركز DeepSeek على التحليل العميق والدقة العالية، مما يجعله مناسبًا للأبحاث الأكاديمية والتحليل المالي، في حين يتميز ChatGPT بقدرته على إنتاج نصوص متنوعة تناسب المحتوى الإبداعي.
2-فهم السياق: يُظهر DeepSeek تفوقًا في فهم النصوص الطويلة والمتخصصة، بينما يعتمد ChatGPT على نماذج لغوية عامة، مما يجعله أقل دقة في بعض المجالات.
3-التكامل مع الأنظمة الأخرى: يقدم DeepSeek تكاملاً متقدمًا مع التطبيقات المختلفة، مما يجعله أكثر جاذبية للشركات، بينما يظل ChatGPT الخيار الأكثر شعبية بين الأفراد والمطورين.
4-الدردشة الصوتية: يتمتع ChatGPT بميزة التفاعل الصوتي، وهي خاصية غير متوفرة حاليًا في DeepSeek.
تأثير DeepSeek على سوق الأسهم والتكنولوجيا
أدى الصعود السريع لـ DeepSeek إلى هبوط حاد في أسهم شركات التكنولوجيا الكبرى، حيث فقدت شركة Nvidia حوالي 600 مليار دولار من قيمتها السوقية، مع انخفاض أسهمها بنسبة 17%. كما شهدت شركات أخرى مثل مايكروسوفت، أمازون، وألفابت (جوجل) تراجعات ملحوظة، بينما تأثرت أسهم شركات تصنيع الرقائق مثل ASML وSiemens Energy بشكل كبير.
على الجانب الآخر، حققت Apple مكاسب بنسبة 3.3%، نظرًا لاعتمادها الأقل على الذكاء الاصطناعي التوليدي، ما يعكس تأثير المنافسة المتزايدة على السوق.
الذكاء الاصطناعي المفتوح: ميزة تنافسية أم تهديد؟
من أكثر الخطوات جرأة التي اتخذتها DeepSeek كانت إطلاق تقنياتها بنظام مفتوح المصدر تحت ترخيص MIT مما يسمح لأي شخص باستخدامها أو تعديلها بحرية. هذا النهج يمكن أن يغير قواعد اللعبة في قطاع الذكاء الاصطناعي، حيث:
- يتيح للباحثين والمطورين الوصول إلى نماذج قوية دون الحاجة إلى استثمارات ضخمة.
- يزيد من شفافية التطوير، مما قد يساعد في تحسين أداء النماذج وسد الفجوات الموجودة في الأنظمة المغلقة.
- يشكل تهديدًا مباشرًا لنماذج الذكاء الاصطناعي المدفوعة مثل ChatGPT Plus، والتي تعتمد على اشتراكات المستخدمين.
تطبيقات DeepSeek في القطاعات المختلفة
مع انخفاض تكلفة الذكاء الاصطناعي وتزايد توفره، بدأت الشركات المختلفة في استكشاف إمكانيات
DeepSeek، خاصة في قطاع التأمين، التحليل المالي، والصحة.
1-التأمين وتحليل البيانات الطبية
يمكن أن يلعب DeepSeek دورًا مهمًا في مجال التأمين على الحياة، من خلال تحليل السجلات الطبية وتقييم المخاطر بسرعة ودقة أكبر. كما يمكن استخدامه لاكتشاف عمليات الاحتيال في مطالبات التأمين، مما يقلل من الخسائر المالية.
2-الاكتتاب وتحليل المخاطر
تُعد قدرة الذكاء الاصطناعي على تحليل كميات ضخمة من البيانات ميزة رئيسية لشركات التأمين، حيث يمكن لنماذج مثل DeepSeek التنبؤ بالمخاطر بشكل أكثر دقة، مما يحسن عملية الاكتتاب ويقلل من التكاليف التشغيلية.
3-خدمة العملاء والتفاعل الذكي
يمكن دمج DeepSeek في أنظمة الدردشة الذكية لتحسين خدمة العملاء، من خلال تقديم إجابات دقيقة وسريعة عن الاستفسارات المتعلقة بالوثائق والمطالبات.
تحديات وتوقعات المستقبل
رغم أن النماذج مفتوحة المصدر توفر فرصًا كبيرة، إلا أنها تطرح تحديات تتعلق بـ الأمان السيبراني، حماية البيانات، والامتثال التنظيميمع تزايد اعتماد الشركات على الذكاء الاصطناعي، قد تحتاج إلى استثمارات أكبر في تأمين البيانات الحساسة، خاصة مع تطور الهجمات الإلكترونية التي تستهدف الأنظمة الذكية.
من ناحية أخرى، يثير هذا التحول تساؤلات حول مستقبل هيمنة الولايات المتحدة على قطاع الذكاء الاصطناعي. فمع نجاح DeepSeek يتزايد الاعتقاد بأن الصين قادرة على منافسة الشركات الأمريكية الكبرى، خاصة إذا استمرت في تطوير تقنيات أكثر كفاءة وأقل تكلفة.
أصبح DeepSeek رمزًا جديدًا للمنافسة في عالم الذكاء الاصطناعي، حيث نجح في تغيير معادلة السوق من خلال تقديم نماذج مفتوحة المصدر بتكلفة منخفضة وكفاءة عالية. وبينما تواجه الشركات الأمريكية تحديات غير مسبوقة للحفاظ على ريادتها، فإن التحولات القادمة في الصناعة ستعتمد على مدى قدرتها على التكيف مع هذه المنافسة المتسارعة.
في المستقبل، قد نشهد انتشارًا أوسع لنماذج الذكاء الاصطناعي المفتوحة، مما قد يؤدي إلى خفض تكاليف الاستخدام وتعزيز الابتكار في مختلف القطاعات. ومع ذلك، فإن السؤال الأهم يظل: هل سيظل الذكاء الاصطناعي تحت سيطرة الشركات الكبرى، أم أن الابتكار المفتوح سيعيد تشكيل مستقبل التكنولوجيا؟
