كلما زاد الاحساس بان مشاعر المصريين قد اصابها العطب، وان اخلاقهم لم تعد كما كانت حدثت واقعة تؤكد العكس.. وفى نفس الوقت تجد لنا صورة عند الاخرين لا ندرك نحن ابعادها.. الا فى عيونهم وقلوبهم.
ثلاث وقائع جعلتنى اشعر بأن ما انادى به دائما ويعارضنى فيه البعض بأننى على حق.. بان الشعب المصرى ليس له «كلمة سر».
>> الواقعة الاولى هناك فيديو على «السوشيال ميديا» يسأل فيه مذيع بعض الاخوة الاشقاء العرب عن افضل بلد بالنسبة لهم بعد بلدهم وافضل شعب يريدون الحياة معه..؟!
الاجابة واحدة لاكثر من 10 اشخاص.
> مصر.. الشعب المصري..
والسبب كما يقولون.. لم نر شعبا طيبا ومضيافا مثل المصريين.. ينقذون المكروب ويتدخلون لمساعدة من يحتاج المساعدة رغم عدم وجود معرفة سابقة.
هكذا قال من زار مصر.. ومن لم يزر «المحروسة» يقول سمعت كثيرا عن ام الدنيا وشعبها، ومن كثرة ما سمعت أتمنى رؤيتها.
>> الواقعة الثانية التى توقفت عندها هى الصورة السيئة عن سائقى «التوك توك» وانها اصبحت وسيلة إجرامية انتمى لها العديد من اصحاب السوابق، وكثيرا ما ارتكبت بها العديد من جرائم السرقة والخطف ومخالفة قواعد المرور.. الخ من اشياء نراها ونقرأ عنها جميعا.. لكن منذ ايام قام مواطن بنشر صورة لسائق توك توك بجوار «مركبته» وحكاية تؤكد ان شهامة وأمانة المصريين كنز وبئر لاينتهي.. وما يظهر على السطح مجرد فقاعة فى فنجان.
سائق التوك توك الامين وجد مبلغ 10 آلاف جنيه و»موبايل» بعد نزول رجل وزوجته وطفلهما قام بتوصيلهم إلى عمارة ادارية.. وتتوقف القصة عنده ليستكملها الرجل البسيط الذى اعاد له السائق الحياة.. كيف؟!.
يقول الرجل: ذهبت مع زوجتى وطفلى إلى عيادة احد الاطباء لاجراء عملية جراحية لابني.. وفجأة لم اجد المبلغ الذى جمعته بـ «العافية» لاجراء العملية ومعهم ايضا فقدت الموبايل فى التوك توك.. ودارت بى الدنيا.. كيف سيتحمل طفلى الالم لمدة اخري، وكيف سيقتنع الطبيب بفقد المبلغ بعد ان تم تجهيزغرفة العمليات وفى وسط هذه المشاعر قمت بمحاولة يائسة بالاتصال برقم «موبايلي».
والمفاجأة ان الموبايل رن.. وفجأة رد عليه سائق التوك توك واخبره دون ان يتكلم: «انت فين يا استاذ.. اجى لحضرتك فين؟! «متخافش انا لاقيت الموبايل والعشرة «الاف جنيه».
قال له الرجل بلهفة: «انا فى المكان اللى نزلتنى فيه واعطاه العنوان.. وبعد فترة قليلة وجد سائق التوك توك امامه وسلمه الموبايل واعطاه العشرة آلاف جنيه وعادت الحياة له ولزوجته.. وحين حاول الرجل منحه مكافأة.. رفض قائلا: عيب يا استاذ احنا بنآكلها بالحلال..!!
نفس المشهد تكرر فى مرسى مطروح لكن فى واقعة تكاد تقترب من الخيال فى ظل هذه الظروف الاقتصادية التى يمر بها الناس الآن.
والحكاية بدأت حين كان سائق التاكسى «سامح رجب» جاء من قنا ليقيم فى مطروح منذ 15 عاما، كان يسير بسيارته فى منطقة كوبرى «فوكا» على بعد 80 كيلو مترا شرق مرسى مطروح واثناء سيره لاحظ وجود شيكارة دقيق صفراء ملقاة على الارض بجانب الطريق وبدافع الفضول توقف سامح بسيارته ليتحقق منها ليكتشف بداخلها «رزما» مالية مغلفة..عاد سامح إلى منزله كما تحكى «جريدة المصرى اليوم» حاملا الكيس وهناك بدأ فى عد النقود ليجدها تصل إلى 8 ملايين جنيه موزعة على 400 رزمة، 399 رزمة فئة 200 جنيه ورزمة واحدة فئة 100 جنيه والسؤال هنا ماذا تفعل حين تجد امامك 8 ملايين جنيه، وقد تكون لاتملك 8 آلاف جنيه فى بيتك؟!
وقف سامح امام نفسه ليقهر إغراء المال وليجد ضميره يقول له: الرزق يجب ان يكون بالحلال..!!
فقرر ان يعيد المال لصاحبه بأى طريقة.. وجد امامه الموبايل، فدخل على حسابه على الفيس بوك وكتب على حسابه انه عثر على مبلغ مالى كبير وطلب من اى شخص يدعى ملكيته تقديم دليل واضح عن محتوياته؟!
وخلال ساعات تلقى العديد من الاتصالات، لكن شخصاًً واحدا فقط كان لديه التفاصيل التى تتطابق بدقة مع «الشيكارة» والرزم المالية.
اتفق سامح مع صاحب المال على موعد للقاء، وفى اليوم التالى جاء الرجل إلى منزل السائق الامين ولحظة تسلمه المبلغ عرض الرجل مكافأة قدرها مليون جنيه تقديراً لامانته.
وكانت المفاجأة التى تكشف معدن المصريين انه رفض بشدة، مؤكدا ان المال ليس من حقه، وان ما فعله هو واجب اخلاقى وديني.. رغم ان القانون يتيح له مكافأة قدرها 10٪
هذا هو معدن المصريين الحقيقى الذى يظهر فى الازمات. هذا المعدن الذى قد يشوبه ويغطيه بعض الاتربة فيظن البعض ان الصفيح هو الذهب.. وان الاخلاق السيئة هى الساندة وهى الاصل.