هل أخطأت حركة المقاومة الفلسطينية حماس فى تقدير الموقف قبل البدء فى تنفيذ عملية السابع من اكتوبر الماضي، وإقدامها على أسر وقتل المئات من جنود فرقة غزة التى كانت تمارس القتل اليومى تجاه أبناء القطاع على مدار سنوات طويلة، ثم ما تبع هذه العملية من دفع ضريبة كبيرة من دماء عشرات الآلاف من أبناء قطاع غزة، فضلا عن تدمير معظم قطاع غزة بسبب العدوان الوحشى الذى يمارسه الاحتلال على مدار أكثر من ثمانية شهور؟.
السؤال يثار كثيرًا من قبل بعض المثقفين والكتاب وبعض الشخصيات على وسائل التواصل الاجتماعى وفى المنتديات الثقافية حول ما يتم تسجيله بالصوت والصورة من جرائم صنفتها محكمة العدل الدولية والجنائية الدولية، جرائم إبادة بشرية.
بالعودة إلى ما قبل سبعين عاما، سنرى أن التاريخ أورد لنا حقائق جلية، ولكن ربما تغيب عن البعض ، أولها أن هذا الكيان تمت صناعته من قوى غربية استقدمت مجموعات من يهود العالم إلى أرض فلسطين ثم كونت منهم عصابات مارست القتل والذبح وبقر بطون الحوامل لإرهاب الفلسطينيين ودفعهم خارج قراهم ومدنهم تحت حماية الانتداب البريطانى الذى منحهم السلاح والشرعية والوقت ليمارسوا جريمتهم ثم يعلنوا دولتهم.. وبعد ما يقارب خمسين عاما من السجال والقتل يمنح العالم الفلسطينيين قبلة الحياة للوصول إلى اتفاقية أوسلو التى وقعها ياسر عرفات فى تسعينيات القرن الماضى والتى كان من المقرر أن تفضى إلى إقامة سلطة حكم ذاتى انتقالى سميت لاحقا «السلطة الوطنية الفلسطينية»، وانتخاب مجلس تشريعى للشعب الفلسطينى فى الضفة الغربية وقطاع غزة، لفترة انتقالية لا تتجاوز الخمس سنوات، للوصول إلى تسوية دائمة بناء على قرارى الأمم المتحدة 242 و338، فضلاً عن تسوية القضايا المتبقية بما فيها القدس واللاجئون والمستوطنات.
وخلال الثلاثين عاما الماضية انتهك الكيان الاسرائيلى كل الاتفاقيات واستولى على ما يقارب من نصف الضفة الغربية اقام عليها عشرات الآلاف من الوحدات السكنية للمستوطنين، وممارسة القتل والاعتقال اليومى تجاه فلسطينى الضفة وغزة.
لا أعتقد أن حركة حماس لم تسئ تقدير الموقف واستعدت جيدا بالتدريب والتجهيز العسكرى والتسليح والاستعداد النفسى لاستمرار المقاومة للأبد وهذا ما يتضح جليًا من استمرار الأعمال العسكرية المؤلمة للاحتلال، مستندة على ظهير شعبى صامد وداعم للمقاومة.
وليعلم الاحتلال وداعموه فى الغرب أن تحرير فلسطين من البحر إلى النهر، دم يجرى فى عروق كل فلسطينى، وسوف يحدث ولو بعد 1000 عام.