عندما توليت رئاسة مجلس إدارة مؤسسة دار التحرير «الجمهورية» فى بداية عام 2014 زارنى العديد من السفراء وكبار الشخصيات العربية والأجنبية.. وعندما يعرف أحدهم أن المكتب الذى أجلس عليه هو نفسه مكتب الرئيس الراحل أنور السادات عندما كان يتولى رئاسة الجمهورية بصفته مديرًا عامًا وبنفس صلاحيات رئيس مجلس الإدارة، أفاجأ بطلب واحد على لسان الجميع وهو: أريد أن أجلس على مكتب السادات ويتم تصويرى صورة تذكارية.. ويتكرر نفس الموقف طوال الفترة التى توليت فيها هذه المسئولية بل يزداد الاهتمام عندما يعلم الضيف أن رخصة الجريدة باسم الزعيم الراحل جمال عبدالناصر وأنه والسادات دفعا رسوم الرخصة من جيبهما الخاص وكانت حوالى 300 جنيه عام 1953.
كان ارتباط اسم الجمهورية باسم الزعيمين عبدالناصر والسادات مدعاة لفخر كل من ينتسب لهذه الجريدة التى صدر العدد الأول منها يوم 7 ديسمبر 1953.. واليوم مع مرور 71 عامًا على إصدار الجمهورية لابد أن نتوقف قليلاً مع عدد من الأسماء والأحداث والمواقف التى بنت تاريخ هذه الجريدة وهذه المؤسسة التى تمثل تاريخًا وطنيًا لمصر وتعبر عن دقات قلب الزمن المصرى فكرًا وروحًا وعطاءً وإنجازًا وتميزًا سواء مع الانتصارات أو الانكسارات من خلال روح الوطن وعطاء أبناء الوطن عبر هذه السنوات.
لا يسع هذه السطور أن تذكر أسماء من صنعوا تاريخ هذه المؤسسة أو الجريدة التى نشرف بالانتماء إليها.. سياسيين ومفكرين وكتابًا وصحفيين بل وقراء ارتبطوا بالجريدة وكانوا يقفون بالطوابير أمام المؤسسة انتظارًا لصدور الجريدة.
أسماء مميزة من عمالقة ورواد الصحافة فى مصر بدأوا حياتهم المهنية فى «الجمهورية» أو أحد إصدارات المؤسسة خاصة «المساء والجازيت والبروجريه» وغيرهم، حيث إن هذا الثلاثى الذى تكتمل أضلاعه مع الأم «الجمهورية» يمثلون الإصدارات اليومية الأربعة فى المؤسسة بخلاف الإصدارات الأسبوعية والشهرية والموقع الإلكتروني.. تاريخ حافل بالعطاء والإنجازات والأسماء.
على المستوى الشخصى أدين بالفضل لأسماء مميزة محترمة لها ثقل مهنى وفكرى وأخلاقي.. تعلمت وأبناء جيلى على أيديهم وتعلمنا منهم أخلاق المهنة قبل دروسها.. وكان أول من استقبلنى ووجهنى وساعدنى أستاذى الذى أفخر دائمًا به خاصة أنه ولد وتربى فى نفس المنطقة التى ولدت وتربيت فيها وهو أستاذ الأجيال محمد العزبى رئيس تحرير الاجيبشيان جازيت الأسبق ومدير تحرير الجمهورية الأسبق ابن قرية العزيزة التى تبعد عن بلدتى مدينة الجمالية دقهلية بعضًا من الكيلو مترات فنحن أبناء منطقة واحدة ارتبطت ببحيرة المنزلة.. والعزبى هو رحالة الصحافة السياحية ومفكر وأديب والأهم الخلق الرفيع والتواضع الجم.. ورحم الله أستاذى ناصف سليم رئيس القسم الرياضى وصاحب المدرسة الصحفية المميزة فى مجال الرياضة والذى وصل إلى منصب رئيس الاتحاد الإفريقى للكرة الطائرة ونائب رئيس الاتحاد الدولى ولم يمنعه ذلك عن الصحافة ومبارازاته الصحفية بالقلم.. وكذلك أستاذى محمود معروف الذى كان الصحفى الوحيد الذى تخرج المظاهرات لتهتف له أو ضده وتظل المظاهرات حول الجريدة فى مبناها القديم بالساعات.. وكان مقاله الأسبوعى «تلكس إلي» حديث الوسط الرياضي.. وكذلك جمال هليل وماجد نوار ومحمد جاب الله وغيرهم فى القسم الرياضي.. وفى العدد الأسبوعى كان محمد أبو الحديد نموذجًا للصحفى والمدير ثم رئيس مجلس الإدارة المحترم والمهني.. وكانت ماما عصمت وهى أستاذتنا عصمت حامد رحمها الله العماد الأساسى للعدد الأسبوعى والأم والأستاذة الحنون صاحبة العطاء ورحم الله جمال كمال أفضل محرر عسكرى فى زمانه ومحمود نافع رئيس التحرير الأسبق الذى كان نموذجًا للإنسان والصحفى وصاحب البصمة الإنسانية فى أى مكان.. ورحم الله من توفوا وتركونا كاليتامى من بعدهم.. واللهم امنح الصحة والعافية لأساتذتنا محفوظ الأنصارى الذى علمنا كيف يكون القيادى المهنى الإنسان صاحب العطاء.. وعلى هاشم رئيس مجلس الإدارة الأسبق ورحم الله من أعطوا وأفنوا حياتهم وكانت لهم بصماتهم التى لا تنسى مثل محمد على إبراهيم رئيس تحرير الجمهورية الأسبق ومحمد أبو كريشة وزينات إبراهيم وأستاذ الأساتذة صاحب البصمة الحقيقية فى جريدة الجمهورية الحديثة الأستاذ محسن محمد رحمه الله والذى أعطى للجريدة شكلاً ولونًا مهنيًا مميزًا يخاطب الطبقة المتوسطة والأدنى خاصة القرى والمدن الصغيرة ومراكز الشباب والتعليم والأندية وأول من اهتم بنشر صوت الإنسان البسيط فارتبط البسطاء بجريدة «الجمهورية».
وتميزت «الجمهورية» بالملحق التعليمى ورحم الله يوسف عزالدين ومحمد خليفة وبارك فى الحاليين..
أعلم جيدًا أننى سأنسى أسماء أساتذة كبار تعلمنا على أيديهم وتعلمنا منهم، فالنسيان هى آفة الإنسان بعد سن الستين فأعتذر لهم كثيرًا لأننى بالفعل سأشعر بالندم عندما أتذكرهم بعد النشر.. فإذا تريثنا قليلاً فلابد أن نذكر الدكتور أحمد المنزلاوى شفاه الله ورؤساء التحرير السابقين فهمى عنبه والسيد البابلى وجمال عبدالرحيم سكرتير عام نقابة الصحفيين وعبدالرازق توفيق ولا يمكن أن ننسى أسماء ارتبطت بالجمهورية على مستوى الصحافة المصرية والعربية فقد كان حافظ محمود رحمه الله أول عضو مقيد فى نقابة الصحفيين، وكامل زهيرى نقيب النقباء ويحى قلاش النقابى الأصيل الذى فضل العمل النقابى على أى شيء آخر ويعد النموذج النقابى الأصيل فى عالم الصحافة.. والأستاذ محمد فوده رئيس تحرير المساء السابق ومدير تحرير الجمهورية، وفاروق عبدالعزيز الإنسان المهنى ومراسلينا فى المحافظات وكلهم أساتذة فى محافظاتهم وقدموا النموذج المحترم لصحافة الأقاليم والتى تميزت بها الجمهورية مع الرياضة والتعليم وغيرهما ولاشك أن أساتذة الإخراج الصحفى جعلوا من الجمهورية شكلاً ولونًا مميزًا فارتبطت مع الشعب باعتبارها جريدة الشعب.
لم يكن هدفى أن أذكر أسماء لكن تاريخ الجمهورية الرائع ارتبط بشخصيات لها قيمتها وقامات لها تميزها.. هم الذين صنعوا اسم وتاريخ الجمهورية عبر السنين.
كل عام وجريدتنا فى تقدم وتطور وتظل منبرًا إعلاميًا معبرًا عن الإنسان المصرى وعن نبض الشارع المصرى فى كل المجالات وتظل الجمهورية بفضل أبنائها وشبابها المميز ترمومتر الحياة فى مصر ونبض الشارع المصرى وتقدم المهنية فى أسمى معانيها فى كل مكان.