من غايات التربية الرقمية العمل الممنهج حيال تعريف الفرد بماهية حدوده الجغرافية والسياسية، وتعزيز ماهية الانتماء لهذا الوطن والولاء لرموزه، وهذا يؤدى إلى أن يدرك ماهية الوطن وأهميته؛ حيث المكان الذى يسكنه الأهل والأحباب والأصدقاء وزملاء الدراسة والجيران الذين يحيطونه بالمحبة ويشعر فى وجودهم بالأمان وصدق المشاعر.
ما تقدمه التربية الرقمية من خبرات حول ماهية الوطن تعزز فى خلد ووجدان الفرد وبنيته المعرفية صورة الانتصارات والبطولات والملاحم التى تناولها تاريخه وحضارته، وكذلك من لهم بصمات فى صنع هذا التاريخ وتلك الحضارة من نوابغ وأبطال رسموا خطوط المجد ومهدوا طريقه فى شتى المجالات وسائر الميادين.
تخلق التربية الرقمية المناخ الآمن الذى يعزز الاستقرار وما يرتبط به من محبة وأمن وسلام وتعايش سلمي، وفى المقابل ينتزع من النفوس ما يؤدى إلى الخوف والرهبة والفزع، وهذا فى مجمله يعزز ماهية حب الوطن ومن لوازمه الرئيسة، ومن أسس بقاء وترابط الأوطان ومن دعائم توافر جودة الحياة والحياة الكريمة.
عبر ما يكتسبه الإنسان جراء مناشط التربية الرقمية يستشعر أن عليه حقوقًا يتوجب أن يتحصل عليها وواجبات ومسئوليات يؤديها ويحاسب عليها إذا تجاهلها، وهنا تعلن التربية الرقمية شعار المساواة فى كافة الحقوق والواجبات، ومن ثم تدحض ماهية التمييز بكل صوره، سواءً أكانت مرتبطة بالأصل، أو اللغة، أو الثقافة، أو المعتقد، أو اللون، أو أى متغير من متغيرات الفروق والتمايز بين الأفراد والجماعات والمجتمعات.
من أهم غايات التربية الرقمية من وجهة نظرى أنها تؤصل لماهية الوطنية التى تغرس الولاء والانتماء وتجعل الفرد على أتم الاستعداد لأن يدفع عن تراب وطنه ويحمى مقدراته ويعلى من شأنه ويضحى بكل غال ونفيس فى سبيل الدفاع عن الوطن ويستلهم قوته وعزيمته وإرادته من سيرة الأخيار وأصحاب التاريخ ببلده.
إذا ما غابت أدوار التربية الرقمية ظهرت فى المقابل مظاهر العنف وصور الإرهاب الفكرى والمادي، واستحلت الأعرض والأموال والأوطان ويصبح الإنسان أرخص ما فى الوجود ويباح دماؤه دون وازع، كما لا تراعى مبادئ، ولا قيم ولا يحسب حساب لمعتقد ولا تحترم شعائر، ويلوح فى الأفق خطاب الكراهية ومن ثم النداء بهدم المؤسسات والدول بحجج واهية وشعارات مزيفة تقوم على فكر خرف.