اللواء سمير فرج: المستقبل غامض..ويصب فى مصلحة دول أخرى
اللواء محمد عبدالمنعم: إذا لم يتحد السوريون..البديل ثلاث دويلات
العالم يترقب المشهد السورى بعد استيلاء الفصائل المسلحة على السلطة وتوقعات لما قد تشهده الأيام القادمة.. يطرحها خبراء استراتيجيون ومحللون سياسيون يحذرون خلالها من السيناريو الأسوأ.. واحتمالات تقسيم سوريا وأسباب انهيار جيشها والمستقبل.
يستشرف اللواء سمير فرج الخبير الاستراتيجى والعسكرى ما سوف يكون عليه مستقبل الحكم فى سوريا الجديدة بعد تولى الحكم.. فصائل مسلحة بأنه سوف يصب فى مصلحة دول أخرى على المستويين الدولى والإقليمى وأن ما حدث كان مخططاً له مسبقاً من هذه الدول لرسم خريطة «الشرق الأوسط الجديد» وأن الموقف المصرى ثابت أمام كل هذه المتغيرات وقال :علينا أن نعى ما حدث وما سوف يحدث من أجل الحفاظ على دورنا الإقليمى والحفاظ على التماسك الاستراتيجى فى ظل كل هذه الأزمات التى تعصف بالمنطقة ولن تكون فى صالح استقرار وأمان الدول المعنية.
ونوه إلى أن مستقبل سوريا أصبح غامضاً فى ظل صعود الفصائل ومنها جبهة تحرير الشام التى يتولى قيادتها محمد الجولانى مما يعنى أن الاتجاه إلى إنشاء دولة ذات حكم إسلامى متشدد والسؤال ما مصير الجيش السورى الذى شكل احد أقوى الجيوش فى محيطه وهل سوف يظل أم سوف يتم تفكيكه والاعتماد على عناصر من الفصائل مثلما فعلت إيران وهل سوف تظل القواعد العسكرية الروسية فى أحميم باقية أم سوف تنسحب وما موقف الأكراد والذى تبلغ نسبتهم حوالى 20 ٪ من السكان والذين يريدون إنشاء حكم ذاتى والانفصال وتقسيم سوريا ومن يضع الدستور الجديد وهل يتم التوافق عليه خاصة أنه يحدد نوع الحكم القادم والانتخابات وهل يتم السماح بإشراف دولى عليها ووضع الفصائل ووجود أتباع إيران وحزب الله؟.
اللواء سمير فرج قال: إن وضع سوريا الحالى يمثل حالة صعبة ومعقدة خاصة أن إسرائيل استغلت الحالة واستولت على جبل الشيخ فى المنطقة العازلة على الحدود وأنهت اتفاقية عدم الاشتباك.
وأكد أن ما حدث وتوقيته يعنى الكثير فى ظل الحرب الإسرائيلية فى المنطقة وأن سرعة إنفاذ الأمر يعنى أنه تم بتوافق دولى وشبكة مصالح لا محدودة للذين كانوا يحمون نظام الأسد وتوقع إيقاف حرب أوكرانيا فى أقرب وقت.
وشرح اللواء أركان حرب محمد عبدالمنعم مدير مركز الدراسات الإستراتيجية السابق أسباب انهيار الجيش السورى السريع والمفاجئ والذى يصل قوامه إلى 300 ألف جندى خلال 11 يوماً فقط وقال: ما حدث أن قوات هيئة تحرير الشام تحركت من إدلب شمال غرب سوريا إلى الجنوب نحو العاصمة واستطاعت توحيد الفصائل المسلحة لتقاتل معها وهناك تغييرات أدت إلى فقدان الجيش السورى القوى عدداً كبيراً من قواته خلال 13 سنة من الحرب.
وأضاف أن الجيش السورى خسر جزءاً كبيراً من قواته البشرية بسبب شدة القتال وهروب أعداد أو انضمامها إلى صفوف الفصائل المسلحة والضربات الجوية للقوات الأمريكية مما أوقع بها الكثير من الخسائر بالإضافة إلى تدنى الروح المعنوية وترك الجبهات والسلاح، مشيراً إلى أن العقوبات الأمريكية أدت إلى إفقار الشعب وتطلعهم لإنهاء هذه الحقبة، مشيراً إلى أن سياسة بشار الأسد كانت خاطئة وتفتقر إلى الأولويات مما أدى إلى هروب القوات أمام الفصائل.
أضاف: هناك عوامل أخرى أدت إلى ما حدث أبرزها تخلى إيران وروسيا عن المواقع التى كانوا متمركزين فيها بحميم وطرطوس وعدم قيام الجيش السورى بملء هذا الفراغ وهو خطأ استراتيجى كبير.
ونوه إلى أن أخطر ما تم هو التحرك الإسرائيلى وأنها كانت على علم بما يحدث على الأرض فقامت بعملية إرباك للقوات السورية وضربت جميع مواقع التسليح الإستراتيجية لتأمين الشمال الإسرائيلى وقامت بتدمير المراكز البحثية العسكرية لتصنيع الأسلحة وضرب مبنى المخابرات فى العاصمة دمشق مما أضعف القدرة العسكرية السورية وبذلك تكون إسرائيل أكبر مستفيد من هذا والاستيلاء على السلطة وسقوط الجيش السورى وقبله تقليم أظافر حزب الله بضربة واحدة.
وقال إن هناك أكثر من سيناريو مستقبلى فى سوريا ومنها أن يشكل ائتلاف الفصائل السورية هيئة حكم انتقالى ذات سلطات تنفيذية خلال فترة 18 شهراً وسن دستور خلال 3 أشهر والاستفتاء عليه وبعدها يتضح كيف سيكون الوضع، هل سيكون برلمانياً أم رئاسياً أم مختلطاً والأمر الآخر أن قوى الفصائل طلبت من موظفى الدولة ممارسة أعمالهم لحين انتقال السلطة مما يعنى أنهم خططوا لكيفية انتقال السلطة والائتلاف يتطلع لبناء شراكات إستراتيجية مع دول المنطقة، مضيفاً أن هناك صعوبات فى تنفيذ ما يتم تداوله حالياً لأن هناك أطيافاً واختلافات جوهرية بين الطوائف ويصعب توحيد مقاصدها وإذا لم يتحدوا فإننا أمام سيناريو التقسيم إلى ثلاث دويلات وفقاً لما كان مخططاً له فى خريطة الشرق الأوسط الجديد ولذا عليهم التغاضى عن المصالح الشخصية حتى لا يحدث هذا.
وقال إنه علينا فى مصر أن نعى كل هذه الأحداث الخطيرة وأن نستوعب ما يحدث جيداً وأن تظل مصر متماسكة أمام كل هذه العدائيات فى المنطقة وحفظ الله مصر من كل سوء.
أما د.طارق فهمى أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة فأكد أن المشهد السورى انفتح على احتمالات كثيرة وارتبط الأمر بما هو قادم وجزء منها سيكون مقايضات سياسية كبرى ستحكم الإقليم ونرى أن الأمر أكبر من سوريا لأنها هى البوصلة لما سيجرى لتنفيذ المخطط الذى رسم بالدم منذ عام 2011 والآن يتم استكمال هذا المخطط لأنه أولاً يوجد توافقات بين الطرفين الرئيسيين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا بصرف النظر عن الخلافات، كما يوجد أيضاً التوافقات الروسية الإسرائيلية لأنه كان هناك ما يعرف بالإنذار المبكر المشترك بينهما فيما يعرف بمناطق خفض التصعيد وهى جنوب درعا والسويداء والجولان كل هذه المناطق بها توافقات إضافة إلى الأطراف الأخرى وهى تركيا وإيران وليس من المستبعد ابتعاد البعض عن المشهد ولكنها تبتعد خطوة تكتيكية لترتيب أوراقها وحساباتها فهو انسحاب تكتيكى بعد الانكسار فى مناطق متعددة وبعد ضعف حزب الله.
أشار إلى أننا أمام مرحلة انتقالية تقاس بمنظورين الأول هو كيفية التعامل مع الأطراف الإقليمية خصوصاً أنه سيكون لتركيا وإسرائيل وإيران موقف مما هو جارى وقد سبقت إسرائيل الأحداث بضرب المنشآت المهمة بالنسبة لها وتأمين مناطق التماس والسيناريو الأول بالنسبة لإسرائيل هو احتلال الجولان بالكامل وثانياً تأمين مناطق التماس مع الجولان وما بجوارها بحزام آمن واستهداف المنشآت التى قد تسبب توتراً للداخل الإسرائيلى من أسلحة بيولوجية أو كيماوية قد تستخدمها هذه التنظيمات ضدها والصفقة الكبرى لن تقتصر على سوريا ولا لبنان لاحقاً وإنما ستمتد إلى المشرق. والتعامل مع الحالة السورية ما هو إلا نموذج لأن إسرائيل هى الرابح الأكبر لما يجرى وإضعاف الجيش السورى كان الهدف الأساسى من أجل تأمين حدودها الشمالية والمستوطنات ومن أجل التوسع لاحقاً وكل التعقيدات والانهيارات فى الإقليم تصب فى صالح إسرائيل وأكد أن المطلوب الآن هو إستراتيجية عربية واضحة لأن مخطط التقسيم يعاد تدويره من جديد وهو أمر فى غاية الخطورة على المنطقة.
السفير عمرو كمال حلمى سفير مصر فى إيطاليا سابقاً ومندوب مصر الدائم لدى منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (FAO)، وبرنامج الأغذية العالمى (WFP) والصندوق الدولى للتنمية الزراعية (IFAD)، قال إنه لأول مرة سوف تشهد سوريا حكماً بدون نظام علوى شيعى ونهاية للوجود الأمنى والعسكرى الإيرانى فى البلاد والذى يتزامن مع تقلص النفوذ الإيرانى فى المنطقة بعد الخسائر التى لحقت بإيران فى غزة وفى لبنان وبالتالى نهاية مشروع الهلال الشيعي.
وقال إنه لن يسمح لا إقليمياً ولا دولياً بأن تتولى هيئة تحرير الشام التى يرأسها أبو محمد الجولانى الذى كان ينتمى إلى تنظيم القاعدة وداعش والذى سبق له المشاركة فى الاقتتال ضد الوجود العسكرى الأمريكى فى العراق بتولى زمام الأمور فى سوريا، مضيفاً أنه غير مستبعد أن نشهد مصادمات بين الفصائل العسكرية المسلحة والتى وإن كانت قد نجحت فى إسقاط نظام بشار إلا أنها غير متجانسة فى ظل الاختلافات الجوهرية فيما بينها خاصة بين هيئة تحرير الشام وبين الجيش الوطنى السورى المعارض.
وقال: لن نشهد فى هذه المرحلة مساساً بالوجود الروسى فى سوريا والذى يقتصر على قاعدة طرطوس البحرية وقاعدة حميم باللاذقية، خاصه أنها لا تملك قوات برية على الأرض.
وأضاف أن التحرك المأمول له إقليمياً ودولياً يجب أن يركز فى هذه المرحلة على محاولة تنفيذ قرار مجلس الأمن 2254 الصادر فى 18 ديسمبر 2015، المعطل تنفيذه منذ 9 سنوات، والذى دعا إلى إجراء انتخابات برعاية الأمم المتحدة وتشكيل حكومة انتقالية، والتحرك نحو تحقيق الانتقال السياسى الذى يهدف إلى إنهاء الصراع فى سوريا.
د.سعيد المصرى أستاذ علم الاجتماع السياسى أكد أن سقوط النظام السورى يترتب عليه مجموعة من التداعيات السياسية والاجتماعية التى ربما تكون بعيدة المدي. وقال علينا ألا ننظر إلى المشهد من الناحية الإعلامية كأنه تحرير لشعب وأن الشعب السورى سوف يتحول إلى استقرار ورخاء بل العكس قد يحدث نظراً لمعطيات الواقع ومن تداخل الكثير من الأطراف الدولية حرب أهلية بين مجموع الفصائل العسكرية.
وأوضح أن الشعب السورى متعدد العرقيات والمذاهب الدينية حتى داخل كل مذهب فيه تنويعات كثيرة جداً وبعد رحيل بشار الأسد سيكون هناك التحدى الأكبر لإيجاد صياغة بين هذه الفصائل من أجل التعايش أو الانقسام.
والآن تواجه سوريا مصير التقسيم والمؤشرات تقول إن المجتمعات التى بها أعراق ومذاهب يمكن أن تواجه حرباً أهلية خاصة فى ظل ما يحدث فى المنطقة وحرب غزة وما حدث بلبنان.
قال: الواضح أن موازين القوى اختلت، لصالح إسرائيل وأنها الرابح الأكبر من تفكك الدولة السورية وتحديد المسار داخل سوريا فى المرحلة القادمة.
