اعتمدت مراجع طبية منذ زمن طويل ما يسمى بخريطة القدم.. وملخص فكرتها أن كل موضع فى باطن القدم يجسد ويرتبط بعضو من أعضاء الجسم ويتصل به مباشرة عن طريق النهايات العصبية الطرفية.. والتى يزيد مجموعها على نحو 0007 نقطة فى القدم الواحدة.. مما يجعل من الضغط عليها عن طريق السير الطبيعى محفزا متجددا لتنشيط جميع أجهزة الجسم.
ومن هذا المنطلق كان حال القدم من أهم وسائل تشخيص الأمراض العامة فى جسم الإنسان بل ووسيلة للعلاج أو تخفيف الألم فى بعض الحالات عن طريق التدليك أو بالغمر فى محلول الملح أو الحمضيات أو القلويات بغرض النظافة.
أحد أساتذة التخطيط العمرانى العالميين يرى أن المدن تشبه فى ذلك جسم الإنسان والإقدام هى الميادين الرئيسية فيها.. حيث تتجسد فيها دلالات التحضر أو العشوائية.. الجمال أو القبح.. ويصف الميادين بالمرآة العاكسة لكفاءة نمط إدارة المدن التى تحويها.. أما أن كانت المدينة عاصمة فالحديث هنا له خصوصية لا تخلو من فرط الأهمية.
فى الفترة ما بين عامى 4991 و4002 تولى كل من اللواء عمر عبدالآخر والدكتور عبدالرحيم شحاتة منصب محافظ القاهرة على التوالي.. وكانت الدلالات تؤشر بوضوح إلى أن هذه المرحلة استهدفت إعادة صياغة العاصمة بنقل تجمعات المواقف والأسواق من أماكنها التى ترسخت فيها مئات السنين إلى خارج الكتلة السكنية للعاصمة المتخمة وفتح محاور مرورية جديدة ضمن مخطط شامل كان من توابعه تخطيطا لمعظم الميادين وكان على رأسها ميدان رمسيس الذى تدعم بأسوار وحواجز حديدية وجمالية تكلفت الملايين بهدف تحديد مسارات للمشاة حول الميدان بعيدة تماما عن قلبه.. بل وأوقعت الإدارة المحلية غرامة مالية على المشاة غير الملتزمين بالمسارات المحددة مما ساهم بايجابية فى سيولة نموذجية لحركة مرور الناس والمركبات على حد سواء.
وثمار أنفاق الملايين لم يتجاوز رمشة عين فى عمر الزمان ككل عادة مصرية تتعلق بالنظام حدث ذلك فى مترو الأنفاق الذى كان محرما دخوله على المتسولين والمشردين والباعة الجائلين والأحمال الضخمة والمواد الخطرة.. والآن الواقع يتحدث عن نفسه بعجائب تحت الأرض.. أما فوقها وتحت الشمس وأمام عيون الإدارة يعلن رمسيس تحديه بجدارة.. بعدما احتلته أكشاك وفروشات لسلع وخدمات لا حصر لها.
خلال تولى الدكتور عبدالعظيم وزير منصب محافظ القاهرة بعد المذكورين أعلاه على التوالى وفى عام 9002 نظم جهاز التنسيق الحضارى التابع لوزارة الثقافة مسابقة دولية لتخطيط ميدان رمسيس اشترك فيها أكثر من 001 متسابق من 04 دولة.. وفازت 3 مشاريع لما فيها من مقترحات تطوير جسدت محصلات عبقريات العالم أحدهم مصرى فرنسى مشترك والثانى إيرلندى والثالث تركي.. ومنحت الدولة جوائزها للفائزين برعاية اليونسكو وعرضت المشروعات الثلاثة فى متحف قصر الفنون بالأوبرا فى احتفالية عالمية حضرها رئيس الوزراء فى ذلك الوقت وكانت تلك فعالية نظرية كبدت الموازنة العامة أموالا طائلة وصخبا إعلاميا محليا وعالميا سوق لنا أوهام طار بها العقل وهام بها القلب.
الآن تبدو فى الآفق توجيهات جديدة بتطوير الميدان.. وهو خبر مبهج أن صدق حقيقة.. ولكن يظل السؤال الذى يطرح نفسه.. هل ينتفع المطورون بالمسابقة العالمية الذى نظمها التنسيق الحضاري.. أم أن المشروعات الفائزة عن دراسات متخصصة طواها النسيان وعلينا البدء من جديد.