يبدو أن الرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترامب لايدرك أن منطقة الشرق الأوسط فى عام 2025 غير عام 2017 عندما تولى فترة رئاسته الأولى وأن تصريحاته العنترية التى كان يطلقها من قبل لم يعد لها مكان فى هذا العالم المشحون حاليا بالصراعات والحروب والأزمات والكوارث ..ترامب قبل أن يمسك بزمام السلطة يهدد الشرق الأوسط بأكمله بجحيم إذا لم تطلق حركة حماس سراح جميع الأسرى المحتجزين لديها قبل العشرين من يناير المقبل وهو يوم تنصيبه رئيسا ..وترامب هنا لايهدد حماس وحدها بل يتوعد الشرق الأوسط كله بالجحيم إذا لم تقم دوله بالضغط على حماس لإطلاق سراح الرهائن.
ترامب هنا اختار التصعيد وليس الحل وهو مايتناقض مع وعوده التى وعد بها خلال حملته الانتخابية بوقف الحرب فى الشرق الأوسط والتى كسب بسببها أصوات الناخبين من الجالية العربية والإسلامية ..ترامب تجاهل الجحيم الذى تعيشه غزة منذ أربعة عشر شهرا ..تجاهل استشهاد وإصابة مائة وخمسين ألفا من الفلسطينيين أكثر من نصفهم من النساء والأطفال وركز فقط على إطلاق سراح عشرات المحتجزين..ترامب لم يعنه قطاع غزة الذى شهد ولم يزل تدميرا لم تشهده مدينة فى العالم من قبل بما فيها هيروشيما ونجازاكى اليابانيتان اللتان تعرضت لقنابل أمريكا النووية ولم يفكر فى المأساة التى يعيشها مليونين ونصف المليون فلسطينى لكن حزين لما يعانيه مائة أسير وربما أكثر قليلا.
يبدو أن ترامب غير مدرك حقا بالمتغيرات التى طرأت على الصراع العربى الإسرائيلى وأن إسرائيل التى يدافع عنها باستماتة ليست هى إسرائيل التى كانت تنعم بالهدوء قبل معركة «طوفان الأقصي» وأن الصراع العربى الإسرائيلى شهد تصعيدا خطيرا لدرجة أن إسرائيل صارت لأول مرة منذ زرعها فى المنطقة تتلقى الضربات من ٧ جبهات فى وقت واحد من غزة والضفة الغربية ولبنان وسوريا والعراق واليمن وإيران ..فهل ماشهدته المنطقة من تحييد العديد من هذه الجبهات بشكل أو بأخر سيناريو متفق عليه لتقليل الضغط على إسرائيل وإتاحة الوقت لها لاستكمال مخططها الهادف لتصفية القضية الفلسطينية وتهجير الفلسطينيين؟.
لقد خرجت أكثر من جبهة عن الخدمة بالفعل حيث يشهد جنوب لبنان حاليا هدنة هشة توقفت على أثرها صواريخ حزب الله وتزامن ذلك مع إشعال الصراع الداخلى فى سوريا كما توقفت إيران عن تهديداتها وأصبح الرد الإيرانى القاسى والمؤلم الذى توعدت به من قبل فى علم الغيب بينما تشهد جبهت اليمن والعراق هدوءا نسبيا ..فهل هذا التوقف والهدوء مقدمة لوقف إطلاق النار فى غزة وإطلاق سراح جميع الرهائن ويصبح تهديد ترامب للشرق الأوسط بالجحيم مجرد كلام فى الهوا؟..
عموما يبدو من التحركات الأخيرة أن منطقة الشرق الأوسط مقبلة على التهدئة حيث وافقت حركة حماس على مقترح مصر بتشكيل لجنة لإدارة قطاع غزة كما كشفت مصادر إسرائيلية عن تقديم تل أبيب مقترح لحماس يتضمن صفقة للإفراج عن عشرات المحتجزين مقابل هدنة قد تصل إلى شهرين..فهل نشهد انفراجة قبل العشرين من يناير أم تنتظر منطقة الشرق الأوسط الجحيم الذى وعدها به ترامب؟.